في برنامجه هذا الرجل أبي الذي قدمه أحمد شوبير علي إحدي الشاشات التليفزيونية خلال شهر رمضان الماضي, والتقي فيه بأبناء وبنات المشاهير من الأدباء والفنانين والرياضيين والقراء.. استوقفتني الحلقة التي التقي فيها الكابتن باللواء طارق عبد الصمد ابن القارئ الشهير والذي طبقت شهرته آفاق العالم الإسلامي الشيخ عبد الباسط عبد الصمد, والذي رحل إلي دار البقاء منذ ثلاثين عاما والذي أمتعنا ولا يزال- بحسن تلاوته وجمال صوته وروعة تجويده لآيات الذكر الحكيم.. أقول استوقفني ما قاله اللواء طارق- وهو بالمناسبة يجيد تلاوة القرآن وبجودة تجويدا حسنا, ثم هناك تقارب في الأداء بينه وبين والده.. فقد سأله مقدم البرنامج عن مراحل تاريخ والده في عالم القراءة وكيف دخل إلي عالم الأثير قارئا من قراء الإذاعة المصرية, وكان مما قاله الابن الفاضل إن والده عندما كان يحضر إلي القاهرة قادما من أرمنت بأقصي جنوب الصعيد بمحافظة قنا- حاليا محافظة الأقصر- كان يقرأ ما تيسر من آي الذكر الحكيم في مسجد السيدة زينب رضي الله عنها في فترة ما قبل صلاة العصر حيث كان يلتف حوله جمهور المصلين مرددين آهات الاعجاب بصوته وأدائه واستطرد اللواء طارق يقول إنه يبدو أن أحدا من السامعين قام بتسجيل بعض من تلاوات الشيخ وقدمها للإذاعة وكان أن اعتمدت الإذاعة الشيخ عبد الباسط قارئا من قرائها دون أن يدخل امتحان القراء كما هو الأمر الطبيعي, حيث لابد لمن يريد أن يكون قارئا بالإذاعة أن يجتاز اختيار القراء.. هذه هي الرواية التي قالها ابن الشيخ, لكن هناك رواية أخري تناثرت مفرداتها عبر مكاتب الشئون الدينية والأحاديث بالإذاعة وجاءت علي ألسنة المسئولين عن إدارة هذه الشئون ثم انتشرت الرواية في جنيات الإذاعة في4 شارع الشريفين وسمعناها عن المذيعين الذين كنا في تلك الأيام في أولي درجات السلم الإذاعي في منتصف عام,1951 وتقول الرواية كما جاءت علي لسان الأستاذ الشافعي البنا يرحمه الله- المسئول عن إداراة الأحاديث والشئون الدينية والذي كان واحدا من حواريي النحاس باشا وكاتبي خطبه التي يلقيها في المناسبات الوطنية أو الحزبية إن النحاس باشا وكان في تلك الأيام رئيسا لمجلس الوزراء يؤدي صلاة العصر بين حين وآخر في مسجد السيدة زينب, وفي إحدي المرات دخل إلي صحن المسجد ومن حوله كوكبة سكرتاريته وأيضا الأستاذ الشافعي البنا وبالصدفة كان الشيخ عبد الباسط يتلو آي الذكر الحكيم وأصاخ النحاس باشا سمعه للصوت الجميل والأداء الرائع الذي كان يتحلي به القارئ الكريم والذي كان في تلك الأيام لا يتجاوز عمره الخامسة والعشرين فهو من مواليد1927 وهنا التفت النحاس باشا إلي الشافعي البنا وسأله عن القارئ وهل يقرأ القرآن الكريم في الإذاعة؟ فأجابه الشافعي البنا بالنفي وأنه ليس من قراء الإذاعة, وهنا قال النحاس باشا متسائلا إزاي قارئ زي ده بصوته الحسن وأدائه الجميل المحكمة لا يكون من قراء الإذاعة واستطرد رئيس الوزراء يقول لا يا شافعي ده لازم يقرأ في الإذاعة وبالفعل نفذ الشافعي البنا أمر رئيس الوزراء واتفق مع الشيخ عبد الباسط علي أن يزوره في الإذاعة وتمت الزيارة ودخل الشيخ عبد الباسط لجنة القراء ونجح بامتياز, وأصبح بالتالي واحدا ممن سعد الميكروفون بصوته فنقله إلي أنحاء العالم وذاع صيت الشيخ وقدم له عديد الدول الإسلامية الدعوة لزيارتها وكان يحمل علي الأعناق عندما يلبي زيارة هذه الدول, الشيخ عبد الباسط رحمه الله كان إنسانا رقيق الحاشية حسن المعشر, كريما مضيافا, واذكر له حادثة طريفة عندما دخل إلي مكتب بابا شارو- يرحمه الله- وكان مديرا عاما للبرامج راجيا أن تذيع الإذاعة شعائر صلاة الجمعة من مسجده بأرمنت والدي شيده علي نفقته وطلب الشيخ من بابا شارو أن أكون المذيع الذي يذيع شعائر ذاك اليوم ولم يجد بابا شارو بدا من استدعائي وأبلغني رغبة الشيخ قائلا هكذا ستعود مذيعا بعد أن نقلت من قسم المذيعين بأكثر من عشر سنوات, وهكذا أعادني الشيخ إلي وظيفة المذيع التي سعدت بها وأنا أقدم الشعائر وأنوه بأسماء من دعاهم الشيخ وعلي رأسهم الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود ومحافظ ومديرا أمن قنا, وكان ذلك في فبراير1971 كما اذكر أن الشيخ مصطفي اسماعيل قطب القراء كان هو قارئ السورة في ذاك اليوم ملبيا دعوة صديقه الشيخ عبد الباسط منشئ المسجد.