في محاولة جديدة للبحث عن الحلقة المفقودة في أزمة التعليم الفني والتكنولوجي بمصر تنتهي وزارة التعليم العالي خلال أسابيع من مناقشة المسودة النهائية لمقترح قانون إنشاء الجامعة التكنولوجية المصرية, ذلك بالتزامن مع اتجاه وزارة التربية والتعليم لوضع قواعد قبول جديدة تضمن تأهيل الطلاب للالتحاق بتلك المنظومة التعليمية في مرحلة مابعد الإعدادية. في محاولة جديدة للبحث عن الحلقة المفقودة في أزمة التعليم الفني والتكنولوجي بمصر, تنتهي وزارة التعليم العالي خلال أسابيع من مناقشة المسودة النهائية لمقترح قانون إنشاء الجامعة التكنولوجية المصرية, وذلك بالتزامن مع اتجاه وزارة التربية والتعليم لوضع قواعد قبول جديدة, تضمن تأهيل الطلاب للالتحاق بتلك المنظومة التعليمية في مرحلة ما بعد الإعدادية. الطريق إلي تطوير منظومة التعليم الفني مفروش بالنوايا الحسنة والإرادة السياسية المتوافرة هذا ما أكد عليه كل من الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم, في تصريحات متتابعة علي مدي الأيام الماضية, في إطار طرح خطط تطوير المنظومة. وقال الدكتور عبد الوهاب الغندور أمين صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء: إن نجاح عملية التطوير مرهونة بعمل تحالف حقيقي يضم جميع الجهات المعنية والمستفيدة من منظومة التعليم الفني, من وزارات للتعليم والصناعة والتجارة والطلاب وأولياء الأمور والقطاع الخاص, وذلك لتنفيذ أي مقترح بتطويرها, مشيرا إلي أن أساس تطوير منظومة التعليم الفني يرتكن إلي ثلاثة أضلاع, أولها تعديل المناهج بحيث تكون مستهدفة لإكساب الطالب مهارات وخبرات, وثانيها إكساب المعلم القائم علي العملية التعليمية مهارات التطوير, ويلي ذلك مرحلة إعادة تأهيل البنية التحتية لمؤسسات التعليم الفني, وعلينا التغلب علي4 تحديات وقد تغلبنا علي التحديين الأول والثاني منهما, حيث قمنا بضمان الاستدامة الفنية والإدارية, وذلك بتجهيز كوادر مصرية مدربة علي أعلي مستوي جاهزة لإدارة المنظومة بعد تخارج الشريك الأجنبي, وثانيهما الاستدامة المالية وذلك بوضع خطط لتغطية زيادة التمويل التي تستلزمها عملية تطوير المدارس والمعاهد وذلك عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص أو إنشاء مراكز تدريب تسهم في توفير موارد للمدارس. وبحسب الغندور فإنه لابد من إعادة النظر في التوزيع الحالي للتخصصات الفنية, مشيرا إلي أن%50 من مدارس التعليم الفني تختص بالمجال الصناعي, بينما تختص%30 منها بالتعليم التجاري وتختص%10 فقط بالتعليم الزراعي, و5% بالتعليم السياحي وهو ما لا يتفق مع خطط الدولة للتنمية في المرحلة المقبلة, مشددا علي ضرورة إعادة توزيع التخصصات التعليمية الفنية, وفقا لاحتياجات الدولة وسوق العمل حتي لا يتم تخريج طاقات مهدرة رغم تأهيلها علي أن تكون هناك إعادة نظر كل خمس سنوات في خريطة توزيع التخصصات أو إدخال تخصصات جديدة. الدمج التدريجي هو التحدي الثالث الذي يري أمين صندوق تطوير التعليم ضرورة تحقيقه مع تنفيذ مخططات التطوير, موضحا أن القطاعات المرتبطة بالتعليم الفني تحتاج إلي إعادة هيكلة, ويجب إنشاء كيان تكون مهمته الرقابة والتقييم لأنه ليس من المنطقي أن تكون وزارات التعليم هي التي تقدم الخدمة, وهي التي تراقب وتقيم في الوقت ذاته, أما التحدي الرابع من وجهة نظره فيرتبط بأن يكون هناك مسار مفتوح للملتحقين بالتعليم الفني, يكون موازيا للتعليم العالي ويتحقق ذلك بالإسراع بإنشاء الجامعة التكنولوجية وكسب ثقة المجتمع بمنح درجة البكالوريوس للملتحقين بمنظومة التعليم الفني والاعتماد عليهم في التدريس بالمنظومة, مع ضرورة تأهيل الملتحقين بالتعليم الفني في مرحلة ما بعد الإعدادية وقبولهم عن طريق اختبارات لضمان تطوير الخريج. رغم تصريحات الغندور المتفائلة فإن أشباح الفشل التي صاحبت مشروعات تطوير التعليم الفني السابقة مثل مشروع مدارس مبارك كول الذي بدأ عملاقا في التسعينيات, وانتهي بقبول الحاصلين علي المجاميع المتدنية في الإعدادية, وكذلك الكليات التكنولوجية التي تم الترويج لها مع بداية الألفية الثالثة مع كليات التعليم الصناعي والتي فشلت علي مدي ما يقرب من15 عاما في تحقيق أهدافها جعلت هناك فجوة بين مخططات التطوير وطلاب وأعضاء مجتمعات مدارس ومعاهد التعليم الفني, الذين أكدوا أن المشكلة الرئيسية التي تواجه التعليم الفني تتمثل فيمن يقومون علي عملية التطوير, حيث إن معظمهم من خارج منظومة التعليم الفني ولا يشعرون بمشاكل العاملين في المنظومة كما يقول ع. ا مدرس بأحد مجمعات القاهرة التكنولوجية, والذي لخص مشكلات المعاهد والمدارس الفنية في5 نقاط, جاء علي رأسها توقف تطوير المقررات بمجرد انتهاء موازنات المشاريع المخصصة لذلك الغرض, والتي يتم تدبيرها من قروض ومنح دولية, مشيرا إلي أنه ليس من المتصور في تخصص يتقدم بسرعة شديدة مثل تكنولوجيا الحاسب الآلي, أن يتم تدريس مقررات ترجع إلي بدايات القرن للطلاب, ناهيك عن القضاء علي طموح المدرسين من خريجي كليات التعليم الصناعي في الترقي الوظيفي بخلاف تمييز الدراسات النظرية في الدرجات علي الدراسات العملية في امتحانات تقييم الطلاب. أما الطالب عمر حسن محمد من طلاب الفرقة الثالثة بإحدي المدارس الفنية المتقدمة بالجيزة, فقد قال: إن التحاقه بالتعليم الفني الصناعي كان عن رغبة حقيقية, لكن تلك الرغبة اختفت منذ السنة الدراسية الأولي, حيث اكتشف أن الدراسة العملية صورية وإن التدريب في المصانع أشبه بنظام السخرة ويجبر الطلاب علي قضاء فترة التدريب في أعمال لا علاقة لها بالمهارات المطلوب اكتسابها حيث يقضون أيام تدريبهم في مشاوير أو أعمال هامشية, ويتم استغلالهم كعمالة رخيصة من جانب الشركات, كل ذلك حتي لا يخسروا الدرجات المقررة للشق التدريبي في دراستهم. كلمات عمر لخصت حالة الإحباط التي يعيشها طلاب التعليم الفني قبل الجامعي والذين تشير إحصاءات الكتاب السنوي لوزارة التربية والتعليم إلي أن نسبتهم تصل إلي%53 من إجمالي الملتحقين بمرحلة التعليم الثانوي, بينما يصل عدد طلاب التعليم الفني المتقدمين لاستكمال تعليمهم العالي بعد مرحلة المعهد الفني المتوسط أكثر من150 ألف طالب وفقا لتصريحات السيد عطا المشرف العام علي مكتب التنسيق, حيث يذهب أقل من20 ألف طالب فقط منهم إلي الكليات المتوافقة مع تخصصاتهم بينما يواجه الباقون مصير الالتحاق بمعاهد خاصة تقدم دراسات نظرية بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم الفنية. حلم الشهادة العليا أول ما يتحدث عنه الطلاب, وهو ما ستحققه الجامعة التكنولوجية التي انفردنا بنشر مسودة قانون إنشائها قبل طرحه علي اجتماع المجلس الأعلي للجامعات المقبل, حيث إن الهدف الرئيسي لإنشائها هو استحداث مسار جديد متكامل للتعليم والتدريب التطبيقي التقني والتكنولوجي مواز لمسار التعليم الأكاديمي, يحصل خريجوه علي درجات جامعية في مراحل الدبلوم فوق المتوسط والبكالوريوس والدراسات العليا إضافة إلي القيام علي تطبيق واستغلال التكنولوجيا لما فيه صالح المجتمع وتأهيل الخريجين من التعليم الثانوي العام والفني لتلبية احتياجات سوق العمل من الموارد البشرية التقنية والتكنولوجية اللازمة لمتطلبات خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة, وبما يساعد علي تحسين هذا النوع من التعليم والعمل علي الاعتراف الأجنبي بالشهادات التي تمنحها الجامعة. وفقا للقانون المقترح فإن إنشاء الكليات التكنولوجية يكون بقرار من رئيس مجلس الوزراء, بناء علي عرض الوزير المختص وموافقة المجلس الأعلي للجامعات, وتتكون كل كلية من مجموعة من المعاهد التابعة, وينقل إلي الجامعة تبعية المجمعات التكنولوجية المتكاملة والتي أنشأها صندوق تطوير التعليم, وتشمل مجمعات الأميرية والفيوم وأسيوط, كما تنقل إليها تبعية الكليات التكنولوجية المنشأة بموجب قرار وزير التعليم العالي لسنة2003 بالمطرية والصحافة وقويسنا والمحلة والإسكندرية وبورسعيد ووسط الوادي وجنوب الوادي. ويتولي إدارة الجامعة مجلس يضم عمداء كلياتها و7 أعضاء ممن لهم خبرة بالتعليم الفني يعينون بقرار من وزير التعليم العالي, ويكون للجامعة رئيس ونواب, يصدر قرار جمهوري بتعيين رئيس الجامعة ويشترط فيه أن يكون شغل وظيفة أستاذ بإحدي الجامعات المصرية لمدة5 سنوات, أو شغل وظيفة عضو تدريس بالمعاهد الفنية لمدة15 سنة علي الأقل, ويكون لرئيس الجامعة3 نواب يعينهم وزير التعليم العالي بعد العرض من رئيس الجامعة. وتمنح الجامعة التكنولوجية شهادات الدبلوم العالي في التكنولوجيا ودرجة البكالوريوس في التكنولوجيا ودرجة الماجستير في التكنولوجيا ودرجة الدكتوراه في التكنولوجيا, كما تمنح الجامعة دبلومات ودراسات تربوية لتأهيل المدربين والمعلمين للعمل بمدارس التعليم الفني والمهني ومراكز التدريب المهني والفني والتقني والتكنولوجي, وكذا الدراسات الحرة للتعليم المستمر وتغيير المسار والتدريب المهني في المجالات التخصصية لكليات الجامعة. ويسري علي العاملون بتلك الجامعة من غير أعضاء التدريس قانون الخدمة المدنية رقم81 لسنة2016, بينما يسري علي أعضاء التدريس قانون تنظيم الجامعات49 لسنة1972, ويتولي المجلس الأعلي للجامعات وضع الإطار العام لتنفيذ أحكام هذا القانون. العاملون بالكليات التكنولوجية كانت لديهم بعض التحفظات علي تلك المسودة, رغم ترحيبهم بإنشاء الجامعة التكنولوجية, حيث كان من أهم تلك الملاحظات كما يقول المهندس فرج رجب أن المسودة لم تركز علي الجزء الأهم في الرسالة التعليمية وهو الاعتراف المحلي والدولي, كما أنه يجب عدم إغفال دور المؤسسات المحلية سواء جامعات أو مراكز بحثية, وإلغاء كلمة المعاهد من مشروع القانون لما لهذا المصطلح من اقتران بالنظرة المتدنية لخريجي المعاهد الفنية. وأضاف أن مشروع القانون يفتقر إلي تحديد وضع أعضاء هيئة التدريس الحاصلين بالفعل علي درجات علمية أو الذين سيتم توفيق أوضاعهم لاحقا. مصدر مسئول بوزارة التعليم العالي أشار إلي أن الجامعة المصرية التكنولوجية تأتي ضمن خطة شاملة لتطوير منظومة التعليم الفني في مصر, سيتم الإعلان عنها تباعا خلال الفترة المقبلة, ومن بين ما سيتم الإعلان عنه إنشاء نموذج للجامعات التطبيقية التي تلعب الصناعة طرفا أساسيا في تشغيلها ووضع خططها التعليمية.