رغم ما أعلنته منذ ايام من رفض او استعداد لتحرك عسكري لايقافه, يبدو ان تركيا تكذب علي العالم في تضامنها معه بالرفض لاستقلال اقليم كردستان العراق, واقامة دولة مستقلة للاكراد علي الحدود العراقية التركية. وتأتي اعراض الكذب التركي الي ماتقتضيه المصلحة الاقتصادية لانقرة والتي كشفت عنها التعاملات الاقتصادية والاستثمارية بين الاقليم وتركيا منذ خضوع كردستان للحكم الذاتي بواقع الدستور العراقي الجديد وتتخوف تركيا من أن يؤدي استقلالالاقليم إلي إعادة إيقاظ الشعور القومي لدي الأكراد فتركيا التي ينتشر بها أكثر من15 مليون كردي يشكلون20% من الأتراكت يشكل الأمر مأزق بالنسبة لها يشبه ما واجهته عقب الانتفاضة الكردية عام1991 لذلك فمن مصلحتها منع قيام كيان كردي يهدد استقرارها في المنطقة إلا أنها تواجهه خلافا بين مصلحتها ورؤيتها لهذا الاستقلال الأمر الذي أوضحته صحيفة فاينانشال تايمز في مقال أكدت فيه أن الاستقلال يعد اختبار لعلاقة حكومة إقليم كردستان مع أنقرة وتري الصحيفة انه رغم موقف تركيا المتشدد من فكرة الانفصال إلا أنها ستعيش في تردد خلال الأشهر المقبلة وبحسب الصحيفة فإن هناك الكثير من الملفات والمصالح المتشابكة بين الطرفين التركي والكردي وأنهما طورا علاقات ثنائية سياسية واقتصادية خاصة في مجال الطاقة في الأعوام العشر الماضية بعد أن اعتبرت هذه المنطقة ذاتية الحكم بموجب الدستور العراقي الجديد وتجاوز حجم التجارة بينهما8 مليارات دولار مع تكثيف تركيا تجارة النفط مع الأكراد وتعد بوابة خابور علي الحدود التركية العراقية من أكثر المعابر حركة كما تسيطر الشركات التركية الخاصة علي اقتصاد كردستان وتدير حجما هائلا من الاستثمارات شمال العراق حيث يصدر إقليم كردستان العراق550 ألف برميل من البترول يوميا عبر خط أنابيب يمر جنوب شرق تركيا إلي البحر الأبيض المتوسط كما أن تركيا تملك قواعد عسكرية في الموصل وفي كردستان وتربطها علاقات وثيقة مع بعض التنظيمات العسكرية العراقية كما أنها استفادت كثيرا من علاقتها بالحزب الديمقراطي الكردستاني وتري الصحيفة أن الحكومة التركية في اتخاذها التدابير والتحذيرات التي سيكون لها أثارها السياسية والاقتصادية للرد علي الاستفتاء عليها أن تكون هادئة وان تعيد حساباتها وعلاقتها لتحقق توازنا بين مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية للحفاظ علي دورها كمنافسة للنفوذ الإيراني والحد من تمددها الطائفي في بغداد وأوضحت الصحيفة أن تركيا تنظر إلي الاستفتاء الذي جري امس علي انه خطر علي أمنها القومي الداخلي ويلغي نفوذها ودورها الإقليمي وفيه إلغاء للترك سياسيا وديموجرافيا كما أن مشكلة تركيا في العراق متعلقة بالمعسكرات التابعة لحزب العمال الكردستاني علي المناطق الحدودية الذي له قوة عسكرية وسياسية هناك فتركيا التي تلوح بإغلاق بوابة خابور ورفع مستوي المناورات العسكرية بها وإغلاق خط البترول الممتد من كردستان إلي ميناء جيهان التركي عليها أن تتروي لان ذلك سيحرم الترك من أهم مواردها المالية وتزويد قاعدتها العسكرية بالأسلحة فتركيا تعتمد اعتمادا كبيرا علي صادراتها لتلبية احتياجاتها المتنامية من الطاقة كما أن ذلك يمكن أن يضر أيضا بهدف تركيا لتصبح طريقا لعبور الصادرات من الشرق الأوسط وروسيا إلي أوروبا ومن غير المرجح أن تتخذ أنقرة إجراءات يمكن أن تثير التوترات مع موسكو كما أن قطع المجال الجوي التركي أمام الرحلات الجوية من والي اربيل ومواصلة القصف الجوي لمقرات حزب العمال لصنع وضعا امنيا حرجا وذلك بحجة انه يمس أمنها القومي لكنها حقيقة تخشي حدوث صراع بينها وبين الحزب كما تستفيد أنقرة من علاقتها مع حزب بارزاني الديمقراطي وتختتم الصحيفة بإن الشراكة بين أردوغان وبارزاني قد تستمر إلي ما بعد الاستفتاء كما هو الحال مع جميع علاقات الرئيس التركي ومثل ما حدث في تركيا عام2003 حين أدركت تركيا مدي تأثير الحرب علي العراق ولم تنخرط فيها لأنها نقيض لمصالحها ولم تكن تملك الطاقة والأدوات لمنعها لذلك بقي موقفها سلبيا ومنعت القوات الأمريكية الدخول عبر أراضيها ثم عادت وفتحت المجال الجوي أمام الطائرات الأمريكية وفي المحصلة بقيت تركيا مرتبكة إلي أن استقر العراق علي شكله الجديد