تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم السبت 7 يونيو 2025    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 7-6-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    أسعار الفراخ والبيض في بورصة وأسواق الشرقية اليوم السبت 7 يونيو 2025    أسعار الحديد اليوم في مصر السبت 7-6-2025    ارتفاع تأخيرات القطارات في ثاني أيام العيد    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 7-6-2025 في المنوفية.. الطماطم 10 جنيها    جيش الاحتلال يقصف منطقة بطن السمين في خانيونس    وزير العمل يهنئ فلسطين بمنحها "عضو مراقب" بمنظمة العمل الدولية    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    مباريات اليوم السبت.. إنجلترا وهولندا في مهمة خارج الديار بتصفيات كأس العالم    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    بعد تصريحات زيزو.. عضو مجلس الزمالك يوجه رسالة غامضة    إجراء تحليل المخدرات لسائق دراجة نارية دهس سيدة بأكتوبر    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالقاهرة.. اعرف موعد الإعلان    توافد جماهيري على الحديقة الدولية فى ثانى أيام عيد الأضحى    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    طريقة عمل كباب الحلة، ألذ وأسرع غداء على سفرتك في العيد    محافظ الإسماعيلية يوجه بفتح الأندية لنزلاء دور الرعاية والمسنين (صور)    تقديس السينما عند جعفر بناهي.. دروس للأجيال    بأمر المحكمة.. سفاح المعمورة في مستشفى العباسية للكشف على قواه العقلية    التفاصيل الكاملة لاتهام زوجة المطرب إسماعيل الليثي بالاعتداء عليها وسرقة مجوهراتها    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    بعد خلافه مع «ماسك».. «ترامب» يُفكر ببيع سيارته «تيسلا S»    ترامب يكلف بتوسيع إنتاج الطيران الأسرع من الصوت    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    «لعيبة تستحق تلبس تيشيرت الزمالك».. شيكابالا يزف خبرًا سارًا لجماهير الأبيض بشأن الصفقات الصيفية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    كلهم مصريين، مصرع شخص وإنقاذ 36 آخرين في احتراق مركب هجرة غير شرعية قبالة سواحل ليبيا    صدام ترامب ونتنياهو بسبب إيران.. فرصة تاريخية لدى رئيس أمريكا لتحقيق فوز سياسي    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الإعلام الأسبق الدكتور سامي الشريف: يكشف الحقيقة بين الإعلام والإرهاب
الإعلام العربي في مأزق بسبب الإرهاب
نشر في الأهرام المسائي يوم 16 - 06 - 2017

أصبح الإرهاب بكل أشكاله ظاهرة عالمية تخطت أخطارها كل الحدود, وأدركت كل دول العالم وشعوبه حتمية تنسيق الجهود لمحاصرته والتصدي له.
وفي كل المحاولات المحلية والإقليمية والدولية التي سعت لوضع خطط وإستراتيجيات لمكافحة الإرهاب كان الإعلام حاضرا علي الدوام بوصفه أحد أهم الوسائل التي يمكن إذا ما أحسن توظيفها أن تكون أدوات فاعلة للتصدي للإرهاب والقضاء عليه.
وبرزت أهمية دور الإعلام بوصفه محددا مهما لتفاقم ظاهرة الإرهاب, وفي الوقت ذاته وسيلة مهمة للقضاء عليها. ويبدو أن التطورات المتلاحقة التي شهدها العالم بثورتي الاتصال وتكنولوجيا المعلومات قد وفرت فرصا غير مسبوقة للإرهاب كي يبث رسائله وأفكاره عبر الحدود دون عوائق أو قيود.
حول دور الإعلام في التصدي للإرهاب وإيمانا بالدور المهم الذي يضطلع به الإعلام في مكافحة الإرهاب وفي محاولة للوقوف علي ملامح إستراتيجية إعلامية للتصدي للإرهاب وتفنيد مزاعمه, كان هذا الحوار مع الدكتور سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات, وزير الإعلام ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق:
العلاقة بين الإرهاب والإعلام مثار جدل وخلاف, هل هي علاقة دعم أم علاقة مواجهة؟
الإرهاب ظاهرة عالمية لا تقتصر علي دولة أو منطقة بعينها, وأكدت الأحداث التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة أنه ليس ثمة دولة أو شعب بمعزل عن جحيم الإرهاب وأخطاره.
وإذا كانت الآلة الإعلامية الأمريكية قد نجحت بدهاء خارق في إلصاق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001, وما تبعها من تداعيات سممت الأجواء في العلاقات بين الإسلام والغرب, فإن الدارس لتاريخ الغرب يلمس بوضوح ما وقع فيه من أعمال إرهابية راح ضحيتها الملايين من الأبرياء, ودمرت بسببها دول وحضارات بدءا بمحاكم التفتيش ومرورا بالحروب الصليبية وحروب الإبادة الجماعية وانتهاء بالمواقف الغربية المساندة لقوي الاحتلال والتدخل العسكري في فلسطين والعراق وسوريا وأفغانستان وسياسة الكيل بمكيالين في قضايا الصراع الدولي والعنف والإرهاب.
إن هذه الأحداث تجعلنا ندرك أن الدول الغربية هي الأولي بوصف الإرهاب كونها الصانعة والمساندة له وليس العرب والمسلمون.
وجاء فشل الأمم المتحدة بكل هيئاتها في وضع تعريف شامل ومقبول للإرهاب تارة بسبب محاولات تسييس المصطلح وتارة بسبب الخلط بين مفهوم الإرهاب, ومفاهيم المقاومة المشروعة والكفاح المسلح ضد قوي الاحتلال.
الإعلام.. والإرهاب الفكري
يعتبر البعض الإعلام وسيلة مؤثرة في مكافحة الإرهاب وكشف أساليبه وحشد الرأي العام ضد الجماعات الإرهابية, فيما ذهب آخرون إلي أنه أحد أهم وسائل دعم الإرهابيين وتبرير أفعالهم, كما اتهمه الكثيرون بممارسة الإرهاب الفكري أين الحقيقة؟
في كل الإستراتيجيات والخطط التي أعدتها الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب, يبرز الإعلام كواحد من أهم وأقوي الوسائل التي ترتبط بظاهرة الإرهاب.
ويعد الإرهاب الفكري أخطر أنواع الإرهاب وأكثرها خطورة, فهو يسعي لتجميد العقل وقتل الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة حريات الآخرين في الإبداع والتفكير وحق الاختلاف.
إذا كان الإرهاب الفكري مرضا تعاني منه مختلف المجتمعات. بدرجات متفاوتة. فإن انتشاره يزداد في المجتمعات الديكتاتورية المغلقة ذات الثقافة الشمولية.
هذه المجتمعات تسعي السلطات المسيطرة إلي فرض وتدعيم نفوذها ونشر أفكارها من خلال كبت الحريات ومصادرتها.
والواقع أن الإرهاب الفكري الذي يأخذ أشكالا وصورا متعددة هو واحد من أهم البني التحتية للإرهاب.
إن الإرهاب الفكري هو الخطر الحقيقي علي الشعوب, فمواجهة الإرهاب الدموي الذي يلجأ إلي القتل والعنف والترويع وحمل السلاح أسهل بكثير من محاولات نزع فكرة متخلفة من عقل إنسان. إن خطر الفكرة المتخلفة أشد قوة وتأثيرا من خطر الرصاصة, فالرصاصة قد تصيب إنسانا, لكن الفكرة المتخلفة فقد تهدد كيان أمة بالكامل.
كما أدركت الحكومات. علي مر التاريخ. أهمية وسائل الإعلام وسعت إلي امتلاكها والسيطرة عليها أو ترويضها علي أقل تقدير, فقد أدركت الجماعات الإرهابية أهمية وسائل الإعلام بوصفها الأداة التي يمكن استغلالها في نشر أفكارها والترويج لها, كيف تري ذلك؟
بدأ الصراع بين قوي الخير وقوي الشر علي امتلاك وسائل الإعلام وبسط النفوذ عليها قدرا محتوما عضد من قوته هذا التطور السريع وغير المسبوق لوسائل الاتصال والمعلومات التي شهده العالم في السنوات الأخيرة من القرن الماضي وتضاعفت قوته بحلول القرن الجديد.
فوسائل الإعلام هي القوة الفاعلة والمؤثرة في المواجهة بين الحكومات والجماعات الإرهابية, إلا أن هذه القوه قد تستخدم في تعزيز جهود الحكومات في مواجهة الإرهاب, وقد تستخدم في دعم الإرهابيين وتمكينهم.
وفي وصف العلاقة بين الإرهاب والإعلام قالت المرأة الحديدية مارجريت تاتشر عندما كانت رئيسة وزراء بريطانيا إن عمليات الإعلام والإعلان والذيوع الذي تنشره وسائل الإعلام حول الأعمال الإرهابية هي الاوكسجين اللازم للإرهاب والذي لا يستطيع الاستغناء عنه.
كما ذهب الكثيرون الي المبالغة في وصف تلك العلاقة بين الإرهاب والإعلام مثل أن( الإعلامي هو أفضل صديق للإرهابي).
كما يري آخرون أن العمل الإرهابي ليس شيئا في حد ذاته, بل إن الإعلام عنه هو كل شيء!!
ويمكننا تفسير تلك العلاقة بالقول إن الإرهاب والإعلام متلازمان يركض كل منهما وراء الآخر, فوسائل الإعلام تسعي إلي تحقيق السبق الإعلامي, وفي سبيل ذلك فإنها تركض وراء الأخبار والمعلومات المثيرة والتي تمثل الأعمال الإرهابية ذروتها, كما أن المنظمات والجماعات الإرهابية تسعي للوصول إلي وسائل الإعلام لإيصال رسالتها ونشر أفكارها وبث الرعب والخوف في نفوس خصومها.
نفهم من ذلك أن العلاقة بين الإرهاب والإعلام ستظل علاقة شديدة التعقيد بالنظر إلي تعدد أبعادها, وغموض أسبابها ودوافعها؟
التغطية الإعلامية لأنشطة الجماعات الإرهابية ولجهود الدول والحكومات لتقويضها والقضاء عليها كانت ولا تزال محل خلاف وجدل كبيرين.
ويكون ذلك من خلال تحليل نوعية العلاقة بين كل طرف من تلك الأطراف بوسائل الإعلام.
لكن اهتمت الجماعات الإرهابية منذ وقت طويل بتوظيف الإعلام لخدمة أغراضها وتحقيق أهدافها. وعلي مدي التاريخ وظفت النظم الديكتاتورية والراديكالية وسائل الإعلام واحتكرتها وطوعتها لتبرير أخطائها والدفاع عن مواقفها؟
اهتم الزعيم النازي هتلر بوسائل الإعلام واستحدث وظيفة( وزير الإعلام) لبسط نفوذه علي تلك الوسائل بوصفها أفضل السبل لتحقيق طموحاته لإخضاع أوروبا والعالم لسيطرته, فقد اهتم جميع الزعماء الديكتاتوريين بالسيطرة علي وسائل الإعلام وتوجيهها.. وعلي نفس النهج سار الإرهابيون في كل مكان حين أدركوا أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام للدفاع عن أفكارهم وتبرير أفعالهم اللامشروعة.
ففي عام1988 أنشأ زعيم القاعدة أسامة بن لادن( إدارة إعلام القاعدة) كجزء رئيسي من الهيكل التنظيمي.
وركزت تلك الإدارة في بداياتها علي الاحتفاء بالمجاهدين المسلمين في أفغانستان الذين كانوا يحاربون السوفيت.
وبعد انسحاب القوات الروسية وجهت إدارة الإعلام في القاعدة بوصلتها صوب الولايات المتحدة وإسرائيل( اللتين كانتا القوة الداعمة لتنظيم القاعدة منذ نشأته), ثم وجهت الإدارة سهامها نحو بعض الأنظمة العربية المناوئة لها وعلي رأسها المملكة العربية السعودية.
كما دشن تنظيم القاعدة موقع( النداء) علي شبكة الإنترنت في أوائل عام2002 لبث أفكاره وترويج مبادئه, وتوجد عشرات الآلاف من المواقع الإلكترونية التابعة للجماعات الإرهابية في مختلف دول العالم, والتي تتزايد أعدادها مع التطورات التكنولوجية المتسارعة لشبكة الإنترنت.
شبكة الإنترنت واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة التي نجحت الجماعات الإرهابية في توظيفها لخدمة أغراضها؟
إذا كان امتلاك الجماعات والتنظيمات الإرهابية لوسائل إعلام خاصة بها يعد أمرا مشروعا في ظل صراعها مع الدول والشعوب المختلفة, فإن ما يثير الريبة هو أساليب تعامل تلك الجماعات والتنظيمات مع وسائل الإعلام غير التابعة لها.
لقد أدركت الجماعات والتنظيمات الإرهابية أهمية وخطورة وسائل الإعلام الجماهيرية وقدرتها الفائقة علي التأثير في الرأي العام وتوجيهه.
وتستغل الجماعات والتنظيمات الإرهابية الحاجة الماسة لوسائل الإعلام للحصول عل المعلومات وتحقيق السبق الإعلامي, فتصدر لها أخبارها وتحركاتها بحثا عن الأضواء وإثارة البلبلة في الشارع وإحداث حالة من الرعب الجماهيري.
وعندما تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث والعمليات الإرهابية فإنها توفر للإرهابيين فرصا ذهبية للذيوع والانتشار وتقدم لهم خدمة مجانية قوية ومؤثرة.
كما أن ظهور القيادات الإرهابية وإجراء الحوارات الصحفية والتليفزيوينة معهم يحقق لها الشهرة والانتشار فيستمع الناس يشاهدون هؤلاء الإرهابيين الذين يبذلون جهدا كبيرا في تبرير أفعالهم والإقناع بأفكارهم التي ربما تتوافق مع كثير ممن يتابعون تلك اللقاءات والحوارات فيقتنعون بما يقوله هؤلاء الإرهابيون خاصة أنهم يوظفون الدين لتبرير أفعالهم والإقناع بأفكارهم, كما يستغلون السخط الشعبي علي الحكومات في الدول النامية والفقيرة التي لم تستطع أن تحقق آمال شعوبها وتركتهم ضحية للفقر والجهل والمرض في حين يتمتع قادتهم وزعماؤهم بخيرات بلدانهم الفقيرة.
يمكن القول إن الأحداث الإرهابية صفقة تسعي كل وسائل الإعلام للفوز بها في إطار منافسة شرسة فرضتها الزيادة المفرطة في أعداد وسائل الإعلام وحرصها علي جذب مزيد من الجمهور لتحقيق المزيد من الإعلانات ومن ثم الأرباح إلي أي مدي صحة هذه العبارات؟
أثبتت الدراسات أنه في ظل المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام فإن معظمها يغلب معيار( السبق) علي معايير الدقة والموضوعية عند اختيار القصص الإخبارية التي تتم تغطيتها.
وإذا نظرنا لواقع وسائل الإعلام في مجتمعاتنا العربية نجد أنها ثلاثة أنماط أولها وسائل إعلام رسمية تملكها وتسيطر عليها الحكومات وهي في الغالب ضعيفة المستوي متواضعة الإمكانات ولا تحظي بثقة المواطنين ولا تتمتع بالمصداقية, ومن ثم ينصرف الجمهور عنها ولا يعيرها إلا القليل من الاهتمام.
والثانية وسائل الإعلام الحزبية وهي ليست أفضل حالا من مثيلاتها الرسمية, وهي عادة لا تحظي بالشعبية والجماهيرية تماما كما هو حال الأحزاب السياسية التي تعبر عنها.ومن ثم ينصرف الناس عنها ولا يعتبرونها مصادر موثوقة للأخبار والمعلومات.
أما النوع الثالث فهو وسائل الإعلام الخاصة والتي ربما تحظي بدرجة أكبر من الجماهيرية, وتمتلك إمكانات فنية وبشرية أكثر تميزا, وتتمتع بدرجة أكبر من الحرية قياسا بوسائل الإعلام الرسمية والحزبية.
ويمكننا تفسير تلك العلاقة بالقول إن الإرهاب والإعلام متلازمان يركض كل منهما وراء الآخر, وتعد وسائل الإعلام الخاصة الأنسب لتحقيق طموحات الدول والحكومات لتنفيذ خططها لمكافحة الإرهاب, إلا أن طبيعة عمل هذه الوسائل, وطبيعة الأهداف التي أنشئت من أجلها والتي يأتي تحقيق الأرباح في مقدمتها تحول دون إمكان توظيفها كأدوات فاعلة لمكافحة الإرهاب, ذلك أن بعضا من هذه الوسائل الخاصة يعتمد بشكل أساسي علي الإثارة والتشويق فيما تقدمه من موضوعات, كما أن بعضا منها يتخذ من الحكومات والسلطات الرسمية خصما لا يمكنها التعاون معه حتي في حربه المشروعة ضد الإرهاب!!
وتعد التغطية الإعلامية لأنشطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية بمثابة اعتراف صريح بوجودها ومشروعية ما تقوم به من أعمال. ومن هنا تواجه الدول والحكومات العربية مأزقا بالغ الخطورة حين لا تجد منابر إعلامية قوية ومؤثرة في حربها ضد الإرهاب.
فوسائل الإعلام العربية علي اختلاف توجهاتها وأنماط ملكيتها تعتبر المنظمات الإرهابية مصدرا مهما من مصادر الحصول علي الأخبار والمعلومات الساخنة التي تضمن تغطيتها لتلك الوسائل سبقا وتفوقا في حربها الشرسة ضد منافسيها بين الوسائل الإعلامية الأخري.
وفي سعيها الدءوب لتحقيق السبق والتفوق تقع وسائل الإعلام العربية أحيانا كثيرة بقصد, وأحيانا قليلة بغير قصد في أخطاء تمنح الإرهابيين ومنظماتهم فرصا ذهبية لعرض أفكارهم ورؤاهم, وكسب المؤيدين والمتعاطفين معهم.
ودفع ذلك العديد من الباحثين إلي اتهام وسائل الإعلام بالتعاطف مع الإرهابيين ودعم أنشطتهم بوصفها منابر تنجح الجماعات والتنظيمات الإرهابية في النفاذ إليها واستغلالها لتحقيق أهدافها.
هل يمكن أن ترصدوا أهم نقاط النقد التي يمكن توجيهها لوسائل الإعلام في إطار تغطيتها الإعلامية للأنشطة والأعمال الإرهابية؟
نقاط عديدة للغاية منها أن المبالغة والتهويل في تغطية العمليات الإرهابية والتركيز تؤدي إلي إبراز الآثار السلبية الناجمة عنها, إلي التأكيد علي قوة الجماعات والتنظيمات الإرهابية علي أرض الواقع, وقدرتها علي مواجهة كل الإجراءات الأمنية التي تقوم بها الحكومات.
كما أن سعي وسائل الإعلام إلي التواصل مع القيادات الإرهابية, وإجراء مقابلات صحفية وتليفزيونية معها في كثير من الأحيان يؤدي إلي كسب المزيد من التأييد والشعبية حيت تتاح لهم فرص عرض أفكارهم وتبرير مواقفهم مما يمنحهم مزيدا من الشرعية والقبول.
وأثبتت العديد من التحقيقات التي أجريت مع بعض مرتكبي الأعمال الإرهابية في العراق أنهم تأثروا كثيرا بما كانت تعرضه قناة الجزيرة من مقابلات مع قيادات المنظمات الإرهابية, وقرروا الانضمام إليها والعمل داخل صفوفها.
كما أن نجاح قيادات تنظيم داعش في عرض أفكارهم عبر وسائل الإعلام الغربية ومواقع التواصل الاجتماعي دفع العديد من الشباب الغربي للانخراط في هذا التنظيم والتطوع في صفوف المقاتلين في كل من العراق وسوريا.
ويؤدي حرص وسائل الإعلام علي عرض المناظر البشعة والمثيرة لضحايا الإرهاب من قتل وقطع للرءوس علي شاشات التليفزيون ومواقع الإنترنت إلي فقدان التعاطف الشعبي الذي كانت تسعي وسائل الإعلام إلي تحقيقه, ذلك أن تكرار مثل هذه المناظر يجعل المواطنين يعتادون عليها وتصبح بالتدريج غير ذات تأثير.
كما أشار بعض علماء النفس والاجتماع إلي أن تعرض الصغار والناشئة لمثل هذه اللقطات والصور بشكل مستمر ربما يؤدي إلي تقليدها في حياتهم العادية. وتلجأ معظم وسائل الإعلام للطابع الإخباري عند تغطيتها لأحداث الإرهاب علي حساب التغطية ذات الطابع التحليلي والتفسيري مما يؤدي إلي السطحية الشديدة في فهم الظاهرة الإرهابية وسبل التعامل معها ومكافحتها.
ويلمس المتابع للعديد من وسائل الإعلام العربية ضعفا شديدا من جانب الكوادر الإعلامية التي تتصدي لمناقشة قضايا الإرهاب وتغطية الأعمال الإرهابية, فالغالبية العظمي منهم يفتقدون للحد الأدني من الثقافة والرؤية الشاملة لقضايا الإرهاب مما يسفر عن تغطية سطحية ساذجة تمنح الإرهابيين تعاطفا شعبيا أكبر حين يظهرون بمظهر الضحية لأنظمة الحكم التي تطاردهم وتسعي إلي قتلهم وتشريدهم.
وتقوم وسائل الإعلام في بعض الأحيان وفي إطار تحقيق السبق الاخباري إلي المتابعة الدقيقة لكل الخطط الأمنية لملاحقة الإرهابيين, من خلال تقارير إخبارية ولقاءات مع القيادات الأمنية التي يتباري بعضهم في الحديث عن جهود الأجهزة الأمنية لمتابعة الإرهابيين مما يؤدي في بعض الأحيان إلي تزويد الإرهابيين بمعلومات يمكن أن تساعدهم في تضليل قوات الأمن والإفلات بجرائمهم.
وإنه بصرف النظر عن التغطية الإعلامية لقضايا العنف والإرهاب فإن وسائل الإعلام العربية متهمة بأنها توفر مناخا حاضنا للإرهاب بما تقدمه من أفكار متطرفة وفتاوي فاسدة تحض عل العنف ورفض الآخر. وفي الوقت نفسه تقوم بهجوم مباشر علي المعتقدات والرموز الدينية وازدرائها والسخرية منها. كما أدي ظهور القنوات الدينية المذهبية إلي مزيد من الصراعات الفقهية والطائفية, ونشر الشبهات مما انعكس بالسلب علي الفهم الصحيح للدين, وعمق الخلافات بين المسلمين, وأذاع فكر التكفير والتفسيق بين الفرق والمذاهب المختلفة. ووجد الفكر التكفيري ضالته في بعض القنوات الدينية التي راحت تزكي روح الفرقة والانقسام بين أبناء الأمة الإسلامية, وتنفث روح العداء والبغضاء بينهم من خلال نظرة مذهبية ضيقة وخطاب إعلامي متعصب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.