قطر هذه الدويلة الصغيرة, باتت لغزا محيرا لدوائر صنع القرار في العالم بأسره, وليس بالنسبة للدول العربية فقط, فلم يعد هناك أحد يتوقع تصرفاتها الحمقاء الطائشة, التي تبني علي أسس غير منطقية, فحقائق التاريخ والجغرافيا, تؤكد أنها إمارة صغيرة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحكم في مصير دول كبري, وأنها مهما تملك من أموال, ومهما تغدق من خزائنها النفطية علي الإرهابيين والعملاء والخونة فلن تشتري تاريخا ولن تبني مجدا. والمتتبع لتصرفات أميرها المغيب تميم, يجد أنها تصرفات صبيانية مراهقة, تعتمد علي المكايدة والحقد والكراهية والمزاج الشخصي, وكأننا أمام شخص يعاني أزمات نفسية, فتصرفاته غير مسئولة, تارة نجده يتمرغ كالجارية تحت أقدام سيده الأمريكاني حاكم البيت الأبيض, وتارة يصعر خده للسلطان العثماني, وثالثة يلقي بنفسه في أحضان آية الله الفارسي, بدون أي سبب أو منطق يقبله العقل. ومن هنا أقول: إن الأزمة القطرية- العربية ستستمر وتتفاقم إلي مدي كبير قد لا يتوقعه أحد, والسبب يرجع من وجهة نظري إلي أن الأزمة تجاوزت قطر نفسها, ولم يعد لهذه الدويلة وأميرها الطائش دور مؤثر في المعادلة, ففي اللحظة التي وطئت فيها ميليشيات الحرس الثوري الإيراني, وجنود الإنكشارية العثمانية أرض قطر لحماية وتأمين الأمير, باتت إمارة الخيانة والعار تحت الوصاية الفارسية العثمانية, ناهيك عن الوصاية الأمريكية المعتمدة والممهورة بقاعدة العديد الجوية الأمريكية علي أرضها. وبالتأكيد قامت قطر بعرض مطالب الرباعية العربية علي أولي الأمر في طهران وأنقرة وواشنطن, وكان الرد مزيدا من المكايدة التي لا تحكمها أي ضوابط أو حسابات منطقية, وكانت العنجهية سيد الموقف, وما يؤكد وجهة النظر هذه أن قطر الآن تقوم بعمل عجين الفلاحة لترضي عنها إيران, حتي أن إحدي القنوات التليفزيونية القطرية عرضت في إحدي نشراتها الإخبارية خريطة, كتبت عليها كلمة الخليج بدلا من الخليج العربي, ومن المتوقع مستقبلا أن تطلق عليه الخليج الفارسي لنيل رضا سيدها الإيراني. وبالطبع لن تخرج القوات التركية من قطر بسهولة, ولكنها ستسعي بشتي الطرق والذرائع لمد فترة وجودها, حتي تنهل قدر المستطاع من آبار النفط التي تتدفق ليل نهار, وعلي الجانب الآخر لن تفرط ميليشيات الحرس الثوري الإيراني في هذه الفرصة الذهبية, التي لو كانت تحلم, لما تحقق لها حلم الوجود العسكري علي جنوب الخليج العربي وبطول160 كيلومترا, وبدعم ومباركة من دويلة تسمي للأسف عربية, علاوة علي سيطرتها علي شمال الخليج العربي. ولم يعد أمام الرباعية العربية, بعد أن تجاوزت الأحداث هذه الدويلة, التي أضحت خنجرا مسموما في قلب العرب, ودمية تحركها القوي الإقليمية والدولية, سوي فرض المزيد من العقوبات عليها حتي تعود إلي بيت الطاعة العربي, وملاحقتها أمام مجلس الأمن الدولي والمحافل الدولية, بصفتها دويلة داعمة وممولة للإرهاب, خاصة بعد أن أسهمت في زعزعة استقرار أفضل نموذج للتعاون والتكامل بين العرب وهو مجلس التعاون الخليجي, ناهيك عن دورها المشبوه, من خلال قناتها الجزيرة, في تنفيذ أجندات شيطانية, لبث الفرقة في أوصال المجتمعات العربية وتمزيق نسيجها الوطني بإشعال الفتن وزرع الدسائس.