لم يتغير حال العرب منذ سنوات عدة رغم أن مياها كثيرة مرت تحت الجسر قبل أن تغرق شعوبنا العربية في مجاهل الأنفاق الدولية المتعرجة والشائكة, التي دخلوها إما لغباء سياسات حكامهم, أو بمكر وحيل أعدائهم, والنتيجة وجود أكثر من مليون جندي وشرطي دولي وأممي, ونحو5 ملايين من الموظفين الأجانب الداعمين والراعين لهم علي أراض عربية تحت زعم الحماية, علاوة علي قرارات تضمنها أطراف دولية وإقليمية ساعية لترسيم الحدود من جديد, وإعادة الاستعمارية الإمبريالية برؤية وشعار عصر التحالفات من ليس معنا فهو علينا. كما وجدت التدخلات الخارجية من يناصرها ويدعمها ممن يحملون نفس هويتنا وجنسيتنا ومن بني جلدتنا, لتعيش شعوبنا دوامة لا أول لها ولا آخر, وكأننا قوم نركب قطارا ممعنا في السرعة, وجهته غير محددة, وفرامله لا تعمل! ويظل السؤال الذي يطرح نفسه: من منا لايفكر بمستقبله ومستقبل أبنائه؟ من منا لا يتمني أن يحل الأمن والسلام والطمأنينة والرفاهية لشعبه؟..ومن منا لا يتمني أن تتوقف آلة القتل والخيانة هنا وهناك؟ بالتأكيد نتمني ذلك.. إن لم يكن كلنا فغالبيتنا, لكن الناظر في أحوال العرب خصوصا في هذه الأيام يري أن تلك الأماني بعيدة المنال, وإلا بماذا نفسر أو نسمي ما يحدث علي ساحتنا العربية من مشاهد هي أقرب للحقائق؟ -عندما ينفق العرب تريليون دولار خلال ال3سنوات الماضية علي شراء السلاح من الخارج ليقتل بعضهم بعضا في اليمن وسوريا ولبنان وليبيا والعراق, ولديهم عشرات الملايين من الأطفال والنساء يموتون جوعا ومرضا. - عندما يستعين بعضنا بالأجنبي, ويتآمر معه في خيانة واضحة ومكتملة الأركان و المعالم من أجل مكانة أو تواجد علي الساحة أو كرسي زائل أوعودة حاكم فاشل. - عندما يخرج شعب عربي ليطالب برغيف خبزه وحريته وكرامته, فتري من يحرض ويمول البلطجية والجرذان عليهم ليضربوهم. - عندما يسرق المسئولون أموال ومقدرات وجهد الشعب ثم يضعون فوق رءوسهم بمكاتبهم لوحة مكتوب عليها هذا من فضل ربي. - عندما يقوم الحكم في كثير من دولنا علي مبدأ فرق تسد, ونشر الفتنة الطائفية والقبلية, وتوجه الكثير من الدول الصديقة مواردها لخدمة هذا المبدأ, حتي يبقي الفاسدون متمتعين في فسادهم ويبقي المجتمع مشغولا بنفسه. - عندما لا تستطيع زيارة دولة عربية إلا بتأشيرة, علي الرغم من أن الأمريكي والبريطاني وغيرهما من الأوروبيين يأتون لزيارة نفس الدولة من دون تأشيرة. - عندما تعمل في دولة عربية ومعك أجنبي أوعربي آخر يعمل في نفس الوظيفة ولكن معه جنسية أجنبية, وتري الفارق الشاسع في الراتب والعلاوات والمعاملة بينكما. - عندما يعين أنصاف الموهوبين والعملاء وزراء وسفراء ومدراء, وعندما تتآمر وسائل إعلام ضد شعوب وتنفذ مخططات شيطانية مأجورة لصالح الغير. - عندما تصدر الفتاوي من شيوخ الفتنة للتغرير بشباب العرب تحت شعار أنه من أراد الجنة منهم فعليه بالجهاد بسوريا وضد جيش مصر, وليس إسرائيل العدو المحتل, وعندما يصبح الدين وسيلة للكسب وتصبح تربية اللحي أولي خطوات الغني. - عندما تصبح العلاقة بين أمريكا وبين بعض حكامنا كالعلاقة بين تاجر المخدرات وصبيانه, تظل وثيقة جدا حتي يقع الصبي في يد الأمن, وعندها يتبرأ التاجر من صبيه.. ويتركه لمصيره.. لكي لا يلوث سمعته به. - في استعادة ثقة شعوبها المفقودة في أنفسهم بسبب الانقسام والتشرذم, واحتلال بعض المتآمرين مواقع الصدارة وإزاحة الشباب صانع هذه الثورات عن المشهد. - عندما يعيش السودان أصعب أيامه بعد دخوله مرغما زوابع الربيع العربي, وسط تعنت وصلف من قيادة إخوانية مستترة جاثمة علي أنفاسه منذ سنوات, ضيعت خلالها وحدته, وشطرت شماله عن جنوبه, وسلبت إرادة شعب شقيق في العيش علي ضفاف نيل خالد بسلام, وأمن وحسن جوار. ما تناولناه في هذا المقال ربما تكرار لنفس المشاهد وبنفس الرؤي والألفاظ لماسبق تناوله قبل سنوات,فحال العرب إلي أسوأ, ويصدق فيه المثل يسر عدوا ولا يسر حبيبا!!