حاولت جاهدة التعرف علي الإضافة الجديدة التي أضافها لنا الاقتصادي العالمي ريتشارد تالر, والتي حصل بموجبها علي جائزة نوبل في الاقتصاد. فعلم الاقتصاد يهتم بدراسة سلوك الإنسان في المقام الأول ويمتد ليهتم بكل القرارات الإنسانية مثل معدلات النمو السكاني واتخاذ القرارات المرتبطة بالإنجاب أو اتباع نظام غذائي, ويشارك الاقتصاديون في وضع الاستراتيجيات واتخاذ القرارات الحكومية الحيوية, كما يظهر دورهم بوضوح في مجال البيئة والرعاية الصحية ومكافحة الفقر. ومعروف لدي الاقتصاديين أن الطلب والعرض علي السلع والخدمات يتأثر بعدد من العناصر من ضمنها تغير أذواق المستهلكين وتغير مستويات الدخول بالإضافة إلي تغير التوقعات المستقبلية المرتبطة بتلك السلع والخدمات. فإذا ما تغيرت أذواق المستهلكين بشكل إيجابي نحو منتج معين, فمن الطبيعي أن يزداد الطلب علي هذا المنتج, ومن ثم يستجيب المنتجون لتزدهر صناعة هذا المنتج, وإذا ما حاد المسهلكون عن منتج معين, فيترجم ذلك في صورة انخفاض الطلب, وبالتالي يبحث المنتجون عن منتجات جديدة لتقديمها خوفا من تعطل حركة الإنتاج ومن ثم ضعف النمو الصناعي. أما ارتفاع دخل المواطنين فسينعكس ذلك علي زيادة حركة البيع ومن ثم التحفيز نحو زيادة الإنتاج, وفي حالة انخفاض دخل المواطنين يصبح من الطبيعي ألا يكون هناك حافز نحو زيادة الإنتاج نظرا لانخفاض الطلب علي المنتجات. وفي ذات الشأن تلعب التوقعات دورا مهما فإذا ما توقع المنتجين زيادة الطلب المستقبلي علي منتج معين سيسارعون بتوجيه دفة إنتاجهم نحو هذا المنتج, وفي حالة توقعهم بانخفاض الطلب المستقبلي علي منتج معين فسيسارعون بالتخلص من المخزون لديهم والتفكير في خطوط إنتاج جديدة. وإذا ما ارتبط الطلب بالموضة والأذواق, فأري أنه من المتوقع أن تكون القرارات الشرائية للمستهلكين غير مدروسة بشكل كبير, وبالتالي يمكن توقع أنها قد تحيد عن العقلانية بعض الشيء لتتجه نحو تحقيق المنفعة الآنية, ومن ثم تجتذب خطوط الإنتاج تجاهها, لتؤثر علي مستوي النمو الاقتصادي في الدولة بشكل عام. وفي ذلك الشأن حصل الأمريكي ريتشارد تالر علي جائزة نوبل في الاقتصاد, والتي تم منحها له استنادا إلي أبحاثه في مجال الاقتصاد السلوكي, وكيف يمكن للأفراد أن يتجهوا إلي قرارات غير عقلانية في قراراتهم الشرائية, وعقب حصوله علي جائزة نوبل والتي تقدر بنحو1.1 مليون دولار أمريكي, صرح لوسائل الإعلام أنه سيحاول قدر المستطاع إنفاق مبلغ الجائزة علي نحو غير عقلاني, في إشارة منه إلي أن الإنفاق العقلاني قد لا يؤدي إلي تحقيق الاستمتاع المطلوب. فما أسهم به في بريطانيا هو إنشاء وحدة لتوجيه المواطنين نحو الإنفاق الأفضل, كما ركز علي توجيه سلوك المواطنين نحو شراء السلع وطلب الخدمات بما يحقق الإفادة الأكبر للاقتصاد الأمريكي, واعتمدت نظريته علي أن الأفراد يتخذون قراراتهم الشرائية بالتركيز علي التأثير قصير الاجل المرتبط بمنفعة كل فرد بدلا من تأثيره الكلي علي الدولة ككل. وفي ذلك الشأن يمكنني إضافة أنه إذا ما كان مستوي التعليم منخفضا في دولة ما, فمن المتوقع أن يكون أثر نظرية ريتشارد أكبر لانتشار القرارات العشوائية غير العقلانية المرتبطة بالتوجهات الاستهلاكية للمواطنين ومن ثم تأثيرها سيمتد بصورة اكبر علي ضعف النمو الاقتصادي للدولة نتيجة ضعف هياكلها الإنتاجية المصاحبة للطلب الاستهلاكي. وبالتالي يمكن إن نقول أن ريتشارد قد حصل علي نوبل في مبادئ الاقتصاد, فإضافته أري أنها قد تركزت في الشرح الواقعي لمبادئ الاقتصاد, ومردودها علي المجتمع واقتصاد الدولة. [email protected]