أهم التواريخ في رحلة أرض الفيروز.. منذ الاحتلال حتى تحرير سيناء -إنفوجراف    محافظ قنا يستقبل ذوي الهمم لاستلام أطراف صناعية من مجلس الوزراء    محافظ قنا يحذر أصحاب المخابز السياحية: «لن نسمح باستغلال المواطنين»    مياه الإسكندرية تستقبل وفدًا من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي    "الرقابة المالية" تتيح حضور الجمعية العمومية العادية وغير العادية لصناديق التأمين الخاصة إلكترونيًا    أسامة ربيع يبحث مع السفير المصرى بكوريا الجنوبية سبل تعزيز التعاون فى الصناعات البحرية    6 طرق لتقديم شكوى لتنظيم الاتصالات ضد شركات المحمول والإنترنت    وزير الاتصالات يبحث مع نظيره الليتواني التعاون fمجالات التعهيد والبنية التحتية الرقمية    شكري: معبر رفح لم يغلق لحظة.. ونعمل على منح التأشيرات لراغبي الخروج    «الأمن الروسي»: إحباط هجوم إرهابي في «بريانسك» المجاورة لأوكرانيا    من هم اللاعبين الرئيسيين في المحاكمة الجنائية لدونالد ترامب؟    فتوح يلحق بلقاء العودة بين الزمالك ودريمز في نصف نهائي الكونفدرالية    الصحف العالمية تحتفل بفوز الإنتر ميلان بالدوري الإيطالي    الهلال يواجه العين ب «حلم الريمونتادا» للثأر من الرباعية بدوري أبطال آسيا    وفد من الشباب والرياضة يجري جولة متابعة للهيئات الشبابية والرياضية بالمنيا    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    رئيس الاتحاد الألماني يوضح سبب تجديد عقد ناجلسمان    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    النيابة تطلب تحريات إصابة شخصين بحريق شقة سكنية في الإسكندرية    مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع بأكتوبر    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    رئيس النيابة الإدارية يشارك بمؤتمر "الذكاء الاصطناعي التوليدي"    مدير تعليم دمياط يتابع إجراء امتحانات صفوف النقل للعام الدراسي 2024    الإعدام شنقًا لعامل قتل شقيقة زوجته بعابدين    لمدة أسبوع.. خصومات متنوعة على إصدارات هيئة الكتاب    من هو السيناريست الراحل تامر عبدالحميد؟.. توفي بعد صراع مع السرطان    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    علي ربيع في المركز الثالث جماهيريًا.. تعرف على إيرادات فيلم عالماشي في مصر    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    غدا .. انطلاق قافلة طبية بقرية الفقاعى بالمنيا    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    تراجع أداء مؤشرات البورصة تحت ضغط من مبيعات المستثمرين    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب ينسف الدور الأمريكي
في عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية

أصدر الكونجرس الأمريكي في عام1995 قانونا ينص أن علي الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلي مدينة القدس, إلا أنه تضمن استثناء يسمح للإدارة الأمريكية بتأجيل تنفيذه كل ستة أشهر لما لتنفيذه من الإضرار بالأمن القومي والمصلحة الأمريكية. وعلي مدار أكثر من عقدين أرجأ رؤساء الولايات المتحدة السابقين من الحزبين الجمهوري( جورج دبليو بوش) والديمقراطي( بيل كلينتون وباراك أوباما) تنفيذه.
وفي تخل عن السياسة الخارجية الأمريكية منذ عقود التي ترفض الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل, اعترف الرئيس دونالد ترامب في السادس من ديسمبر بأن القدس عاصمة للدولة الإسرائيلية, كما أمر بنقل سفارة دولته إلي المدينة التاريخية, علي الرغم من تأجيل نقلها في الأول من يونيو الماضي; لدفع عملية السلام. بيد أن القرار من شأنه تهديد جهود عملية السلام بالشرق الأوسط, وإغضاب حلفاء وخصوم الولايات المتحدة إقليميا ودوليا علي حد سواء في وقت كانت فيه الدول العربية والمجتمع الدولي في انتظار صفقة القرن التي ستحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
حيث أعلن ترامب منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض أن لديه قدرات للتوصل لاتفاق سيرسي السلام في المنطقة, وقد عكف فريقه الخاص بعملية السلام الذي يضم صهره جاريد كوشنير ومبعوثه الخاص للمفاوضات الدولية جيسون جرينبلات منذ ثمانية أشهر علي الترويج لقدرات الإدارة لعقد تلك الصفقة خلال لقاءاتهما ومحادثاتهما مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي, والدول العربية المعنية بعملية السلام.
لكن بعد إعلان الإدارة الأمريكية عن خطوة الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل, وتوجيه وزارة الخارجية الأمريكية إلي بحث ترتيبات نقل سفارتها إلي القدس لم يعد بمقدور الولايات المتحدة أن تقدم نفسها كوسيط نزيه وعادل في عملية السلام بعد انحيازها الفج للجانب الإسرائيلي, حيث أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تعليقه علي الإعلان الأمريكي بشأن مدينة القدس, أن الولايات المتحدة فقدت موقعها كوسيط يفترض فيه الحياد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, وأن قرار الرئيس الأمريكي بشأن المدينة التاريخية قد قضي علي فرص التوصل إلي سلام في المنطقة, وأنه ينذر بتحول الصراع السياسي إلي صراع ديني.
وقد سبق القرار الأمريكي الأخير بشأن القدس تطوران كشفا عن بدايات تراجع الدور الأمريكي كوسيط محايد في عملية السلام. كان أولهما في السابع عشر من نوفمبر الماضي بإغلاق مقررات منظمة التحرير الفلسطينية بالعاصمة الأمريكية( واشنطن) للضغط علي السلطة الفلسطينية للقبول بالشروط الأمريكية لعلمية السلام. وفي الخامس من ديسمبر الجاري وقبل يوم مع اعتراف ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل صوت مجلس النواب بالإجماع لتبني قانون تايلور الذي يوقف المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية ما لم توقف دفع رواتب شهرية إلي أسر المسلحين الذين يقومون بعمليات عسكرية ضد إسرائيل.
يأتي قرار الرئيس الأمريكي للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس رغم تحذيرات الدول العربية والإسلامية من مغبة هذا القرار ليس علي عملية السلام فقط, ولكن علي أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط للمكانة الدينية للقدس لدي المسلمين في كافة أنحاء العالم, متسقا مع سياساته منذ اليوم الأول له التي لا تراعي مصالح حلفاء الولايات المتحدة التقليديين, والالتزام بالسياسة الخارجية الأمريكية التقليدية منذ عقود, وكذلك الانصياع إلي قرارات المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة, وذلك يرجع لعدم خبرة الرئيس
وأغلب مستشاريه بقضايا الشئون الدولية, ورغبته في إحداث نقلة في السياسات الأمريكية دوليا, وإن كانت في حقيقة الأمر تمثل تهديدا للمصالح والأمن القومي الأمريكي علي المدي الطويل, وهو ما يكشف معارضة مؤسسات صنع القرار الأمريكي مثل أبرز أعضاء الكونجرس ووزارتي الخارجية والدفاع لكثير من قرارات وسياسات الرئيس تجاه الأزمات الدولية, ومنها قراره الأخير بشأن مدينة القدس.
وعلي الرغم من أن ترامب أشار إلي أن قراره بشأن المدينة لا يعني أن الولايات المتحدة تتخذ موقفا ضد القضايا الحساسة موضع الصراع, بما فيها حدود السيادة الإسرائيلية علي القدس, أو ترسيم حدود غير متفق عليها, وأنها ستظل مصممة علي المساعدة في تسهيل التوصل إلي اتفاق سلام مقبول بين الطرفين, وأنه يسعي للمساعدة للتوصل إلي مثل هذا الاتفاق, فإنه لم يتحدث في المقابل عن وضع الفلسطينيين في المدينة.
ولهذا فإن الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل ينسف دور الولايات المتحدة في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية, لأسباب ثلاثة, هي:
أولها: أن القرار ينتهك قرارات أصدرها مجلس الأمن الدولي تعتبر الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام1967, ومن ضمنها القدس الشرقية أراضي محتلة. فالمجتمع الدولي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية علي المدينة, التي تضم مواقع مقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود, بأكملها, حيث يري أن وضعها يجب أن تحدده المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ثانيها: أن قضية القدس هي القضية المركزية في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية, ومن الصعب علي أي مفاوض فلسطيني الجلوس علي طاولة المفاوضات انطلاقا من أن القدس المحتلة عاصمة للدولة الإسرائيلية, وذلك في ظل الإجماع بين كافة الفصائل الفلسطينية علي أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية في أي مفاوضات سلام.
ولن تنال أي تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي شرعية في الأوساط الشعبية الفلسطينية بدون الاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة لفلسطين. ناهيك عن إمكانية تسويقها عربيا وإسلاميا, حيث تمثل مدينة القدس رمزية دينية لملايين المسلمين حول العالم.
وينسف قرار ترامب بأن القدس عاصمة إسرائيل دور الولايات المتحدة كراع لجهود السلام, وسياسة أمريكية تقليدية علي مدي عقود عدة تقوم علي أن قضية القدس لا يمكن أن تحل إلا من خلال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
ثالثا: كشف إعلان الرئيس الأمريكي أن القدس عاصمة لإسرائيل عن مدي تحيز الإدارة الأمريكية للحكومة الإسرائيلية اليمينية, وأنها وسيط غير منصف وغير عادل,وغير مؤهل للعلب دور الوسيط في عملية السلام لا سيما مع اعتقاد الكثيرين أن الإدارة قد تستخدم ورقة الاعتراف بالقدس للضغط علي المفاوض الفلسطيني لقبول تسوية قد تسقط الكثير من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني خاصة في ظل الصمت العربي, وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية مع تعاظم التحديات الداخلية التي تواجهها الدول العربية بعد ثورات الربيع العربي.
في التحليل الأخير, إن اعتراف الرئيس الأمريكي بأن القدس عاصمة للدولة الإسرائيلية, وتوجيه وزارة الخارجية لنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلي القدس ينسف أي دور مستقبلي للإدارة الأمريكية في عملية السلام كوسيط عادل بعد الانحياز الفج لتل أبيب في أكثر القضايا الخلافية في عملية السلام, خاصة مع التمسك الفلسطيني رسميا وشعبيا بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية, وصعوبة تسويق أي تسوية فلسطينيا وعربيا وإسلاميا لا تنص علي أن المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية.
وأعتقد أن الرئيس لن يتراجع عن هذا القرار لأنه محاط بمسئولين يدينون بالولاء الأيديولوجي لإسرائيل, ولأن هذا القرار يعزز من شعبيته بين قاعدته الانتخابية من اليمينيين لا سيما في وقت تهتز فيه شرعيته مع الأزمات التي يواجهها داخليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.