حل الأزمة التي تسببت فيها قطر لن يكون إلا عربيا, نابعا من ثقافة العرب وقيمهم, مراعيا لمصالحهم ومستقبل أبنائهم وبلدانهم, معبرا عن رغبتهم في توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تواجههم, هذه قناعة باتت واضحة للعيان, لا لبس فيها, ولا خلاف حولها, وذلك بعد أن ثبت أن القوي غير العربية لا تريد حل هذه الأزمة, ولا تسعي لذلك, بل علي العكس, فقد سعت هذه القوي لاستثمار الأزمة وتحقيق مصالحها علي حساب العرب ووحدتهم ورفاههم الاقتصادي وأمنهم واستقرار بلدانهم. يتأكد هذا بعد أن شهدت المنطقة العربية جولات مكوكية لشخصيات تمثل دولا كبري مثل ريكس تيلسون, وزير الخارجية الأمريكي, ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان, والبريطاني بوريس جونسون, ولكن هذه الجولات لم تسفر عن شيء, في ظل العناد القطري, وإصرار نظام الدوحة الحاكم علي المماطلة والتسويف والمراوغة وعدم الاستجابة لمطالب الرباعي العربي الداعي لمحاربة الإرهاب, رغم ما تتكبده هذه الإمارة الصغيرة من خسائر اقتصادية نتيجة المقاطعة والعزلة التي فرضتها علي نفسها, مما ينذر بتدهور الخدمات المقدمة للشعب القطري الشقيق, وتأثير ذلك علي مستوي حياته المعيشية, ومدي توافر السلع الغذائية الضرورية. وقد التقي وزير الخارجية الفرنسي, خلال جولته بالمنطقة ومساعيه لحل الأزمة, ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان, وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان, وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح صاحب أول مبادرة عربية وجهود وساطة لحل الأزمة, وصرح الوزير الفرنسي بأن بلاده لا تسعي لأن تصبح وسيطا في هذه الأزمة, ولكنها تؤيد آلية الحل العربي. وقد حضر إلي المنطقة من قبل وزراء خارجية ألمانيا وإنجلترا وأمريكا لمحاولة حل هذه المشكلة بين قطر من جهة, وبين الرباعي العربي( مصر السعودية الإماراتالبحرين) التي تدعو إلي مكافحة الإرهاب, وقطع التمويل عنه, ومحاصرته وعدم توفير ملاذات آمنة لعناصره, لكن هذه الزيارات لم تنجح في حلحلة الأزمة لرفض قطر الانصياع لصوت العقل والتوقف عن دعم الإرهاب والالتزام بوحدة الصف العربي في مواجهة قوي التطرف والإرهاب. واستمرارا لجهود الوساطة التي تقوم بها دولة الكويت الشقيقة, استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي الشيخ صباح الخالد, وزير خارجية الكويت, الذي حمل رسالة من أمير الكويت, الشيخ صباح الأحمد الصباح, وخلال اللقاء أكد السيسي أن سياسة مصر الخارجية تقوم علي عدة مبادئ منها عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة, والسعي للحفاظ علي الأمن القومي العربي. وقد شدد الرئيس علي أهمية الوقوف بحزم أمام السياسات التي تدعم الإرهاب, والتصدي لمحاولات زعزعة استقرار الدول العربية والعبث بمقدرات شعوبها, وقد استعرض الشيخ صباح الخالد الجهود التي تقوم بها بلاده للحفاظ علي تماسك ووحدة الدول العربية في هذا التوقيت بالغ الخطورة الذي تشهد فيه المنطقة تحديات كبيرة. وقد أكد وزير الخارجية الكويتي حرص بلاده علي أمن واستقرار مصر باعتبارها دعامة رئيسية للاستقرار في المنطقة العربية, مشيرا إلي مواصلة التنسيق والتشاور المكثف بين الجانبين خلال الفترة المقبلة, وقد طلب الرئيس السيسي نقل تحياته لسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح, أمير دولة الكويت, وإلي شعب الكويت الشقيق, وتقدير مصر للمواقف التي لا تنسي لدولة الكويت وشعبها, وهي المواقف الداعمة لإرادة الشعب المصري الذي سيظل يحمل أصدق مشاعر الامتنان والمحبة للشعب الكويتي ولأميره بما يمثله من قيمة كبيرة وقيادة حكيمة, حفظ الله الأمة العربية, وحمي وحدتها, وتحيا مصر.