منتدي شباب العالم بشرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة من4 إلي10 نوفمبر, بمشاركة أكثر من3 آلاف شاب ومسئولين من مختلف دول العالم, له مذاق متميز في موضوع تلاقح الثقافات وتفاعلها علي أرض مصر الحضارة; حيث سبقت مصر غيرها من الأمم في مدارج الحضارة و الارتقاء. هذه الحضارة البازغة الشماء التي فاقت حضارات العالم القديم جميعا, كانت اروع نتاج لتفاعل الانسان و البيئة و تكيفه معها و تذليله لها و استجابته لعوامل التغير التي تلم بها و التي تطرأ عليها, هذا التفاعل الذي تم في يسر و سهولة استوت في ظلهما الحضارة في مصر اكمل استواء قبل غيرها من الامم. والظاهرة التي انفردت بها الحضارة المصرية بها دون حضارات العالم القديم اجمع, ظاهرة البقاء او الخلود و الاستمرار. ولا يعز علينا ان نفرق بين هذين المعنيين, والمعني المجرد للفظ الخلود الاستمرار, فان ما يبدو لاول وهلة هو انهما يكمل كل منهما الاخر: فالاستمرار صفة لازمة للخلود او البقاء, وان كان بعض ما درس من حياة الإنسانية في ماضيها قد يبدو خالدا فانه لا يبدو مستمرا. حقيقة ان الصلة بين الماضي و الحاضر لا تنقطع ابدا, و سيوجد دائما العقل الفذ ليصل ماضي الانسانية بحاضرها و يدفعها دائما الي الامام, وان كان ذلك لا يتم في بيئة بعينها, بل يتعداها الي بيئات اخري اكثر استجابة لدواعي الارتقاء و التقدم. فالحضارة الهيلينية استمرار للحضارة المصرية القديمة وان تباينت مقدماتها و سماتها, والحضارة الرومانية استمرار للحضارة الهيلينية, وحضارة العرب استمرار لحضارات الشعوب السامية و الاوروبية و الهندية, و النهضة الاوروبية هي الاثر الذي نجم عن هذه الحضارات جميعا حتي لو نسبت الي اصول إغريقية او رومانية, وحضارة العصر الحديث قد تمثلت كل مراحل النمو الحضاري للإنسانية جمعاء, فالاستمرار هنا قرين التقدم والارتقاء, وهو في هذا المعني اكثر شمولا حتي ليسع الوجود الانساني جميعه, وهو استمرار لا يقترن بالخلود في بيئة بعينها, ولكنه يقترن بها في بيئة اخري حين تنتقل اليها و تتأثر بها, و تخضع لقانون البقاء و الاستمرار حين تنتقل الي بيئات اخري او تتأثر بها. اما في الحضارة المصرية فلا يعني هذا المعني معني الاستمرار اكثر من هذا الوجود المصري منذ بزغ فجر المدنية المصرية حتي وقتنا هذا, وهو دائما يقترن بالخلود اقترانا انفردت به الحضارة المصرية دون غيرها من حضارات العالم القديم اجمع. يؤكد منتدي شرم الشيخ للشباب وفاعلياته ما علمته الحضارة المصرية للعالم من أنه, إلي جانب التنوع اللامتناهي للثقافات, توجد بالتأكيد حضارة عالمية واحدة قائمة علي القيم المشتركة للتسامح والسلام. وهي حضارة يدل تعريفها علي تسامحها مع الرأي الآخر, وترحيبها بالتنوع الثقافي, وإصرارها علي حقوق الإنسان الأساسية الشاملة, وإيمانها بحق الشعوب في كل مكان في أن تقول رأيها في الطريقة التي تحكم بها. وهي حضارة تقوم علي الإيمان بأن تنوع الثقافات البشرية أمر مرغوب فيه, ولا خوف منه. والحقيقة أن كثيرا من الحروب تنشأ من خوف الناس من الآخرين الذين يختلفون عنهم. ولا يمكن التغلب علي هذه المخاوف إلا من خلال الحوار.