بحكم التاريخ والفهم للحوادث و قراءة الآخر و خطواته, أدرك أن حربنا مع الصهيونية لم تنته. لقد انتهت معركة فقط من معارك الحرب رغم معاهدة سلام وقعناها في العام.1979 فما يحدث في المنطقة من تفتيت و ما يحدث من حرب تغييب الوعي باعلام فاسد و هدم قيم و مخدرات و تضليل للوعي لكل شعوب العالم العربي لا يعني بالنسبة لي سوي معني واحد... الحرب مستمرة مهما اختلفت الخطط. ومن هنا يجب أن ندرك حقيقة قصة سيناء في تصريحات وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية جيلا جملئيل أثناء وجودها في مؤتمر بالقاهرة مؤخرا بدعوة من الأممالمتحدة, وقصة سيناء في وثائق البي بي سي التي نشرتها منذ أيام. فالوزيرة الإسرائيلية التي قالت إنهم يعتبرون سيناء أفضل مكان لحل المشكلة الفلسطينية لم تأت بجديد. فقد تم طرح هذا الكلام بعد هزيمة يونيو67 وتم الرد عليه مصريا بحرب الاستنزاف التي تتحدث ذكرياتها حتي يومنا هذا في رأس العش التي منعت فيه القوات المصرية انزال اسرائيل قواتها في بورسعيد في1 يوليو67 أي بعد أقل من شهر من الهزيمة بينما حجم خسارتنا العسكرية80% من قوامنا العسكري. وتدمير المدمرة ايلات في بورسعيد في21 أكتوبر67, وتدمير الميناء الحربي ايلات في69 و70 واخري غيرها كثير. ثم كانت خطة ايجورا ايلاند رئيس الأمن القومي الاسرائيلي في2004 والتي اقترحت فيها اسرائيل اخلاء غزة كلها للفلسطينيين علي أن تمنحهم مصر الشريط الساحلي في سيناء من رفح وحتي بئر العبد بعمق20 كم لإقامة دولتهم, علي أن تاخذ مصر في مقابلها مساحة صحراء النقب, مع منح مصر حق اقامة نفق مع الأردن يكون الاشراف عليه لمصر. بالطبع رفضت مصر الخطة رغم ضغوط أمريكا ومن حولها وظللنا رافضين للوثيقة التي طبعت في40 صفحة معلنة وغير سرية. إلي أن جاء حكم محمد مرسي الذي كان علي استعداد لتنفيذها وبدأت بمنح11 ألف رقم قومي للمنتمين لحماس ثم كان خطاب مرسي لبيريز المعنون بعزيزي وصديقي العظيم في2012 ثم كان مشروع قانون إقليم قناة السويس الذي كان الاخوان يضغطون لاقراره في مجلس الشوري في ابريل2013 وهي الخطط التي تصدي لها وزير الدفاع المصري وقتها المشير عبد الفتاح السيسي. ثم تكرر الضغط الأمريكي في هذا الطرح مرة ثانية في2014 بعد تراجع الدول العربية عن تمويل قناة السويس الجديدة فطرحت أمريكا عبر وسائل إعلامها خطة منح مصر20 مليار دولار تدفعها السعودية مقابل الشريط نفسه لتوطين الفلسطينيين ورفضت مصر وكانت ملحمة جمع64 مليار جنيه في8 أيام من المصريين رسالة للعالم كله. نأتي لوثائق البي بي سي المنشورة والتي عنونت بأن مبارك قبل بتوطين الفلسطينيين في مصر والتي نشرتها الشبكة الانجليزية الاسبوع الماضي. وقالت إنها حصلت عليها بموجب قانون اتاحة المعلومات الذي يبيح نشر الوثائق بعد مرور30 سنة. فالقاريء للأحداث يدرك توائم الرؤا الصهيوينة الإنجليزية في الموقف من سيناء. ونبدأ بالتفنيد بأن تاريخ المحادثات المذكورة في الوثائق هو6 فبراير1983 أي أن نهاية فترة ال30 سنة هو فبراير2013 أي أنه مضي علي طرح الوثيقة4 سنوات ونصف, ولذا يكون السؤال ما مناسبة طرحها اليوم؟ بعد يومين من تصريحات الوزيرة الاسرائيلية؟ أم ان لهذا علاقة باحتفال بريطانيا بمرور100 عام علي وعد بلفور الذي اعلنوا فخرهم به؟ ثالثا حينما تقرأ خبر والوثائق تجد غياب المضمون عن المانشيت فالوثائق تتحدث عن عرض أمريكا علي مبارك نقل اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان الي مصر, وكان رده أنه رغم حذره من تلك الخطوة التي ستتسبب بمشكلات, إلا أنه يقبل بالطرح بشرط إعلان قيام دولة فلسطينية وبالتالي يكون لكل فلسطيني جواز سفر يحمل الهوية الفلسطينية ويتاح له من خلاله التنقل في كل العالم. أي أن مبارك لم يقبل. والأهم ان مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية وقتها كانت رافضة لإقامة دولة فلسطينية وفقا للوثائق خوفا من هيمنة الاتحاد السوفيتي عليها. رابعا حينما تدقق في تاريخ المحادثات6 فبراير1983, تدرك حال المنطقة في ذلك الوقت. الحرب العراقية الايرانية علي أشدها, لم يمض علي مذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذها الجيش الإسرائيلي بقيادة آرييل شارون وجيش لبنان الجنوبي علي مخيمات الفلسطينيين ومات فيها عدد تراوح بين750-3500 فلسطيني في ثلاثة أيام. كما كانت الحرب الأهلية اللبنانية في عنفوانها ولبنان كلها مشتعلة. أي أن مصر قبلت وجود فلسطينيين علي أرضها بهوية فلسطينية وحل دائم للقضية لتخفيف الضغط علي لبنان وليعيشوا في مصر كالسوريين و العراقيين وغيرهم. حينما تنظر للأحداث والإرهاب في سيناء و تحلل تلك المشاهد تدرك معني أن الرصاصة لا تزال في جيبي.