قالت الدكتورة هدي زكريا عضو المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام ومقرر لجنة إعداد مشروع قانون حرية تداول المعلومات إن تزايد الاهتمام بالانتهاء من مشروع القانون لا يأتي فقط من جانب الإعلام , إنما أيضا من جانب المواطن العادي, سعيا وراء الشفافية ووضوح الحقائق أمام الجميع, بالإضافة إلي تعدد المكاسب الاقتصادية والاجتماعية ومنع البلبلة ومواجهة انتشار الشائعات لاسيما في ظل انفتاح العالم علي بعضه من خلال شبكات التواصل الاجتماعي, لكن في الوقت نفسه تحرص اللجنة علي خروج القانون في أفضل صورة وبالضوابط اللازمة حتي تضمن تفعيله وتنفيذه ولا تضطر في وقت لاحق لإدخال تعديلات عليه أو إعادة صياغته, ومن هنا كان عمل اللجنة بدقة وبدراسة مستفيضة, وقد قاربنا علي الانتهاء منه. وقالت في حوارها لالأهرام المسائي إن اللجنة ستعقد اجتماعا قريبا, ويتم بعد ذلك طرح مسودة القانون يوم11 سبتمبر ثم صياغتها تمهيدا لتقديم المشروع لمجلس الوزراء ومجلس النواب لإقراره, وأكدت أن القانون لا بد أن يأتي بما يليق مع قيمة مصر وتاريخها في تداول المعلومات وتوثيقها وأنها سبقت أكثر دول العالم تقدما في هذا المجال, والدليل علي ما تتضمنه دار الكتب والوثائق القومية من المخطوطات الأثرية والوثائق القومية في مصر. لماذا استغرق إعداد مشروع قانون حرية تداول المعلومات وقتا أطول من المتوقع له؟ لم يأخذ وقتا طويلا, لكن الالحاح علي الاسراع به لاسيما من جانب الإعلام قد يكون وراء هذا الاعتقاد, في حين ان اللجنة المنوطة باعداده حريصة للغاية علي خروج القانون في افضل حالة,بحيث نصبح علي يقين من انه سيخدم كل الاطراف: المواطن الذي يشكو من الببيروقراطية ونقص المعلومات التي يحتاج اليها حتي في انهاء الاوراق الشخصية في المصالح الحكومية, والموظف الذي تتراكم الاوراق في أدراج مكتبه, والصحفي والإعلامي يحصل علي حقه في الحصول علي المعلومة بما يمكنه من اداء عمله, وفي الكشف عن الفساد,وسيصبح له الحق في التوجه بشكوي الي قاضي الامور المستعجلة من مفوض المعلومات الذي تخاذل عن منحه المعلومات الكاملة, بالاضافة الي تحديد زمن معين للحصول علي المعلومة, وفي الوقت نفسه مثلما سيحفظ قانون حرية تداول المعلومات حقوق الأفراد والإعلاميين في الحصول علي المعلومات, والالتزام بالكشف عن المعلومات التي تمتكلها هيئات الدولة وإداراتها, لتحقيق الشفافية ومحاربة الفساد.فانه أيضا يحفظ حق الوطن في عدم المساس بالأمن القومي. لكن هناك مخاوف من حدوث اصطدام بين اتساع مصطلح عدم المساس بالأمن القومي والاسرار العليا للدولة وحرية تداول المعلومات..فكيف ستواجهون ذلك؟ في كل دول العالم هناك واكثرها تشدقا بالديمقراطية هناك اسرار عليا وقضايا ترتبط بالامن القومي لا يمكن الاقتراب منها, ولكل دولة منطقة الحظر الخاصة بها, وإلا ما كان العالم عرف فكرة التجسس والجواسيس لو كانت كل المعلومات تتاح لكل الناس!, فالحرية موجودة مع الوضع في الاعتبار الحفاظ علي مصالح الوطن, في امريكا علي سبيل المثال من يستطيع أن يقترب من اللوبي الصهيوني من الإعلاميين او غيرهم؟ وقد كشف كتاب من يجرؤعلي الكلام- لبول فندلي الذي استطاع من موقعه السياسي كممثل لولاية البنتوي في الكونجرس الأميركي لمدة22 سنة, ومن مركز اطلاعه علي خفايا السياسة الأمريكية, وما وراء كواليسها,أن يتناول هذا الكتاب اللوبي اليهودي الذي يمثل حاكما فعليا للولايات المتحدة الأميركية, وقد تعرض لمحاولات كثيرة لتضييق انتشاره عند صدور.1985 لانه يمثل اقترابا من المعاناة العربية وذلك من خلال السياسة الدولية التي يحكمها حكام صهيون من خلال هذا اللوبي الذي يحكم بأسره, كما انه يكشف بذلك عن اسرار مواقف أمريكا غير المتوازنة تجاه الشرق الاوسط, وما أريد أن أقوله إن هناك اسرار عليا وكواليس تكون دائما وراء الاحداث والقرارات والسياسات لدول العالم تكون سرية, وغير متداولة. وهذا يأخذنا إلي ماحدث في مصر عام2011 حين فوجئنا يأفراد يهاجمون مقر أمن الدولة في مدينة نصر,وكأنهم في مهمة ما لمصلحة جهة ما للتعدي علي المصالح الامنية العليا, وقد أثبتت الاحداث المتلاحقة فيما بعد أهدافهم وأنهم مأجورين ولا علاقة لهم بهم بثورة25 يناير, ولا يمكن أن يكون هناك في القانون أي مصطلحات او مفاهيم فضفاضة,ان القانون سيتضمن تعريفا دقيقا للمصطلحات مثل المعلومة وحرية تداول المعلومات والأمن القومي وحجب المعلومة والمصدر الصحفي والجهات التي لها الحق في اعطاء المعلومة والشخص الذي له حق الحصول علي المعلومة إذن يستند القانون إلي مبدأ أو فلسفة تقول بأن الأصل في التعامل مع المعلومات هو الاتاحة بشرط عدم الاضرار بالامن القومي؟ نعم يقوم القانون علي إتاحة المعلومة فيما لايتعارض مع الامن القومي, فمن يتعرض للامن القومي أو المصالح العليا له يكون كمن يضرب الوطن في مقتل, ونحن لم نخترع قانونا, لكننا استندنا إلي تجارب الدول الاخري واستعنا بعدد كبير القوانين التي أقرتها الدول الأخري ودرسناها جيدا, ومنها أمريكا والمجر وجنوب افريقيا وسويسرا واسكتلندا, بالاضافة إلي رؤيتنا الني اختلطت بها, وعلينا ان ندرك ان القوانين تصدر في مختلف دول العالم لثلاث اهداف رئيسية هي النظام والحرية والعدالة, لكن ليس كل دولة تنظر للأهداف الثلاثة بنفس الاهتمام في نفس الوقت, فبعض الدول تهتم بالانضباط فتتبع الجانب المتشدد, ودول تنشغل بالعدالة, ودول أخري تهتم بالحرية فيما لا يتعارض مع مصالحها, وهكذا الأمر مع قانون حرية تداول المعلومات, فحق الحصول علي المعلومات تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة, لكننا رأيننا كيف أن كل دولة قد صاغت القانون تأثرا بفلسفتها الخاصة واتجاهاتها نحو العدالة ونحو الحرية ونحو ضبط الأنظمة, بمعني أن دولة تحاول ان تحقق الانضباط تختلف عن دولة تتمتع بالاستقرار, وهكذا جاءت القوانين متابينة وفقا لتباين فلسفة كل مجتمع وتوجهاته, وهو ما يبرز دور علم الاجتماع في وضع القوانين وكيف ان له باعا طويلا في هذا المجال. وماذا عن القانون الذي سيصدر في مصر, ماذا سيحقق للمواطنين والصحفيين والإعلاميين؟ سيضمن قانون حرية تداول المعلومات حقوق الأفراد في الحصول علي المعلومات, والالتزام بالكشف عن المعلومات التي تمتكلها هيئات الدولة وإداراتها وييسر حصول المواطنين علي المعلومات اللازمة لهم ضمانا لتنفيذ المادة68 من الدستور الخاصة بحرية تداول المعلومات. ويتمكن الصحفي من التصدي للفساد دون التعرض لاحتمالات التنكيل به من جانب الفاسدين, فيكون القانون بمثابة حماية له ودرع له من أذي الفاسدين, بالاضافة الي تحقيق الشفافية والحد من الاخبار غير الصحيحة وانتشار الشائعات والبلبلة, ومنع الاضرار بالصالح العام, ولذلك فالقانون يهم المواطنين جميعا. ما أهم التي المصاعب التي واجهتكم في اعداد القانون؟ الاصرار علي التعجل في الانتهاء من مشروع القانون الي حد المطاردة, وهذا يسبب لنا ازعاجا شديدا, بينما نحن نحرص علي الدقة والخروج به في افضل صورة, واعطائه الدراسات الوافية, ذلك في الوقت الذي يتعجل البعض وبرفع شعارات ومفاهيم زائفة ومغلوطة للحرية, كما اننا كنا كمن يخلص روح من روح فعلي المستوي الاداري لايزال هناك خليط من البيروقراطية القديمة الممتزجة بالنظم الحديثة, حتي أن كلمة شيخ الحارة لاتزال تدون في بعض الاوراق الرسمية!!! ونحن نريد أن نخلص الاوضاع الحديثة من القديمة, وسنستطيع, ان مصر كانت من أوائل الدول التي اهتمت بالتوثيق وتداول المعلومات اكثر من دول أخر ي متقدمة, ولن أشير إلي ما دونه القدماء علي جدران المعابد, لكن دار الكتب والوثائق تضم ما يقرب من57 ألف مخطوط تتراوح بين البرديات والمخطوطات الأثرية, والوثائق الرسمية مثل حجج الوقف ووثائق الوزارات المختلفة إلي غير ذلك, وكلنا يعرف كيف ان دار الوثائق القوميه تعد ثاني أقدم ارشيف في العالم بعد الارشيف البريطاني والفرنسي فقد تم انشاؤها عام1828 ميلاديه وترجع بدايتها للقرن التاسع عشر حينما قام محمد علي باشا بانشاء أول مكان لحفظ الوثائق والسجلات للدوله بمنطقة القلعة وأطلق عليه الدفتر خانه وكان الهدف من انشائها جمع كل وثائق ومستندات الدوله وحفظها في مكان واحد.