من الأمور التي باتت تهدد الأمن القومي والمجتمعي بصورة كبيرة خطوط الهواتف المحمولة التي ليس لها بيانات مسجلة في شركات المحمول التابعة لها والتي يتم استخدامها في إلحاق الأذي بالآخرين وإيقاع الأضرار بهم بدءا من المعاكسات التليفونية ومرورا بالتهديد والابتزاز وانتهاء بالإرهاب.. مما يجعل الوصول إلي فاعل أي من هذه الجرائم صعبا وفي بعض الحالات قد يكون مستحيلا.. فيضيع الحق ويفلت المجرم من العقاب.. الأمر الذي يستوجب وقفة جادة مع جميع شركات المحمول التي تعمل في مصر للقيام بمراجعة كافة الأرقام التابعة لها وغير المسجلة ببيانات حقيقية لمن يمتلكونها لإيقافها.. وهو ما لن يتحقق فعليا سوي بقانون ملزم لهذه الشركات يشرعه مجلس النواب بهدف الحد من انتشار ظاهرة شرائح الهواتف المحمولة غير مسجلة بيانات من يستخدمونها والتي تباع علي الأرصفة وفي المتاجر بلا ضابط أو رابط بأثمان زهيدة تمكن أي شخص من اقتناء خط أو أكثر بأرقام مختلفة ليتم استخدامها في أغراض غير قانونية أو غير أخلاقية.. كما أن الاستهانة بهذا الأمر منذ بداية حدوثه إلي تفاقمه ومن ثم تزايد عدد الجرائم التي ترتكب عن طريق الهواتف المحمولة.. فبالرغم من وجود خاصية إظهار الرقم في كل أجهزة الهواتف المحمولة والتي تتيح لمتلقي الاتصال معرفة الرقم المتصل إلا أن الوصول لهوية الشخص نفسه المستخدم للرقم يتعذر في كثير من الأحيان لعدم وجود بيانات حقيقية مسجلة عنه في الشركة التابع لها رقم الهاتف.. وهو ما يشجع ضعاف الأخلاق والنفوس علي ارتكاب جرائم التحرش الهاتفي والابتزاز والتهديد دون خشية الوقوع تحت طائلة القانون للمحاسبة لاطمئنانهم أن الوصول إلي هويتهم الحقيقية أمر يكاد يكون مستحيلا وخاصة إذا ما كانوا يمتلكون عدة شرائح مختلفة يمكنهم تغييرها حتي لا يتم تتبعهم أو التخلص منها تماما إذا لزم الأمر.. ولا تقتصر خطورة الأمر علي تلك الجرائم فحسب بل تتعداها إلي الجرائم الإرهابية التي يتم فيها استخدام شرائح الهاتف المحمول للتفجير عن بعد كما حدث في العديد من التفجيرات الإرهابية في مصر خلال السنوات القليلة الماضية ومنها محاولة استهداف وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم في سبتمبر..2013 وتفجير مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر من العام ذاته.. واستهداف مديرية أمن القاهرة أيضا في يناير..2014 والعملية الإرهابية التي استهدفت الشهيد هشام بركات النائب العام السابق وغيرها.. مثل تفجير القنصلية الإيطالية في القاهرة.. وتفجير مبني الأمن الوطني بشبرا الخيمة.. مما يعني أن استمرار تغاضي شركات المحمول عن وجود شرائح غير مسجلة يعد ضمنيا مشاركة في تلك الجرائم سواء الأخلاقية منها أو الأمنية.. فشركات المحمول تحمل علي عاتقها مسئولية وإن كانت غير مباشرة عن توفر شرائح المحمول التابعة لها في أيدي المجرمين والعابثين بأمن المجتمع والوطن دون أن تعمل علي إيقافها من تلقاء نفسها في حال لم تتوفر لديها بيانات حقيقية عن مستخدميها.. ويشاركها المسئولية الضمنية أيضا أصحاب الشرائح الأصليون الذين استبدلوا أرقاما بأرقام هواتفهم بأخري دون إبلاغ شركة المحمول التابعين لها بذلك حتي يتسني للشركة إيقاف الشريحة غير المستخدمة.. وبدون وجود قوانين ملزمة لجميع الأطراف المعنية تجرمهم في حال إن لم يتم التعامل مع الأمر بجدية للحد من انتشار هذه الظاهرة التي أصبحت بالفعل تمثل تهديدا صريحا للأمن القومي والمجتمعي, ستظل الحال كما هي عليه بل وستزداد الأمور سوءا وتعقيدا ليتحول الهاتف المحمول بدلا من كونه وسيلة اتصال إلي وسيلة تهديد وتدمير للمجتمع.