تتصاعد الحرب الكلامية بين واشنطنوبيونج يانج إلي حد ينذر بكارثة وشيكة إذا مضت الأمور علي الوتيرة نفسها من دون بذل أي جهد لاحتواء الأزمة التي تشبه أزمة خليج الخنازير التي وقعت فصولها عام1962 بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق وشاركت فيها كوبا. ففي الوقت الذي سخرت فيه بيونج يانج أمس من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, ووصفته بأنه فاقد للإدراك, وعمدت إلي التصعيد تجاه واشنطن عارضة خطة مفصلة لإطلاق دفعة من الصواريخ علي جزيرة جوام في المحيط الهادئ, محذرة من أن هذه الخطة, التي عرضتها بدقة كبيرة وتستهدف موقعا استراتيجيا متقدما للقوات الأمريكية علي طريق آسيا, ستشكل تحذيرا أساسيا للولايات المتحدة, معتبرة أنها وحدها القوة المطلقة وسيكون لها تأثير علي الرئيس الأمريكي. وصدر التحذير ردا علي تغريدة لترامب أكد فيها أن الترسانة النووية الأمريكية أقوي من أي وقت مضي. وقبل ذلك بساعات, فاجأ ترامب الأسرة الدولية حين توعد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بالنار والغضب, في تحذير بدا كأنه يستعير خطاب بيونج يانج نفسه. وتثير هذه الحرب الكلامية بشأن برنامجي بيونج يانج الباليستي والنووي مخاوف من خطأ في الحسابات قد تترتب عنه عواقب كارثية لا تقتصر علي شبه الجزيرة الكورية بل تتخطاها. كوريا الشمالية أجرت في يوليو تجربتين ناجحتين لصواريخ باليستية عابرة للقارات, وهو ما وضع الأراضي الأمريكية بمرمي نيرانها. واعتبر جون ديلوري الأستاذ في جامعة يونسي في سيول أن المنطقة مهددة ب نموذج مصغر لأزمة الصواريخ الكوبية. وسط هذا التوتر, أعلن الاتحاد الأوروبي أمس انه أضاف أفرادا وكيانات كورية شمالية إلي لائحته السوداء التي باتت تضم103 أشخاص و57 كيانا بينها مصرف فورين ترايد بنك الذي تملكه الدولة. وقال قائد القوات الباليستية الكورية الشمالية الجنرال راك جيوم إن تصريحات ترامب كلام فارغ, معتبرا أن الحوار الصحيح غير ممكن مع شخص كهذا فاقد للإدراك ولا تجدي معه فقط سوي القوة المطلقة. وأكد أن الجيش الكوري الشمالي سيضع اللمسات الأخيرة لخطته ضد جوام بحلول منتصف أغسطس وسيطرحها علي الزعيم الكوري الشمالي للموافقة عليها. وأوضح أن الجيش سيطلق أربعة صواريخ بصورة متزامنة, وأنها ستعبر فوق مناطق شيمان وهيروشيما وكويشي اليابانية. وتابع أن الصواريخ ستحلق17 دقيقة و45 ثانية علي مسافة7,3356 كلم وستسقط في البحر علي مسافة30 أو40 كلم من جوام خارج المياه الإقليمية الأمريكية. وكررت اليابان أنها لن تقبل أبدا باستفزازات بيونج يانج. وتقع جزيرة جوام في غرب المحيط الهادئ علي مسافة3500 كلم من كوريا الشمالية وفيها منشآت أمريكية استراتيجية من قاذفات ثقيلة بعيدة المدي ومقاتلات وغواصات تشارك بانتظام في تدريبات ومناورات في شبه الجزيرة الكورية والمناطق المجاورة لها, وهو ما يثير غضب بيونج يانج, وتحظي بحماية منظومة مضادة للصواريخ من طراز ثاد. ولفت الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول يانج مو جين إلي الطابع الاستثنائي للتفاصيل التي عرضتها بيونج يانج. وقال: يبدو أن الشمال يقول إن ما سيفعله سيكون مطابقا للقانون الدولي, مضيفا: من ثم لا يمكن أن نستبعد أن ينفذ الشمال هذه الخطة. ويوضح المحللون أنه في حال إطلاق صواريخ علي جوام, ستجد واشنطن نفسها في موقف حرج, فإن لم تحاول اعتراضها ستتضرر مصداقيتها وسيدفع ذلك بيونج يانج إلي المضي قدما واختبار صاروخ باليستي عابر للقارات, لكن إذا حاولت اعتراض قصف من كوريا الشمالية ونجح صاروخ في اختراق دفاعاتها عندها ستكون فاعلية المنظومة الدفاعية الأمريكية موضع تشكيك. وينحو التوتر حول شبه الجزيرة الكورية إلي التصاعد في وقت تبدأ التدريبات العسكرية المشتركة المقبلة بين سيولوواشنطن بحدود21 أغسطس. وأوضح المحلل في معهد سيجونج هونج هيون إيك أن التفسير الكوري الشمالي لخطاب واشنطن يختلف عن التفسير الغربي لتهديدات بيونج يانج الاعتيادية. بالنسبة للشمال, فإن تصريحات ترامب الشديدة اللهجة هي مسألة حياة وموت.