شيء من الحب مازال يسكن قلبي المخضب بدماء الغدر والخيانة, قد تعجب أن في الدنيا من يحب قاتله أو يتمني الموت علي يد من يحب ولا يتمني العيش علي يد من يكره......! إنها أنا.. فتاة في منتصف العقد الثالث من عمرها, عشقت الدنيا وانطلقت فيها حتي ثملت منها ولأني وحيدة لأسرة ثرية كل ما أحلم به مجاب, لا أتذكر يوما أمي وقد نهرتني أو والدي وهو يعنفني ويرشدني لسلوك هو الأصوب, كما أنني لم أكن أدري أن حياتي فارغة إلي حد السفه والغب من متع الدنيا حتي أحاطتني ثعابينها بسياج الموت يترقبني في كل لحظة أحتاج فيها إلي جرعة المخدرات ولا أجده, يتلوي جسدي كالثعبان يعتصرني الألم فأصرخ ملء صدري.. في كل مرة كان هناك من يعطيني ما أريد بثمنه, المال ليس له قيمة عندي حتي تعرفت علي شاب أوقعني في حبائله غراما وعشقا وإدمانا....! قبل انزلاقي في مستنقع تعاطي المواد المخدرة كانت علاقتي بالدنيا كما قلت لك علاقة لاهية لا قيمة لشيء غير بهجة زائفة ببريق الدنيا ووهجها حتي عندما تعرفت علي زميلي في الجامعة الذي أحببته وأحبني حتي هذه المشاعر لم تكن حبا حقيقيا ولأني تافهة لا قيمة لشيء في شخصيتي كنت واضحة جدا لحبيبي النصاب فقد نصب شباكه حولي وأحكم قبضته علي بأن استدرجني إلي تعاطي المخدرات بهدف المتعة ولا أخفي عليك راق لي هذا العالم السحري بكل ما فيه من تغييب للعقل والروح أنفصل عن نفسي وعن الدنيا في زمن استثنائي أكون فيه شخصا آخر أشبه بدمية صماء يلهو بها لاعب ماريونيت محترف هو حبيبي الذي انتهك كل شيء في حياتي مالي وشرفي ومستقبلي.. استعبدني بإدماني له ولجرعات الموت البطيء التي يعطيها لي.....! وعرف والدي المصيبة التي أنا فيها وكان رد فعله عنيفا, لم يكن أبي الذي أعرفه طيبا حنونا يعطيني المال ببذخ ولا يحاسبني يدللني لأني وحيدته كأميرة هذا الزمان.. ولكنه الآن يلطمني علي وجهي بهستيريا ويصرخ في بملء صدره وفي النهاية أبلغ عن حبيبي وحبسه وألقي بي في مصحة خاصة للعلاج النفسي قضيت فيها قرابة العام ونجح الأطباء بالفعل في تنقية دمي من أثر جرعات المخدر المميتة وخرجت إلي الدنيا من جديد ولكن بشخصية مختلفة وكأني انتزعت من نفسي روحا جديدا, أعتزل الناس منطوية علي حياتي, آكل وأشرب وأعيش حبيسة جدران حجرة نومي, أقرأ القرآن لأول مرة وعرفت أني كنت مسلمة انتماء لا علم لي بشيء من عظمة ديني وسماحته, توسلت إلي الله أن يغفر لي ويسامحني فقد ابتليت في حياتي بمأساة مازالت آثارها المعذبة تنغرس أشواكا في نفسي.. ولكن الأقدار كانت تخفي لي صراعا آخر مع الدنيا هو محنة قاسية لا أقوي عليها.....! تقدم لوالدي شاب يريدني زوجة ودون أن يستشيرني وافق عليه قال لي إنه حكي له عن تجربتي السيئة مع الإدمان من قبيل المصارحة وأن ذلك الشاب متمسك بي وأن زواجنا سيكون سريعا..... أسقط في يدي فأنا لا أصلح للزواج إلا ممن قتلني إدمانا وحبا ولكنه في السجن لقد كنت زوجة له بالفعل تحت ذل استعباده لي يسري في دمي حبه سما لذيذا افتقدت معه عذريتي ولكن أبي لم يعرف بهذه المصيبة, عالجني من الإدمان ولم يعرف أنه حبس من بيده شرفي وكرامتي...... ماذا أقول لوالدي, بل ماذا أقول لهذا الشاب الكريم الذي قبلني بعيبي.. هل أخبره بأني لست الفتاة المناسبة له وأني امرأة ضاع مستقبلها علي أعتاب ماضي أسود ؟ ل. م. القاهرة ما أقسي التجربة التي تمرين بها ولعل توبة الله وعفوه عنك مرهون بذلك الاختبار الأعظم في حياتك ما بين المكاشفة والاعتراف بالخطيئة أو الاستمرار في خداع نفسك وخداع الآخرين. أنتي بالفعل استرددت عقلك ووعيك وصحتك بل وحياتك كلها التي أوشكت علي الضياع بسبب استهتارك ولكنك أمام محنة بمواجهتك لها تتم المصالحة الكبري مع النفس ومع الدنيا.. لابد وأن تكوني واضحة مع نفسك أولا ومع أبيك وخطيبك ثانية واحكي لهما الحقيقة كاملة واتركي لخطيبك أن يتخذ القرار الذي يستريح له حتي لو ابتعد عنك فهذا أشرف لك من أن تخدعيه. أما والدك فهو عندي شريك معك في الخطيئة بتدليله المرضي لك وإغراقك بالمال دون حساب وقبل ذلك كله أنه لم يعرف معني مسئولية الأب نحو أولاده وكيف يعمل علي تربيتهم وتقويم سلوكياتهم وأخلاقياتهم.. تركك لدنيا تتقاذفك تياراتها المتلاطمة منفردة بلا توجيه وعليه الآن أن يكمل واجبه نحوك بعد أن نجح في تخليصك من الإدمان عليه أن يدعمك نفسيا في تلك المحنة التي تواجهينها ضعيفة منكسرة فأنت في النهاية ضحيته هو أولا وضحية شاب غادر غدر بك وبحياتك وبشرفك وفي النهاية يتلقي عقاب ربه في ظلمات السجن ذليلا بجريمته وتذكري قول الله تعالي في سورة يونس وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم(107)