بين رغبة أمريكية غير معلنة في إيجاد حل دبلوماسي للأزمة التي بدأت تأخذ مسارا معقدا بينها وبين روسيا, تتصاعد الأمور بشكل حثيث بين البلدين الكبيرين, بصورة لا توحي بوصول الأمر إلي حرب دبلوماسية حقيقية بين البلدين, بقدر ما تعكس تضخم الأزمة بشكل روتيني جراء الإجراءات والإجراءات المضادة التي يتخذها كل طرف من جانبه ردا علي الآخر, من دون رغبة حقيقية في التصادم. ففي الوقت الذي أعلن فيه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أمس, أن الرئيس دونالد ترامب سيوقع قريبا علي العقوبات الجديدة التي أقرها مجلسا الشيوخ والنواب علي روسيا الأسبوع الماضي بأغلبية98 صوتا في مقابل صوتين فقط, أكد أن رفع العقوبات عن موسكو يتطلب منها العودة عن التحركات التي دفعت لفرضها. ودعا بنس روسيا لتغيير سلوكها والتوقف عن تهديد الاستقرار في أوكرانيا ومساندة الأنظمة المارقة مثل النظامين الإيراني والكوري الشمالي, معربا عن أمله في تحسين العلاقات معها خلال الفترة المقبلة. كان مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ قد صوتا- بشبه إجماع الأسبوع الماضي- علي العقوبات الاقتصادية الجديدة, وردت روسيا بفرض تخفيض كبير في عدد العاملين في البعثات الأمريكية علي أراضيها من الدبلوماسيين أو الموظفين التقنيين. وردت موسكو بمطالبة755 دبلوماسيا أمريكيا بمغادرة أراضيها, كما طالبت جميع الدبلوماسيين الأمريكيين بمغادرة البيت الصيفي للسفارة الأمريكية في منطقة سيريبريني بور غرب موسكو أمس, عقب إنذار وجهه نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف بضرورة مغادرة المقر, والمستودع التابع له, وتحذيره من أن عدم الالتزام بهذا الموعد سيؤدي إلي ظهور مشاكل جديدة, الأمر الذي استجاب له الدبلوماسيون الأمريكيون بالفعل. وكانت وكالة أنباء نوفوستي الروسية, قد ذكرت صباح أمس, أن قافلة السيارات التابعة للدبلوماسيين الأمريكيين قد غادرت البيت الصيفي التابع للسفارة الأمريكية في منطقة سيريبريني بور في العاصمة الروسية. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت الجمعة الماضي أن روسيا ستوقف استخدام السفارة الأمريكية للمستودعات في موسكو, فضلا عن مجمع بمنطقة سيربرياني بور بدءا من اليوم الأول من أغسطس, كما أعلن الرئيس الروسي, فلادمير بوتين, الأحد الماضي عن تقليص عدد الدبلوماسيين الأمريكيين إلي455 شخصا. وتركت روسيا للولايات المتحدة حرية اختيار الموظفين بالسفارة والقنصليات الذين سوف يتم استبعادهم. من جانبه أعلن السفير الأمريكي السابق لدي روسيا مايكل ماكفول في تغريدة المواطنون الروس سوف يكونون الأكثر تضررا من تضاؤل طاقم العمل الأمريكي بالسفارة. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث الصحفي للرئاسة الروسية( الكرملين) دميتري بيسكوف أن الكرملين يرفض الاتهامات الموجهة للسلطات الروسية بوضع عراقيل أمام الدبلوماسيين الأمريكيين المقرر ترحيلهم من روسيا. في الوقت نفسه أعلن وزير الاقتصاد الروسي, مكسيم اريشكين, أن العقوبات الغربية ساعدت موسكو علي الالتفات لمشاكل الاقتصاد الداخلية, مشيرا إلي أنه نتيجة تطبيق سياسة اقتصادية معينة دخلنا مرحلة النمو النشط بالرغم من انخفاض أسعار النفط. وقال إن النتيجة الرئيسية من السنوات الأخيرة هي أن السياسة الاقتصادية والتجارية الروسية ركزت علي المشاكل الداخلية القائمة. وأضاف الوزير الروسي نحن نعمل الآن علي حل هذه المشاكل, وبالرغم من أن أسعار النفط مازالت عند مستوي منخفض نلاحظ دخول الاقتصاد مرحلة النمو النشط. من ناحية أخري دعت وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية بريجيته تسيبريز واشنطن أمس إلي مناقشة العواقب المحتملة الناتجة عن عقوباتها علي روسيا, مع الاتحاد الأوروبي. وقالت إن العقوبات الأمريكية تمثل تهديدا علي الشركات الأوروبية, مؤكدة ضرورة أن تناقش الولاياتالمتحدة العقوبات مع الاتحاد الأوروبي, وذلك للوصول إلي حلول مرضية لكافة الأطراف. وفي سياق متصل, قال وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل, في وقت سابق أمس, إن ترامب لم يتخذ قراره النهائي بعد بشأن العقوبات ضد روسيا, مشيرا إلي أنه ربما قد تكون هناك مشاورات مع الشركاء في أوروبا قبل بدء تنفيذ العقوبات.