حذر خبراء من الحالة التي وصلت اليها بحيرة مريوط بالاسكندرية إحدي أهم بحيرات مصر المنتجة للأسماك, بعد أن تجاوز التلوث بها معدلاته المسموح بها أو غير المسموح بها بعد أن تحولت إلي مسطح مائي تفوح منه الروائح الكريهة جراء آلاف الاطنان من مختلف انواع الصرف غير الضارة والضارة التي جعلت التلوث الصناعي أحد معالم البحيرة وحكمت علي ما يحويه جوف البحيرة من أسماك بالنفوق بل أصبح ما يتم اصطياده من البحيرة من أسماك محل اتهام بخطورته علي الصحة العامة نتيجة ما تحتويه تلك الأسماك من سموم قاتلة. المثير للده مسئولو الاسكندرية الذين يتعاملون مع البحيرة وكأنهم يمنحون ما لا يملكون كان شغلهم الشاغل كيفية ردم وتجفيف البحيرة وتقسيمها وتوزيع أراضيها علي رجال الأعمال وأصحاب النفوذ والمال. فمن يصدق أن بحيرة مريوط التي كانت من اكثر بحيرات مصر الشمالية إنتاجا للأسماك تعاني الآن من التدهور المستمر والاعتداء الدائم عليها تارة بالملوثات القاتلة وتارة أخري بالردم والتجفيف حتي تقلصت مساحتها من70 ألف فدان عام1960 إلي أقل من16 ألف فدان الآن.. الكارثة الحقيقية أنه منذ السنوات الخمس الأخيرة تم تجفيف وردم آلاف الأفدنة تحت سمع وبصر المسئولين وفي كثير من الأحيان بمباركتهم لذلك كانت ومازالت هدفا ثمينا لرجال الأعمال ومافيا الأراضي. المفاجأة المحزنة أنه بعد انتهاء الثورة تم التعدي علي أكثر من500 فدان في ظل الانفلات الأمني واختفاء المسئولين بمحافظة الاسكندرية وتغاضي الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية عما يحدث بالبحيرة وكأنها لا ولاية عليها, ويبدو أن السبب هو أن القانون في إجازة مفتوحة خاصة بوزارة الزراعة والدليل علي ذلك ردم وتجفيف200 فدان حوض ال6 آلاف فدان داخل البحيرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.. ولم يتحرك أحد.. مياه وصاحبها غائب!! ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل طال التعدي والطمع لحوض الألف فدان, حيث تم ردم مئات الأفدنة من قبل مافيا الأراضي تحت سمع وبصر المجتمع السكندري بأكمله. ومن واقع البحيرة إلي الوجه الأخر القاتل للكائنات الحجرية داخل البحيرة فحدث ولا حرج.. فالمخالفات الصناعية والزراعية والصحية غير المعالجة تسكن جوف البحيرة وتنفث سمومها لأسماك البحيرة التي أصبحت تشكل خطرا علي الصحة العامة.. مما ترتب تدمير الثروة السمكية والقضاء علي مظاهر الحياة بالبحيرة. وقد شهدت وسمعنا خلال جولة بالبحيرة أنها شهدت العديد من الحوادث الناجمة عن إلقاء مخلفات الصرف خاصة الصرف الصناعي وما ينتج عن ذلك من قتل مئات الأطنان من الأسماك وكان أخر هذه الحوادث ما شهدته بحيرة مريوط منذ عدة أشهر عندما فوجئ صيادو البحيرة ذات صباح بمشهد غاية في الغرابة مئات الأطنان من الأسماك نافقة وملقاة علي حواف البحيرة داخل حوض ال3 آلاف فدان, بالإضافة إلي رائحة كريهة تفوح من مياه هذا الحوض.. أنطلقت الصرخات والاستغاثة بالجمعية العربية لحماية وتنمية الثروة المائية والتي قامت علي الفور بتشكيل لجنة من اساتذة الجامعة, حيث قامت بجمع عينات من الأسماك النافقة والتربة, وكذلك المياه وجاءت النتائج صادمة لأنها سيئة للغاية, حيث أثبتت التحاليل عدم وجود أي مظهر من مظاهر الحياة بالمياه وأرتفاعا في نسبة المشتقات الفينولية نتيجة صرف صناعي بترولي.. وبالبحث والتقصي عن اسباب نفوق اكثر من200 طن من الأسماك كانت المفاجأة.. وجود مواسير خارجية من شركتين في مجال البترول تصب في جوف البحيرة وتحديدا داخل حوض ال3 آلاف فدان.. وداخل اجسام الأسماك النافقة وجد أرتفاع نسبة العناصر الثقيلة بداخلها والتي تعد شديدة السمية, وعلي أثر ذلك قامت الجمعية بالأعلان عن تفاصيل وأسباب مأساة نفوق الأسماك داخل بحيرة مريوط.. فماذا حدث؟! محضر وتحقيقات السؤال يجيب عليه الدكتور محمود التركي أستاذ الارشاد السمكي ورئيس مجلس إدارة الجمعية العربية لحماية وتنمية الثروة المائية بالاسكندرية والذي بدأ بقوله.. فور وقوع هذا الحادث قمت بتحرير المحضر رقم296 إداري مينا البصل لعام2011 وأثبت فيه نفوق كامل لأكثر من200 طن من أسماك حوض ال3 آلاف فدان ببحيرة مريوط نتيجة إلقاء مخلفات صناعية بترولية غير معالجة بعد قيام شركتي بترول بعمل الصيانة الدورية لغسيل التنكات الخاصة بهما وإلقاء المخلفات الصناعية السائلة داخل حوض ال3 آلاف فدان. ويستطرد قائلا: بعد مرور عدة أشهر شهد الحوض ذاته أيضا نفس الواقعة وعلي أثر ذلك قمت بتحرير محضر رقم12738 لسنة2011 إداري أول العامرية وللأسف لم يتحرك أحد من السادة المسئولين تجاه هذه الكوارث, وعند اطلاق صرخات الاعتراض كان المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الاسكندرية بتشكيل لجنة من كلية الطب البيطري جامعة الاسكندرية للوقوف علي الحقائق وأسباب نفوق أطنان من الأسماك بالبحيرة.. وقد قامت اللجنة بأعداد تقريرها الذي قام السادة المسئولون بمحافظة الاسكندرية باخفائه وعدم الاعلان عما ورد وقيد ذلك قبيل ثورة25 يناير. تقرير ومفاجأة ونجح الأهرام المسائي في الحصول علي صورة من التقرير الذي أعده اساتذة كلية الطب البيطري جامعة الاسكندرية والذي قام بالفعل مسئول بمحافظة الاسكندرية بأخفائه بعد قيامهم بتكذيب الواقعة في وقتها والادعاء بالكذب بأن الأسماك قد نفقت بسبب برودة الطقس. وتضمن التقرير مفاجآت, حيث يؤكد أن عينات المياه المأخوذة عن بعد من ماسورة مصب شركات البترول وهي مياه حمضية لها سمية عالية علي الأسماك وذات رائحة كريهة.. أما فيما يخص عينة الأسماك النافقة فكانت سوداء اللون ذات رائحة كريهة مع خروج فتحات الشرج المدممة من بطن كل العينات التي تم تجميعها. وقد خلص التقرير إلي أنه من الفحص الظاهري والبيولوجي وتحليل العناصر الضارة( الرصاص النحاس النيكل الزئبق) وكذلك بعض المركبات الفينولية تبين أن رائحة الأسماك كريهة ومنفرة دليلا علي تعفن عضلات الأسماك مع عدم وجود بكتيريا أو الردتيغير أو الأرتيمبا في المياه, وبالتالي ليس لها دور في نفوق الأسماك وأن بقايا مركبات الفينول مرتفعة عن الحد المسموح به, وهذا له تأثير ضار عن الأسماك, وكذلك ارتفاع نسبة متبينات العناصر الثقيلة لدرجة كبيرة وهذا له تأثير ضار جدا علي الأسماك ممكن أن يؤدي إلي نفوقها, وكذلك تبين ان ارتفاع نسبة الحموضة عن الحد المناسب لنمو الأسماك مما أدي إلي وجود بيئة غير مناسبة لمعيشة الأسماك. ويتضح أن أرتفاع نسبة الحموضة في مياه البحيرة نتيجة الصرف غير المعالج ووجود نسبة عالية من كل من متبقيات العناصر الثقيلة والمركبات الفينولية أعلي من الحد المسموح به. وتواجد ميكروب السود موتسي بنسبة عالية يؤدي إلي إنخفاض صناعة الأسماك كال من الأسباب الرئيسية لنفوق الأعداد الكبيرة من الأسماك الموجودة داخل البحيرة. وينتهي التقرير ولكن لم تنته المآساة حتي الآن والتي سوف تتكرر بسبب إلقاء مخلفات الصرف بجميع أنواعه بلا معالجة, وذلك في ظل الصمت القاتل للسادة المسئولين سواء بوزارة الزراعة المنوط بها حماية البحيرة أو محافظة الاسكندرية التي تحتضن بين جنباتها هذه البحيرة المفتري عليها.