مشكلة كوريا الشمالية معقدة. فبقدر ما راود الغرب تفكير رغائبي في قيام ثورة داخلها بقدر ما عمرت عائلة كيم في الحكم لفترة فاق طولها كل التوقعات. وحتي اليوم لاتبدو علي هذه العائلة أية علامة من علامات الانهيار. كما لم يظهر من جانب الكوريين الشماليين ما يشير إلي تمرد جماعي عليه, و لم تنجح العقوبات والتهديدات الامريكية في الماضي ومن المؤكد تقريبا أن المزيد منها لن ينجح في المستقبل. وسيقابل كيم الضغوطات بمثلها, كما سبق أن فعل ذلك والده وكذلك جده. وليس مفاجئا أن التصعيد الكوري الشمالي للاختبارات الصاروخية جاء حين أطلقت إدارة ترامب تهديدات بإرسال ناقلات طائرات وشن ضربات وقائية محتملة. ولهذا يستغرب العالم تهديد الرئيس دونالد ترامب لكوريا الشمالية بالنار والغضب, والسيناريو المخيف الذي يتحدث عنه البعض بقلق في واشنطن أن ترامب ربما ينجرف إلي الحرب عن طريق الصدفة, ولن يتردد كيم بقصف جوام ولكن سترد تلك الدولة بإطلاق نيران المدفعية علي سول, وهي منطقة حضرية يقطنها نحو25 مليون نسمة. ما قد يؤدي بشكل جيد جدا إلي نشوب حرب عالمية وانهيار الاقتصاد العالمي. ومن جانبها تخشي اليابان أيضا كوريا الشمالية أكثر مما تخشاها الولاياتالمتحدة لوقوعها بالكامل في مدي صواريخ بيونج يانج. ان كوريا الشمالية لديها رابع أكبر جيوش العالم, علاوة علي21 ألف قطعة مدفعية, ولديها أيضا آلاف الأطنان من الأسلحة الكيماوية, والصواريخ التي يمكنها الوصول إلي طوكيو. وستكون مثل هذه الضربة علي الأرجح ضد الأفراد العسكريين الأمريكيين(05 ألف جندي) المنتشرين في القواعد الأمريكية هناك. ووفقا لتقديرات عسكرية امريكية, فإن حربا كورية جديدة من الممكن أن توقع مليون مصاب وخسائر تقدر بنحو تريليون دولار. لذلك لم يستطع أي رئيس امريكي ان يتخذ قرارا بالحرب رغم ان الزعيم الكوري الشاب المنعزل ينفذ بقوة أربع مبادرات عسكرية متوازية: توسيع كمية المواد الانشطارية( البلوتونيوم واليورانيوم عالي التخصيب) التي تملكها بلاده, وإنتاج صاروخ بعيد المدي قادر علي الوصول في البداية إلي أهداف في المحيط الهادئ وفي النهاية إلي الولاياتالمتحدة وتطوير رءوس حربية أصغر حجما وأخف وزنا لوضعها علي الصاروخ بعيد المدي, والسعي للوصول إلي رادع استراتيجي قادر علي العمل بشكل مستمر من خلال غواصة صغيرة لإطلاق الصواريخ أو نظام محمول لإطلاق الصواريخ من علي الأرض. فهل تريد الولاياتالمتحدة حقا رفع الرهان مرة أخري؟ هل تريد ذلك اليابانوالصين وكوريا الجنوبية؟. إن الأسلحة النووية بلا فائدة تقريبا في الإكراه والقسر. ولكنها أداة عظيمة للردع. فهي مصممة لتأمين بقاء البلد أو النظام. وكلما زاد ضغط الولاياتالمتحدة علي الكوريين الشماليين واصلوا في الغالب تحسين صواريخهم وأسلحتهم النووية. فكوريا الشمالية لاتشكل تهديدا تقريبا لكوريا الجنوبية طالما ظل التحالف بين الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية صلبا. من الممكن أن يتصف الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بكل صفة أخري, ولكنه ليس انتحاريا. ويتفق غالبية المحلليين, علي أن الصين هي المفتاح لأي مبادرة دبلوماسية ناجحة. وإذا ما اقتنع الصينيون بتقديم المساعدة, فإنه يجب أن تتأهب الولاياتالمتحدة للقيام بخطوات جريئة للخروج من المأزق الحالي, بما في ذلك إنهاء حالة العداء القائمة منذ توقيع هدنة3591, في حال وافقت كوريا الشمالية علي التخلي عن مخزونها النووي والإبقاء علي قدرتها علي الإنتاج النووي قيد المراقبة الدولية.