في إطار الليالي العربية التي يقيمها مهرجان مالمو للسينما العربية, الذي يختتم غدا الثلاثاء, يعرض, في الثامنة والنصف من مساء اليوم, الفيلم المصري الأصليين بعد سهرة تتضمن غناء وعزفا للموسيقي العربية وعشاء مكونا من المأكولات العربية أيضا في سينما بانورا بالمدينة السويدية الجنوبية, ويحضر العرض منتج الفيلم صفي الدين محمود. وما يميز الأصليين أنه فيلم ممتع وسهل التلقي, بل أن بعض المتخصصين يمكن أن يأخذوا عليه أن بناءه الدرامي لا يتمتع بالجرأة الكافية لكسر الأطر التقليدية للسرد السينمائي المصري, والأهم أنه فيلم جاد يطرح قضية مهمة.. والقضية التي أقصدها ليست- كما قال كل من شاهد الفيلم- العالم الزجاجي الشفاف الكبير الذي نعيش فيه, والذي لا ينجو فيه أحد- مهما بلغ شأنه- من المراقبة والرصد, ولا يتمتع فيه أحد بخصوصية حقيقية, لأن هذه الفكرة سبق تقديمها في الكثير من الأعمال المصرية والعالمية, وكلها خارجة من عباءة نظرية الأخ الكبير الذي يراقب ويرصد ويفرض سلطته ويمارس نفوذه وإلهيته الصغيرة علي من هم دونه. القضية المهمة التي يطرحها الفيلم في رأيي, هي حالة التدجين التي وصلنا إليها, والتي تحولنا معها جميعا إلي دواجن, ليس فقط من منطلق فكرة أن هناك من يتحكم فينا وفي زادنا ويحبسنا وراء أسوار ليس من المسموح تجاوزها, بل يمكنه ذبحنا وقتما أراد, ولكن أيضا لأننا قانعون بهذه الحياة وتلك الأسوار وغير راغبين, أو غير قادرين, علي تجاوزها والتمرد عليها.. وأجاد المخرج التعبير بصريا عن ذلك في أول الفيلم باستعراض طويل نسبيا لدواجن مذبوحة ومغلفة في أطباق وأكياس بسوبر ماركت كبير. والأهم من طرح القضايا, هو الحث علي التفكير والتأمل, وفيلمنا يدعوك لذلك بقوة, بغض النظر عن أي تفسيرات أو تأويلات لرسالته وأي تحليل لمضمونه, فالمهم أنه ليس عملا فنيا للاستهلاك الوقتي ثم الإلقاء في سلة المهملات مثل المناديل الورقية, بل فيلم يبقي في الذاكرة ويحرض علي التفكير وإعمال العقل. وفي إطار نشاط اليوم, يلقي المخرج المصري يسري نصر الله, الذي يكرمه المهرجان بالتعاون مع جامعة مالمو, محاضرة درس السينما بالجامعة في الثالثة عصرا, ويسبقها عرض لفيلمه بعد الموقعة(2012), الذي تنافس علي السعفة الذهبية في الدورة ال65 لمهرجان كان السينمائي في نفس العام.. وفيه أراد نصر الله السير علي خطي المخرج الكبير ديفيد لين في فيلمه الشهير لقاء قصير( بريف إنكاونتر), فقدم علاقة مستحيلة بين ناشطة سياسية ثورية ومتزوجة( منة شلبي) وخيال من نزلة السمان متزوج بدوره ولديه طفلان( باسم سمرة), ويعد- بشكل أو بآخر- عدوا لها لأنه كان ممن اقتحموا ميدان التحرير في موقعة الجمل للاعتداء علي الثوار.. كما يختار المخرج عدم تبني أي اتجاه أو موقف أو حتي فكرة, ليظل علي مسافة واحدة من الجميع, ويحول الفيلم- في بعض أجزائه- إلي ندوة مباشرة يتحدث فيها الجميع من جميع الاتجاهات بلغة نشرات برامج التوك شو. وتشهد سينما بانورا, في العاشرة من صباح اليوم, عرض الفيلم المصري لا مؤاخذة, للمخرج عمرو سلامة, وهو عرض مخصص لتلاميذ المدارس في مالمو فقط.