لم تعد مصر والسعودية والإمارات والبحرين في حاجة إلي اثبات علاقة قطر بالارهاب الدولي.. الوقائع دامغة منذ أن قام الشيخ حمد بن خليفة بانقلابه علي والده الشيخ خليفة.. الوقائع مثبتة من خلال أقوال وزيرالدفاع الامريكي الاسبق روبرت جيتس وديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق ومستندات مؤسسات بحثية كبيرة مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية ومن خلال التمويل الضخم لمنظمات ارهابية مثل القاعدة وايواء العقل المدبر وراء تفجير برجي مركز التجارة العالمية بنيويورك خالد شيخ محمد وجبهة النصرة والقاعدة في باكستان. الآن وقعت الواقعة وتم فرض عقوبات جدية ومؤلمة ضد قطر, هذا مع الوضع في الاعتبار أن قطر وهي تمول الارهاب ليست بعيدة عن أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية وليس ثمة اكتشاف جديد في معرفة مسألة توفير الدعم المالي لمنظمات الارهاب, قطر تلعب دورا معروفا منذ حوالي عقدين من الزمان وتتصرف بأريحية في ظل حماية أمريكية ضخمة. هذه العقوبات تمت بالتأكيد في ظل موافقة ضمنية أمريكية تحت ادارة الرئيس الجديد دونالد ترامب فالجميع وقعوا علي اتفاق لمكافحة الارهاب بما فيها قطر. العائلة الحاكمة غير سعيدة بزيارة الرئيس ترامب للمملكة العربية السعودية وبعقد القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض وقد بدا ذلك من بيان الأمير تميم الذي بثته وكالة الأنباء القطرية وحاول الأمير التملص منه وانكاره لكن هيهات فقد وقعت الواقعة اذ يبدو أن اتجاهات الإدارة الأمريكية الجديدة في ظل ترامب ليست علي هوي قطر أو كأن وجود قاعدة العيديد العسكرية الأمريكية سوف تضمن لقطر وضعا آمنا ومتميزا عن بقية الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي يتيح لها تطبيق مفهوم الدولة/ القناة الي ما لا نهاية بحيث تستمر في لعب الدور الأقليمي المكتوب لها لكن لا حسابات أبدية في السياسة وانما التغير هو سمة العلاقات الدولية لا سيما مع تغير الأدارة الامريكية. يبدو أننا قد دخلنا مرحلة جديدة لطبيعة العلاقات التي تربط دول الإقليم في ظل الإدارة الجمهورية للولايات المتحدة تتميز بالتالي: أولا: إيجاد صراعات جديدة بين الدول العربية وبين دول الخليج وإيران: وقد ظهر ذلك بشكل جلي في محاولة لاحتواء الدولة الصغيرة التي تمتلك موارد ضخمة من الغاز وفوائض كبيرة تستخدمها في الصراعات الإقليمية من العراقوسوريا الي ليبيا ومصر. ثانيا: التراجع عن اتفاق5+1 يين ايران ودول الغرب من خلال إيجاد حالات من التوتر بين دول الخليج وإيران مع استعداد واضح من جانب ايران لانتهاج نفس السياسة التوسعية التي تميل الي اشعال الموقف في سوريا ولبنان من خلال حزب الله وعلي ضفاف الخليج بالوقوف موقف الاستعداد لاحتواء قطر في حالة انشقاقها عن الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي. ثالثا: ادارة جديدة لظاهرة الارهاب الدولي بفاعليه ومموليه معا بعد أن ارتدت كرة اللهب علي بعض الدول الأوروبية الفاعلة في النظام الدولي والتي اجادت التعامل مع منظمات الارهاب وكبح جماحها لكن بعد انتشار العمليات الارهابية في العديد من الدول الاوروبية يبدو ان التعامل مع ظاهرة الارهاب سيتم بشكل مختلف عن الكلام التقليدي الخاص بتجفيف منابع تمويل الارهاب والسيطرة علي تدفقات الملايين من الدولارات العابرة للحدود مع غض الطرف لحساب منظمات ارهابية محددة ووضع حد لسهولة انتقال الارهابيين من الدول الاوروبية وانخراطهم في مناطق الصراع مثل سورياوالعراق والعودة مرة أخري الي الوطن الأم الذي يقيم فيه. أن السيناريوهات المتاحة بعد فرض العقوبات علي قطر في ضوء التحليل السابق تنحصر في: أولا: الاستمرار في فرض العقوبات بما يؤدي الي انفلات امارة قطر من النظام الأقليمي العربي وارتمائها في احضان النظام الايراني بهدف خلق بدائل وما يترتب علي ذلك من المزيد من المشكلات في منطقة الخليج. الثاني: أن تتدخل الولاياتالمتحدة وتتولي احتواء النظام القطري اذا كانت هناك مصالح امريكية محددة وهو سيناريو مستبعد لانه سوف يحقق التهدئة وبالتالي يقلل من استفادة الولاياتالمتحدة من اثارة خوف وذعر دول الخليج بحيث تطلب المزيد من الحماية مقابل المزيد من الاستثمارات في الولاياتالمتحدة والمزيد من مبيعات الاسلحة الامريكية. الثالث: أن تتدخل سلطنة عمان المعروف عنها المهارة في عمليات الوساطة في النزاعات الأقليمية وأخرها في اتفاق5+1 مع ايران بحيث تتولي تضييق الفجوة بين دول مجلس التعاون ومصر مع قطر وبالتالي بتم تقليل التكلفة المدفوعة لانهاء الصراع. من المبكر ترجيح كفة أحد هذه السيناريوهات علي الأخر لأن الأزمة وصلت الي مرحلة سخونة عالية ولا بد من انتظار ما ستسفر عنه تداعيات ما بعد الأزمة لمعرفة الي أين ستتجه.