عانت البلاد منذ2011 من كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية وهي الأزمات التي كانت متبوعة بأزمات اجتماعية خطيرة شكلت بظهورها خطرا داهما علي استمرار بقاء المجتمع المصري متمتعا باستقراره وأمانه الداخلي المعروف عنه وسط كل المجتمعات العربية الشقيقة, وتوسمنا جميعا الخير حين قبل المشير عبد الفتاح السيسي طلب الجماهير العريضة بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية, وهو المنصب الجدير بالتفكير الجيد. إذ يجب علي المرشح إليه أن يضع نصب عينيه انه سيكون مسئولا عن المصريين جميعا بكل ما يعانونه ويأملون في تحقيقه, وذلك في ظل حالة التهميش التي عانوا منها وهي الحالة التي تسببت في زيادة احساسهم بالمعاناة الاقتصادية بفضل سيطرة القلة علي الثروة وهو ما دفعهم للخروج للمطالبة بالعدالة الاجتماعية. وحين قبل المشير أن يترشح بدأت الاجواء الانتخابية تتضح معالمها الديمقراطية من حيث تقدم مرشحين آخرين للتنافس علي ذات المنصب, ومن حيث ظهور كل مرشح في حملات انتخابية لعرض برنامجه الانتخابي سواء بالمحافظات المصرية المختلفة أو عبر وسائل اعلامية مصرية ذات نسب مشاهدة مرتفعة. وقد انتظرت وغيري من الناخبين أن ينهج المشير نفس نهج منافسيه, لكنه فاجأنا جميعا بانه ليس لديه برنامج يخاطب به الناخبين ويجزل لهم به الوعود البراقة, بقدر ما كان صريحا منذ اللحظة الأولي, حيث أوضح أنه سيعمل دون كلل اذا وجد الدعم من المصريين, وقد أوضح انه لن يستطيع ان ينجز بمفرده وأن علي المصريين جميعا أن يتكاتفوا ويعملوا بجد واجتهاد من أجل عودة هذا الوطن للمكانة التي يستحقها علي اعتبار ان ذلك هو الوسيلة الوحيدة لانقاذ الوطن من كل ما يحاك له من مؤمرات داخلية وخارجية. وحين فاز الرئيس بفترة رئاسته الاولي ورغم تعمده عدم الاعتماد علي ظهير سياسي بقدر اعتماده علي الظهير الشعبي, بدأ في التحرك السريع المنظم المخطط وكأنه ينفذ برنامجه الانتخابي الذي تعمد عدم الافصاح عنه في بداية ترشحه, ويصعب أن تجد ملفا من الملفات المصرية الحيوية ولم تطالها يد الرئيس بالعناية والرعاية والمتابعة, ففي الشأن السياسي حرص علي أن يعود لمصر مجلس نوابها عبر المسارات الديمقراطية الصحيحة, وفي الشأن الاقتصادي قام بتكليف القوات المسلحة المصرية بحفر قناة السويس الجديدة التي باتت واقعا تحصد البلاد ثماره يوما تلو الآخر, كما تبني عددا من المشروعات الكبيرة والصغيرة عبر دعوته للتبرع العام لصندوق تحيا مصر, وكذا تبني حزمة من الاصلاحات الاقتصادية القاسية التي شكلت ضرورة محلية للاستمرار في تصحيح صورة مصر واوضاعها اقليميا وعالميا رغم حساسية توقيت اجرائها لكنه أبي إلا أن يغامر بما حققه من شعبية جارفة تكون علي حساب الاصلاح الذي يعلم انه سيصب في صالح الوطن باجياله, وفي الشأن المجتمعي اعلن اهتمامه بأوضاع المرأة المصرية و ان تصبح حقوقها مصانة بموجب الدستور والقانون, كما مارس الديمقراطية في أوضح صورها حين قرر لقاء شباب الوطن فيما عرف بمؤتمرات الشباب التي وصل عددها إلي أربعة وعقد آخرها بالإسكندرية, حيث اعتاد بها ليس علي مجرد السماع لرؤي الشباب بل وضع ما يصلح منها حيز التنفيذ وهو ما تشهد به علي سبيل المثال لا الحصرحالة خطابات الشاب ياسين الزغبي التي تسلمها الرئيس منه يدا بيد, وهو ما أكد علي مصداقية الرئيس مع هذه الفئة من الشعب المصري. أستاذ مساعد التاريخ القديم بآداب الإسكندرية