مسألة الدور كانت تبدو دائما وكأنها لايمكن تجنبها بالنسبة لمصر, فبحكم موقع( وموضع) مصر الجغرافي في قلب الإقليم, وحساسية مواردها القومية للتغييرات التي تحدث في البيئة الإقليمية, كانت مصر هي الدولة الأكثر تأثرا بما يجري في الإقليم, يتضمن ذلك إتجاه القوي الخارجية نحوها تاريخيا, وإتجاه القوي الإقليمية ذاتها إلي استهداف مكانتها أحيانا, كما بدت من ناحية أخري الدولة الأكثر قدرة علي التأثير في التفاعلات الإقليمية وبالتالي لم يكن خيار الانكفاء علي الذات أو التقوقع داخل الحدود متاحا أو متصورا كإستراتيجية ممكنة. وبدت تلك المعادلة حدية أحيانا, فإما أن تكون مصر فاعلا أو هدفا, إمبراطورية أو مستعمرة, قوية أو ضعيفة, وبصرف النظر عن مدي واقعية ذلك, لم يبد أن لدي مصر خيارات بعيدا عن التأثير القوي في الإقليم والاهتمام بما يحدث في العالم. ويحن البعض من المصريين للدور المصري في الستينيات في عهد مصر الناصرية, ولكن الظروف تغيرت كثيرا, سواء من حيث الاطار الدولي الحاكم لتحركات الدول كما تغير المتغير الاقليمي الناظم لتحركاتها, كما أن مصر نفسها تغيرت. وفي السنوات الاخيرة سيما بعد يناير2011, تضاءل الدور المصري بل ان الفاشية الحاكمة في سنتها السوداء كانت تميل لأن تكون تابعة! بعد ان هانت عليهم مصر المكان والمكانة. ولذا فان التاريخ سوف يذكر لقائد مصر وابنها البار انه استطاع ان يعيد بناء الدور الاستراتيجي المصري في ظروف ربما الاصعب في التاريخ المصري; الدولة الوطنية العربية تتعرض لمحاولات الهدم مع محاولة استبدال الدولة الوطنية بدولة موهومة باسم الدين. واستهداف الدولة المصرية عبر الارهاب الموظف لصالح تحقيق اهداف دول كارهة للدور المصري الذي ظل مطلوبا بالحاح لارساء الأمن والاستقرار في المنطقة ولاعادة التوازن الذي اختل لضالح قوي اقليمية خارجية طامعة وطامحة. وكما لاحظ قائد مصر فإن القوي التي تستهدف مصر هي نفسها التي تستهدف المنطقة, وإلي أن قوي الشر تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعي إلي زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات. القائد أعاد للأمة توازنها الاستراتيجي المفقود لصالح قوي اقليمية لم تخف تطلعاتها للهيمنة علي المنطقة, والسياسة الخارجية المصرية عادت مع القائد الي ثوابتها. مصر مع الدولة الوطنية ووحدة أراضيها وضد كل محاولات التقسيم والتفتيت لأسباب عرقية أو مذهبية.. ومصر مع أن تكون سيادة هذه الدول محمية من قبل الجيوش الوطنية لا من قبل الميليشيات المسلحة.. ومصر مع الدولة الوطنية والجيش الوطني, وليس مع الميليشيات الطائفية التي تؤدي إلي تفسخ الدول وإغراقها في حروب لا تنتهي.. ومصر مع امتلاك كل دولة قرارها بعيدا عن أي هيمنة خارجية أو وصاية.. ومصر مع احترام القوانين الدولية وسيادة الدول وحدودها الدولية. كما ان القائد أعاد الاعتبار للعامل الثقافي المصري وهو محور القوة المصرية وعامل جاذبيتها الرئيسي فهي بحكم ثقلها الحضاري والثقافي تتميز بتراث ثقافي خالد, ومن ثم رأي القائد أنه لا مناص ان شئنا دور مصري فاعل من توظيف الفكر ومصادر التوافق والإبداع في خدمة أهدافنا المصرية الوطنية العليا.ومن هنا أهمية منتدي الشباب الدولي في شرم الشيخ. ولا تزال التحديات والتهديدات التي تواجهها مصر جد خطيرة تبعث علي تشاؤم العقل, لكن تفاؤل أرادة المصريين بقيادة وطنية تصل الليل بالنهار في سباق مع الزمن لتحقيق التطلعات تعطينا الثقة والأمل في كسب معركة الفوز بالمستقبل.