ما بين عامي1930 و1940 انتشرت في ايطاليا موجة من الأفلام التي اطلق عليها سينما التليفون الأبيض وذلك نسبة إلي موجة من الأفلام الميلودرامية والكوميدية التي كانت تدور في الاوساط البورجوازية الأيطالية وكانت تحتوي دوما علي مشاهد تتحدث فيها سيدات المجتمع البورجوازي في تليفون ابيض اللون كرمز للرقي والثراء في ذلك الوقت, وكانت تلك المرحلة واحدة من مراحل الانحطاط في تاريخ السينما الأيطالية, إلي ان تطورت ونضجت بظهور مرحلة الواقعية الجديدة علي يد جيل دي سيكا العظيم وفيلمه سارق الدراجة. بالقياس مع الفارق يمكن أن نرصد وجودنا في مرحلة الأباجورة البيضاء-علي غرار التليفون الأبيض- في سياق تطور الصورة التليفزيونية علي مستوي الشكل البراق دون وجود محتوي حقيقي أو مناسب لحجم تطور الشكل وذلك الأصرار العجيب من قبل مديري التصوير والمخرجين ومصممي الديكور علي أن تحتوي البيئات المكانية والبيوت المصرية في مختلف الطبقات من ادناها إلي اعلاها علي اباجورات في مختلف اركان البيت. لا يكاد يخلو مسلسل تليفزيوني من بين مسلسلات الموسم الحالي من وجود الأباجورات كجزء اساسي من ديكور المكان مهما كانت الطبقة الأجتماعية ومستواها المادي أو الثقافي وايا كانت المرحلة الزمنية التي تدور فيها الاحداث, فمن الخمسينات حيث يجلس المحقق ليستجوب عبد اللطيف في مسلسل الجماعة عقب محاولة اغتيال عبد الناصر لنجد في مكتب النيابة اباجورة انيقة مضاءة بالنهار خلف المتهم, إلي الأباجورات الملونة التي يتملئ بها بيت نعيمة المخدماتية في وراقالحساب يجمع, ناهينا عن الاعتماد عليها كمصدر شحيح للإضاءة في مسلسل لا تطفئ الشمس حتي في المشاهد التي تتطلب قدرا من الأضاءة الساطعة مثل حفلات الخطوبة او عقد القران داخل منزل الأسرة, وحتي لو كان هذا مخالفا للمنطق البصري, المهم أن تكون الأباجورات حاضرة في الكادر أو علي حد تعليق احد المخرجين الشباب علي الظاهرة أن وجود الأباجورات الخافتة يشبه( الأويمة) أي الزخارف الخشبية في واجهة الأثاث, وكأن ضوء الأباجورة هو مجرد حلية ضوئية ولونية لا علاقة لها بمصدر الأضاءة المنطقي للمكان, ولا بالتعبيرية المفترضة للضوء والظل والتي من الضروري أن ترتبط بالدراما وخط سير المشهد ومشاعر شخصياته, وهو ما يؤكد علي أننا بالفعل نعيش في مرحلة دراما الأباجورة البيضاء والتي نتمني ان تكون مقدمة لتطور حقيقي في الصورة الدرامية يعتمد علي كيفية طرح المحتوي بصريا دون زخارف شكلية لا تمثل اطار فني راق.