في جرأة غريبة لا نقرؤها إلا في السير الذاتية لحياة كتاب وكاتبات الغرب تحكي ليلي العثمان كاتبة الكويت الأبرز قصة حياتها في كتاب يحمل اسم انفض عني الغبار صدر هذا العام.. وهي تستعيد ذكريات الطفولة بحزن وأسي حيث كانت هذه الطفولة غير سعيدة علي الإطلاق فقد انتقلت فيها من بيت لبيت ومن أم لزوجة أب وقاست فيها الكثير نتيجة المعاملة السيئة. حيث كان الأب الثري جدا يملك قصورا عديدة وزوجات عديدة أيضا كما كان نموذجا من سي السيد المصري في رواية نجيب محفوظ فلا راد لكلمته ولا صوت يعلو علي صوته.. كما كانت المرأة في ذلك الوقت كما مهملا عليها أن تطيع وتنفذ دون نقاش. عانت الكاتبة الكبيرة الكثير وأختزنت كل ذلك وتحول داخلها إلي نوع من التمرد الصامت أو البركان الخامد مؤقتا في انتظار الإنفجار وما إن مات الأب الذي لم تكن تحبه حتي أخرجت كل طاقتها الكامنة في تحرير نفسها أولا ثم في محاولة تحرير المرأة الكويتية عموما وكان هذا هو طريق في الإبداع بدءا من القصة القصيرة التي بدأتها في السبعينيات وحتي الرواية والشعر في عام..8002 لقد كان صوتها عاليا وحادا ومسموعا وتعرضت كثيرا للمساءلة والمنع لكنها واصلت إذ تحولت الكتابة والبوح عندها إلي رسالة ومعني لحياتها حتي لقد سمعوها في الخارج وترجموا كتاباتها ولعل رواية وسمية تخرج من البحر رواية أعطتها شهرتها عن طريق بطلتها وسمية والنهاية التي انتهت إليها والتي عشقت البحر منذ طفولتها ورأت فيه حريتها ثم إذا أتيح لها الفرصة حين كبرت أن تمارس حريتها علي شاطئه مع حبيبها لكن الشرطة علمت بالأمر وفاجأتهما فاضطرت أن تغوص في الماء إلي أن ترحل الشرطة لكن الشرطة لم ترحل وطال غوص وسمية تحت الماء ولم تخرج بعدها!! نهاية مأساوية حادة لا تنسي ومعبرة تعبيرا حادا عن وأد الحب في ذلك الوقت! لقد أرخت ليلي العثمان لحياتها منذ كانت طفلة ولحياة بلدها الكويت أيضا منذ أن كانت تحيا حياة مظلمة والمرأة تعيش علي الهامش كأنها مجرد قطعة من الأثاث المنزلي تعمل فقط علي راحة الرجل وممارسته للعنجهية, لقد عرفت الكاتبة الكبيرة ليلي العثمان كل المتناقضات في حياتها بدءا من الطفولة: الثراء الفاحش والخير العميم في مقابل مبيتها جائعة نتيجة مظالم زوجة الأب وزوجة الأخ وعرفت التزين بالذهب وفاخر الثياب مقابل الحرمان العاطفي والقسوة والتشدد والتعنت.. ووسط هذا التعقيد كانت روحها تتوق لشيء عظيم اسمه الحرية وبالتحديد حرية المرأة والخروج من تسلط الرجل والذي مازالت له بقايا حتي اليوم.. ولقد بكي الرجال والنساء في الكويت وخارج الكويت وهم يقرأون نهاية سمية في رواية ليلي العثمان وقدموا أيديهم ودموعهم يحاولون إخراجها من تحت الماء في البحر.. لكنها ماتت من أجل أن يحيا الباقون.