لم تعد مجابهة فكر الجماعات الإرهابية بالعقلية الأمنية ممكنا لأنها ببساطة شديدة ربما أكثر تطورا وقدرة من الجهاز الأمني في بعض الدول, فهي تتطور وتطور نفسها باستمرار وأتاحت لها الفضائيات الجديدة القدرة علي المناورة والمناكفة وعليه فلابد من اعتماد مقاربات جديدة قوامها هدم النظريات الجهادية المختلفة من الإرهابيين ومن علي شاكلتهم وتحوير ذلك لصالح فكرهم التدميري للانسان وللأوطان, فلا سبيل لذلك إلا بتجفيف منابع هذا الفكر وأسسه بالفكر الإسلامي المستندير والمستمد من روح الإسلام وأصالته وانسانيته ومبادئه التي تحث علي نشر فكر المحبة والإخاء الإسلامي والإنساني علي السواء. وتتكاتف عوامل عدة من أجل مناهضة هذا الفكر وتحجيمه أو القضاء عليه وتتمثل في محاصرته عبر محاضن متنوعة تبدأ من التعليم الابتدائي ومدراجه ومستوياته والمؤسسات الدينية العنيفة وعلمائها مرورا بمحاضن التربية علي اختلاف تنوعها.. وانتهاء بالإعلام المقروء والمكتوب والمشاهد وبرامج التليفزيون التي ينبغي ان تخصص جزء كبيرا من برامجها لوباء هذا العصر الذي نحن بصدده. ومقاومة الفكر المتطرف الإرهابي يستدعي مقاربة فكرية شرعية ومجابهة فكرية ناجعة من خلال الإعلام المتنوع, ناهيك عن أهمية اعلان حرب ثقافية علي هذه التنظيمات الإرهابية وعلي فكرها لتفويض بنيانها وشل قدراتها علي استقطاب المزيد من الشباب المضلل والقابل فكريا للانضمام إليها او تدعيمها أو التضامن معها لأسباب تجعلها قابلة لتلقي هذا الفكر الشاذ وهضمه ثم نشره بين الشباب الحائر الذي يبحث عن محاضن أمنة يجد فيها نفسه وكيانه وتفريغ طاقاته والتنفيس عما يختلج نفسه وفكره وتطلعاته ووللأسف الشديد فان بعض الشباب يجدون ضألتهم في فكر الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمتنطعة وبالمقابل الفكر الباهت والخالي من الحيوية والجاذبية والاقناع من بعض من يتصدون للدعوة, مما يجعل الشريحة الكبري من الشباب المسلم أو العربي الذي يصطاد من قبل هذه التيارات ويصبح لقمة سائغة ووسائل مدمرة تنفذ من خلالها أمراض هذه التيارات وأهدافهم الشريرة والمريضة علي المؤسسات الدينية في العالم العربي أن تقوم بالتأطير المضاد لمدارس الفكر الإرهابي والتطرفي التي أصبحت تستقطب الشباب العربي والمسلم من خلال اعتماد منهج التضليل والتدليس في قيمها الفكرية وأطروحاتها المضللة والتي تعتمد علي تصوير نصف الكذب أو نقل نصف الحقيقة كاملة حتي لا تفضح في استدلالاتها وكما يعلم الجميع بأن عامة الشباب المسلم لا يمتلك الثقافة الإسلامية الكافية لتحصين نفسه بل أزعم القول بأن ثقافة الشباب عن الإسلام ضحلة للغاية أو تكاد تنعدم في أمور كبري مثل التي تطرح من الجماعات المتطرفة في عالمنا العربي والإسلامي وفي الغرب أيضا, حيث توجد أقليات مسلمة بأعداد كبيرة.