أنا امرأة قاتلة قتلت نفسي قبل أن أقتل نفسا أخري ولكني لم أكن يوما مجرمة حتي أزهق بعض روحي بيدي..! كنت أعيش حياتي هادئة مطمئنة أنا وابنتي وزوجي يخرج إلي رزقه في الصباح لا يعود إلا في آخره كالا منهكا ولكن معه ما يقيم أودنا ويهيئ لنا حدا أدني من الحياة الكريمة وتكفينا أربعة جدران سترا ومعاشا لا نختلط بأحد ولا أحد يختلط بنا.. كان في يقيننا أن الاختلاط بالبشر يجلب المشاكل وفي الاختصار عن الغير ابتعاد عنها ولكن لم أكن أدر أن البيئة غالبة وأن المجتمع الشعبي تخلي عن أخلاقياته القديمة والأعراف والتقاليد الأصيلة في مقابل ثقافة لا أخلاقية فرضت وجودها بمنطق إجرامي لا يرحم..! في منطقتنا شاب يتقمص شخصيات أبطال السينما السوبكية ويمارس بلطجته علي الناس, يتردد علي السجن وكأنه بيته لا تهمه حياته, علي وجهه علامات وجروح تبرز شراسته, اصطدمت به أكثر من مرة عندما كنت أنزل للسوق.. لا تنزل عينه عني كلما مررت من أمامه حتي جاء يوم كانت ابنتي في المدرسة وزوجي في عمله ووجدته يتبعني في طريق عودتي من السوق.. اختنقت من مضايقاته.. استجمعت قوايا وشتمته وهددته بالشرطة وإخبار زوجي.. اختفي عني وظننت أن كابوسا كان يجثم علي صدري انزاح ومعه هم ثقيل لا قبل لي علي احتماله.. دخلت بيتي وما أن تخففت من ملابسي حتي فوجئت بهذا البلطجي أمامي.. لحظات خاطفة من الزمن اجتاح الشر فيها كل شيء.. توارت شمس النهار خلف ظلمة ليل طويل ليس بعده شروق.. كنت أصرخ ملء فمي والخوف أصم آذان الناس.. أنشب ضعف أظافري في جسده خوفا وصراعا, ولكن أنيابه أقوي من ضعفي.. التهم البراءة في نفسي وارتوي شيطانا يعربد في بيتي حتي ثمل بطشا وظلما..! ارتميت أرضا ألملم بقايا آدميتي وزوجي وابنتي من حولي حيري أعياهم الخوف علي لا يدرون ما أصابني.. بضع شهور مضت اشتد فيها الإعياء.. أنظر لزوجي بعيون وجلة خائفة عاجزة عن إخباره بمن اقتحم بيته غدرا.. خشيت عليه وعلي ابنتي ولكن خوفي تجمد روحا في أحشائي توشك أن تفضح أمري كنت أعلم أن خطيئة أجبرت عليها لا بد وأن تدمر حياتي بجنين كأنه النار تسكن جسمي أحترق بها ندما وحسرة, زاغ عقلي وتمكن مني شيطاني ودفعني للتخلص من هذا الحمل الحرام واستطعت بالفعل بواسطة أدوية معينة الخلاص من حملي ومضت بي الأيام في طريقها لا ألوي علي شيء غير أني ظننت أنني تخلصت من بقايا خطيئتي ولك أن تعلم كم كنت عاجزة عن مصارحة زوجي بأمري وكم كنت خائفة عليه فهو لا يقوي علي مواجهة هذا الحيوان الشرس ولو تعرض له من الممكن أن أفقد زوجي وسندي في الحياة إلي الأبد ولكن أين أذهب من تعذيب الضمير أني جعلته يظن أن الحمل الذي ضاع كان منه.. ألست مجرمة خاطئة مثلي مثل البلطجي الذي ضيع حياتي؟ كيف أقنع نفسي أني ضحية وأنا أخدع زوجي وأتحايل عليه وأنا أراه يستدين حتي يجري بي إلي المستشفي بعد أن تعرضت لنزيف شديد من أثر الإجهاض كاد يفتك بحياتي؟ يا ليتني مت في هذه اللحظة كي أستريح من هذا العذاب الذي لا يفارقني ليل نهار فلا يمضي ليل حتي يداهمني كابوس مرعب يأتيني في صورة طفل يتعلق برقبتي وهو يصرخ فأقوم مفزوعة تتعالي صرخاتي مدوية في جوف الليل لا أدري إن كنت أفقت أم لا. سيدي أنا أكتب لك لأني لا أجد أحدا آمنه علي سري وأطلب مساعدته.. أشعر أني تائهة.. معذبة.. ضائعة.. وحياتي مع زوجي مهددة.. لم أعد أطيق أن يلمسني.. أشعر أن جسدي قد نلوث ولو أعطيته نفسي ألوثه وأنا لا أريد له صررا أكثر من هذا.. كيف أتخلص من عذاب نفسي وحيرتي ظ أكاد أسقط في دائرة الجنون.. ماذا أفعل بالله عليك. ع. م. القاهرة ترفقي بروحك الملتاعة يا سيدتي فأنت وإن كنت بالفعل قد وقعت في الخطأ فليس بعمد منك غير أن الخوف يسكن قلبك أضاع العقل منك ودفعك للسقوط في لجة الخداع ولك أن تعي أن الأخطاء كقطع البناء كل خطأ يمهد لغيره حتي ينبني عليه خطأ آخر وهكذا نجد أننا نقف علي صرح عال من الخطايا نكاد أن نسقط من عليه فيتهشم كل شيء وتضيع الحياة..! كان عليك من البداية ألا تستلمي لمجرم أراد بك شرا وكنت أخبرت زوجك بمطاردته لك من البداية لعله كان يستطيع أن يردعه فنحن نعيش يا ابنتي في دولة قانون ومنطق السيطرة وفرض القوة قسرا وجبرا ليس غالبا.. لقد تمكن منك الخوف حتي أعجزك عن الدفاع عن نفسك والاستغاثة بالجيران فما انعدمت الشهامة بين الناس كانوا ينقذوك من براثنه.. في يقيني أنك شريكة له في الجرم بتفريطك له في جسدك بغير مقاومة حتي لو كلفك هذا حياتك فما دون العرض غير الموت شرفا أو الحياة مذلة.. وحتي بعد أن وقع ما وقع لما لم تبلغي زوجك أو الشرطة تنتقم لك منه.. لما واصلت الجريمة بجريمة أبشع منها وغافلت رجلا يعيش من أجلك.. يجري علي رزقك وأنت بالنسبة له كل الحياة.. وقتلت طفلا لا ذنب له غير أن الله قد كتب له الحياة حتي يأتي إلي الدنيا ويغادرها علي يد أمه وئيدا قتيلا بغير ذنب.. إن الطفل يصرخ في الكابوس ليس إلا رمزا لضميرك الغائب يصرخ فيك أن تفيقي من غفلة الخوف وسكرته..! يا بنتي في مواقف كهذه لا يصح فيها غير المواجهة مهما تكلفت هذه المواجهة أو كانت النتائج ولست آخر ضحايا هذا البلطجي وعليك أن تستصرخي ضميرك كما يستصرخك ابن الخطيئة وتخبري زوجك بكل شيء وتذهبا معا إلي قسم الشرطة وتبلغا عما تعرضت له وفي حدود ما أعرف يمكن للطب الشرعي أن يثبت بما لا يدع مجالا للشك واقعة الاغتصاب وبتحليلdna يمكن إثبات تبعية الطفل المجهض للبلطجي وإيداعه السجن ردعا له وإنقاذا لغيرك من نقائصه..! وأحسب زوجك إن شاء الله عاقلا قد يتفهم الأمر ويعينك عليه أما إن كان غير ذلك فيكفيك أنك أرضيت ربك وأرحت ضميرك وتذكري قول المولي عز وجل في محكم آياته من سورة الأنعام إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم علي نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم صدق الله العظيم.