ن كلاسيكيات المعارك الفكرية المرتبطة بالأعمال الفنية هو السؤال الخالد: هل النجاح التجاري يكفي للدلالة علي جماهيرية العمل؟ بمعني: هل يكفي رقم إيرادات فيلم ما للتعامل مع صناعه. مباعتبارهم فنانين كبار؟ نعتقد أن هناك مسيرات فنية تجيب عن هذا السؤال دون مواربة, منها مسيرة الفنان محمد عوض. ولد محمد عوض يوسف, الذي تحل اليوم( الأحد6/12) ذكري ميلاده, عام1932, بالقاهرة, وحصل علي ليسانس الآداب من جامعة عين شمس عام1957, ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية, وتخرج عام1962, أي تجمعت لديه فرص النجاح من جميع الطرق, وكان قد تعرف علي الفنان عبدالمنعم مدبولي الذي ضمه لفرقة ساعة لقلبك, وأيضا لفرقة المسرح الحر, ثم بدأ عوض يعرف طريقه إلي شباك التذاكر, ليكون واحدا من أولئك الذين يضمنون المكسب للمنتجين, حتي إنه قدم خلال الستينيات30 بطولة سينمائية, لكن هل تذكر إحداها؟ إننا بالطبع لا نريد أن ننتقص من قدر الفنان الراحل, خاصة ونحن نحتفل بذكري ميلاده, لكننا نريد أن نضع نقاطا علي الحروف في مسألة اعتماد إيراد الأفلام كمعيار وحيد لنجاح وقيمة العمل الفني, خاصة بعد أن انتشرت في السنوات الأخيرة الدعوة إلي اعتماد الإيرادات دليلا علي قيمة العمل الفنية. كانت معظم أفلام عوض من أفلام الحرف ب, وكثير منها يحمل ثلاثة في عنوانه: الثلاثة يحبونها, العزاب الثلاثة, الشياطين الثلاثة, وذلك للاستفادة من نجومية يوسف فخر الدين تارة, ويوسف شعبان تارة, وحسن يوسف غالبا. في السبعينيات زادت نجومية عوض ولم يعد له منافس سوي عادل إمام, وخلال هذا العقد قدم عوض أكثر أعماله جماهيرية وهو مسلسل برج الحظ الشهير باسم شرارة(1978, إخراج يحيي العلمي), والطريف أن عوض كان بالفعل يؤمن بالحظ, حتي إنه كان يقرأ الفنجان لزملائه. مع بداية الثمانينيات لم يجد عوض له مكانا في السينما, فقد ظهر جيل المخرجين عاطف الطيب, ومحمد خان الشهير باسم جيل الثمانينيات, أما الأعمال التجارية فقد سيطرت عليها أفلام المقاولات, مما أدي إلي انسحاب عوض تدريجيا, وحاول تكوين فرقة مسرحية تسببت في خسارته ماديا, أضيفت إليها خسارة في مشروع مالي خاص, أدي إلي أن يلقي مصير معظم نجوم الكوميديا وهو الإفلاس والمرض. في التسعينيات قدم محمد عوض عملا مهما ربما أهم من كل ما قدمه, وهو فيلم آي آي(1992, إخراج سعيد مرزوق), ولعب فيه دور والد زينب( ليلي علوي) المريض الذي يتوفي, وهو الدور الذي حفظ لعوض مكانا في تاريخ السينما المهمة, ليثبت أن دورا جادا واحدا قد يساوي عشرات الأدوار التي تنساها بمجرد نزول تتر النهاية. رحل عوض يوم27 فبراير1997, تاركا ثلاثة أبناء عملوا جميعا بالفن, لكن أيا منهم لم يحظ بنفس نجومية الوالد, هم: عادل وعاطف وعلاء, وربنا يرحم الجميع.