فيما تحتل الصين موقع الشريك التجاري الأضخم للهند, إلا أن هناك العديد من دوافع الاختلاف بينهما. فهما طرفان متنافسان علي المجال الاستراتيجي الاقتصادي والسياسي القائم في آسيا, وتتنازعان علي مناطق حدودية متعددة. كما أن الإقامة المتواصلة للدالاي لاما, الزعيم الروحي للتيبت, علي الأراضي الهندية كان سببا دائما للتوتر في الجانب الصيني. وتتنافس الهندوالصين علنا علي النفوذ في سريلانكا وميانمار ونيبال وبنجلاديش. وحتي وقتنا هذا كانت المنافسة تعتمد إلي حد كبير علي آليات اقتصادية وتجارية وخاصة مشاريع المواني وخطوط الأنابيب المتنافسة لتأمين المواقف. وتلك الخلافات بين الصينوالهند التي تميزت بصعوبة إدارتها بسبب الجراح الحدودية التي لا تندمل, تمثل وفق بعض الآراء, أكبر عائق أمام انتزاع الصينوالهند لقرنهما الذي يستحقانه( القرن الحادي والعشرين) معللة ذلك بأن هذين البلدين ظلامنذ العام الميلادي الأول وحتي عام1820 صاحبي أكبر اقتصادين في العالم, بحسب توثيق الاقتصادي آنجس ماديسون. أما الأعوام ال200 الأخيرة للهيمنة الغربية من تاريخ العالم فقد كانت انحرافا كبيرا في مسار التاريخ( المعتاد) ولما كان كل الانحرافات تصل إلي نهاياتها الطبيعية. فمن الطبيعي تماما للصين والهند أن تكونا مرة أخري صاحبتي أكبر اقتصادين في العالم. وتعالت الاصوات بالدعوة الي الحوار بين القوتين الكبيرتين, بعد التراشقات العسكرية بين قوات البلدين التي استمرت أكثر من شهرين. وبدأت المواجهة في منتصف يونيو/حزيران, عندما اكتشفت بوتان, الحليفة الوثيقة للهند, أن الجيش الصيني يحاول تمديد طريق عبر دوكلام, وهي هضبة مرتفعة في الهيمالايا تنتمي إلي بوتان, ولكن الصين تدعي ملكيتها. وسرعان ما أرسلت الهند, التي تضمن أمن بوتان الصغيرة قواتها ومعداتها لوقف البناء, مؤكدة أن الطريق الذي يشرف علي النقطة حيث تلتقي حدود التبت, وبوتان, وولاية سيكيم الهندية, يهدد امنها ومنذ ذلك الحين, اخذ قادة الصين يحذرون الهند كل يوم تقريبا مطالبين إياها بالتراجع أو مواجهة الانتقام العسكري. وهددت وزارة الدفاع الصينية بتلقين الهند درسا مريرا, متعهدة بأن يتسبب أي صراع في إحداث خسائر أعظم من تلك التي أحدثتها الحرب الصينيةالهندية في عام1962, التي نجحت فيها الصين الماوية, في إلحاق الهزيمة بالهند حديثة الاستقلال آنذاك. واخيرا اتفقت الهندوالصين علي سحب قوتيهما المتواجهتين لأسابيع بالقرب من المثلث الحدودي بين الهندوالصين وبوتان. الواقع هو أن الدولتين, ولأسباب عديدة, منها التقدم الاقتصادي الكبير للصين وازدهار التبادل التجاري بينهما, حيث تعتبر الهند الشريك الأكبر للصين, لن تسمحا للأمور بالخروج عن نطاق السيطرة, فالعلاقات الاقتصادية بينهما شهدت طفرة نوعية عندما ارتفع حجم التجارة بينهما إلي70 مليار دولار سنويا. وهما عضوان في تجمع بريكس. ووفق تقرير اصدره مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكي أنه بحلول2030 ستصبح الهند قوة اقتصادية إقليمية بالدرجة التي تمثلها الصين اليوم. ذلك أن الهند تمتاز بطاقة ديموغرافية مهمة تمثل أكبر تجمع للعمال الذين هم في ذروة النشاط والعطاء( ما بين25 و54 عاما) في العالم. وهذه التحولات ستجعل الهند شريكا جذابا ومفيدا للصين. ولذا يتعين علي البلدين أن يعملا علي تسخير مواطن القوة النسبية لدي كل منهما وتوسيع التعاون المتبادل في مجالات البنية الأساسية والاستثمار وغير ذلك من المجالات; وتعزيز الروابط الثقافية; وتعزيز أواصر التعاون في المحافل التعددية من أجل حماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية. وأخيرا, يتعين علي كل من البلدين أن يستوعب المخاوف الأساسية لدي الآخر.