أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري أعيش بين والدين متفاهمين وثلاثة إخوة يصغرونني, كانت حياتي عادية جدا لا يعكرها سوي بعض المشكلات العادية بيني وبين إخوتي تقوم أمي بحل معظمها قبل أن تصل إلي أبي الذي يقضي معظم وقته في العمل, إلي أن اكتشفت بالصدفة أن أبي يخون أمي مع إحدي السيدات وتأكدت من وجود مكالمات حب بينهما, بل وتأكدت أيضا أنه يقابلها لكنني لا أعرف إلي أي مدي وصلت العلاقة بينهما, وهل هما متزوجان أم لا؟. ومنذ ذلك اليوم انقلبت حياتي رأسا علي عقب, فأنا لم أعد أطيق أبي ولا النظر في وجهه, وأصبحت أوقات وجوده في البيت هي أسوأ أوقاتي, وحتي الآن لم أصارح أمي ولا إخوتي بما علمت لأنني أشفق عليها ولا أدري ماذا يمكن أن يحدث لها إذا عرفت خيانة أبي, لكنني أشعر بالذنب الشديد نحوها وكل يوم أقرر إخبارها ثم أتراجع خوفا عليها. سيدتي: قد تبدو لك مشكلتي سهلة لكنني أعاني نفسيا جدا وأشعر بالضغط والخوف والتشتت طوال الوقت حتي إنني لم أحقق هذا العام الدراسي التفوق الذي اعتدته, وأمي تلاحظ تغيري ولا تكف عن سؤالي وهي تعتقد أنني أمر بتجربة عاطفية وأحيانا أتركها في اعتقادها هذا حتي لا أضطر لمصارحتها فأشعر بأنني أنا أيضا أخونها بكذبي, فهل أنا خائنة مثل أبي؟ وهل من الأفضل أن أصارحها مهما كان رد فعلها؟ أم أصارح أبي بما علمت فيضطر للكذب وأخسر ما تبقي من احترامي له؟ أم أصمت إلي الأبد وأعاني وحيدة؟ عزيزتي صاحبة التسعة عشر ربيعا, أدرك عمق معاناتك وألم اكتشاف سلوكيات والدك الصادمة, وزلزلة كل مفاهيمك في الحياة من أقرب الناس إليك كما أتفهم حالة عدم التوازن التي تمرين بها في محاولة دائمة لتخطي المحنة كأن شيئا لم يكن متمنية أن يرجع بك الزمن لتتفادي الحادثة وتنعمين بحياتك السابقة كابنة سعيدة لوالدين صالحين. أحس معك بالطعنة لكن دعيني أسألك: هل هناك احتمال أنك مخطئة في تفسيرك لما رأيتيه أو سمعتيه في مكالمات والدك لهذه السيدة؟ هل هناك احتمال أن والدتك علي علم بالمسألة؟ دعيني أهمس في أذنك ببعض أسرار عالم البالغين والمتزوجين, وليست كلماتي مباركة لسلوك والدك أو تصديقا عليها إنما هناك مشكلات بين كل اثنين متزوجين لا يعلمها إلا هما وتخفي علي الأبناء, حيث إن القدرة علي لعب عدة أدوار تنمو مع التقدم في السن واكتساب الخبرة وارتداء أثواب مسئولية الأبوة والأمومة التي تختلف عن مسئولية الحب والعشق والغواية, فأين كانت أمك من عالم أبيك وهو يلاغي تلك المرأة المزعومة( إذا صحت ظنونك) وما مسئوليتها في عدم غواية والدك بالقدر الذي يجعله قرير العين مشبعا لعاطفة حتي لا يقع فريسة لغواية امرأة أخري؟ هل انشغلت بتربيتكم ومسئولياتها كأم عن مسئوليتها كزوجة وحبيبة لوالدك؟ عزيزتي الوردة المشرقة تسألينني عن التصرف السليم في حالتك هل هو مواجهة والدك وتحمل تبعات رد فعله أم مصارحة والدتك وترك الأمر لتصرفها وحكمتها, من كلماتك فهمت أنك أقرب لوالدتك بحكم أنها تقضي الوقت الأكبر معكم وأنك أنثي مثلها لكن لم تذكري أي شيء عن طباعها أو طبائع والدك حتي يمكنني من توجيهك للأفضل بينهما, فلو كانت والدتك من النوع العقلاني الحكيم ربما وجب ترك المسألة برمتها لها لتتولاها بلا انفعالات يمكن أن تعصف بالأسرة بأكملها, أظن أن في حال وجود عم لك أو خال تثقين به يمكنك اللجوء إليه لمفاتحة والدك في الأمر, أو خالة لمفاتحة والدتك في الموضوع دون إقحامك في المواجهة. إن مسئوليتك جد عظيمة في هذه اللحظة تجاه كل من تحبين وأولهم نفسك, فمع صعوبة ما تمرين به من ضغوط لا أوافقك عذرا في تدهور أحوالك وانحراف مسارك الدراسي, هذه شماعة غير مقبولة لأن هذا يعني أنه في حال تفاقم هذه المشكلة لا قدر الله بأي شكل فإنك ستفشلين وتزيدين الطين بلة علي نفسك وعلي والدتك التي تتعاطفين معها, تذكري أنك في مرحلة تغيرات نفسية واجتماعية وبيولوجية وأنت في مستهل حياتك الجامعية والعاطفية ولن توقفي الزمن حتي يحل والداك مشاكلهما, فحاولي إعلام والدك عن طريق عم أو خال لأنه لو صحت ظنونك فيجب تنبيه والدتك للعمل فورا علي استعادة لياقة علاقتها بوالدك حتي لا تخسر مكانتها عنده وتغرق سفينة الأسرة, ويمكنك إطلاع والدتك علي ما كتبته هنا عله يكون مرشدا لها في إدارة المحنة, وأخيرا ركزي علي نفسك ولا تأخذي صف والدتك لأن هذا يمكن أن يضعف موقفها ولا يعينها علي الخروج من الأزمة سالمة.