حالة من فقدان التوازن تصيب المجتمع المصري إثر تعرضه لهزات سياسية واقتصادية شديدة وخلل وتصدع في كل القيم والمبادئ التي كانت حتي سنوات قريبة صمام الأمان له حتي بعد تدني مستواها عقب سياسات الانفتاح علي كل ماهو غرائزي واستهلاكي. الجميع بعد كل الثورات يحلم بالانتقال سريعا لحياة وردية تحملهم علي جناح يمامة فإذا هم علي( التختروان) وهو وسيلة نقل داخل هودج يحمل علي ذوي الأربع ويصاب الناس بحالة من الإحباط والعجز والقلق لا تمكنهم من مواجهة الأزمات, ولا يمكن التنبؤ بتحديد سلوكهم في غياب الإحساس بالأمان فتغيب المسئولية المجتمعية ويصبح الشغل الشاغل هو نفسي نفسي ومن بعدها الطوفان ويتحول إلي سلوكيات شاذة تعكس شعورا متناقضا للوطن او لأي شي يقع في محيطه. وعلي سبيل المثال فقد انتهت الإجازة الصيفية تقريبا بانتهاء عيد الاضحي وقضي البعض منا أياما في أحد المصايف او الفنادق والمنتجعات لمن استطاع إليها سبيلا للاستمتاع ببعض الوقت وبعيدا عن ضغوط الحياة, ولكن وهم يحملون في داخلهم احساسا بالحرمان من بعض المتع أو الرفاهية في حياتهم اليومية, فيحاولون بشتي الطرق سد هذا الجوع النفسي بشذوذ سلوكي لا يصدر عن أسوياء, ففي عز أزمة الكهرباء وارتفاع أسعارها لدرجة تحرمك من استخدام مبردات هواء بمنزلك إلا في حدود وبحرص تجد كل من بالمصايف يحرص علي ان تظل تلك الأجهزة تعمل طوال الوقت والإضاءة لكل المكان المستخدم وغير المستخدم والتليفزيون لا يغلق حتي ولو لم يكن هناك من يشاهده! لقد قام بالتوفير من قوته ومن بعض احتياجاته الاساسية حتي يتمكن من القيام بهذه الرحلة الترفيهية, وعليه أن يستمتع بها ويستخدم كل ماهو متاح بكل انتقام عوضا عن المبلغ الذي دفعه للإيجار ومن أسعده حظه ومكنته ظروفه من الإقامة بأحد الفنادق شاملة الوجبات فهو ينافس الفراعنة في الأهرامات ويصنع لنفسه ولأفراد أسرته اهراما في أطباق تجمع أصنافا لا يمت أحدهما للآخر, إلا من باب الجوار الغذائي ولا شيء ينغص عليه ضميره بعد أن التزم واسرته بالمايوه الشرعي والحجاب كمظهر ديني أخلاقي صحيح, أما سلوكيات الدين التي تعني بعدم الإسراف والتبذير او ثلث لطعامه فهي خبر كان وثقافة ساعة الحظ ما تتعوضش ابقي وأشد رسوخا من أي تعاليم دين وإسلام وفي العام التالي سيضطر المستثمر لرفع الأسعار لتعويض خسائره وتغطية تكاليف هذا الاستهلاك المجنون وحين نعود الي العمل نستمر في مسلسل الانتقام و إضاءة كل ماهو متاح من الأنوار وإلقاء أي شيء بدورات المياه فهو مال عام وليس مالا خاصا والدولة تعادينا ونحن لها بالمرصاد. كل ذلك يعني الإحساس بوجود أزمة أخلاقية وسلوكية مرتبطة بالمشكلات الاقتصادية التي تواجه الناس خلال مسيرة حياتهم المعيشية وتقف حائلا أمام احتياجاتهم الأساسية فالفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وقلة الخدمات والقهر المادي والاستغلال وعجز الأفراد عن تدبير أمور حياتهم المعيشية كل ذلك يؤدي إلي تشكيل أنماط سلوكية لا معايير قيمية ولا أخلاقية لها ويخلق نوعا من الخلل الذي قد يصل إلي أشكال من الانحراف حيث يحاول كل فرد البحث عن وسائل غير مشروعة للتغلب علي تلك المشكلات المادية والضغوط الناتجة عنها, ونحن علي حافة هاوية اذا فقد منا للوطن احساسنا له بالحب وحل محله السخط والكره, وسنمضي نحيا بلا عقل في وطن بلا قلب.