قرأت مشكلة الأسبوع الماضي بعنوان البنطال وقميص النوم كما قرأت مشكلات كثيرة تشكو كاتباتها من استغلال الأزواج لهن ماديا أو اعتمادهم عليهن, فقررت الكتابة لك لتطلعي علي الوجه الآخر للمشكلة فأنا يا سيدتي رجل في أواسط الأربعينيات من عمري, أحببت زميلتي في العمل رغم إدراكي من الوهلة الأولي لتفوقها المادي فترددت في التصريح لها بحبي حتي شعرت أنها تبادلني نفس المشاعر فصارحتها برغبتي في الزواج منها دون أن أخفي أي شيء عن مستواي المادي والاجتماعي فوافقت دون تردد وحددت لي موعدا مع والدها الذي رحب بي واشترط أن أبيع شقتي وأكمل هو علي ثمنها ليشتري لابنته شقة في الحي الذي يعيشون به, وتم الزواج وسعيت طوال الوقت أن أسيطر علي نفقاته بما يتناسب مع دخلي ودون أن ألجأ لزوجتي أو لوالدها, لكنهما كانا طوال الوقت يطالباني بما يفوق إمكاناتي ثم يحلان محلي فيما لا أستطيع توفيره, ولم أعترض علي ذلك حتي لا تغضب زوجتي أو تعتقد أنني لا أريد لها الراحة أو الرفاهية مثلما اتهمتني أثناء أحد النقاشات. ومرت السنوات دون أن أفيق علي حقيقة أنني أصبحت لا أوفر أكثر من نصف متطلبات حياتنا وأطفالنا حتي بدأت زوجتي تلمح لذلك عند نشوب أي خلاف بيننا, ثم تعدت مرحلة التلميح إلي مرحلة التصريح والآن وصلت لمرحلة المعايرة!! نعم يا سيدتي فزوجتي تعايرني في كل مناسبة بفضلها هي ووالدها الذي جعلنا نعيش في مستوي أعلي من إمكاناتي رغم أنني لم أطلب منها ذلك مرة واحدة, والمشكلة الآن أنني لم أعد أتحمل تلك المعايرات التي أستطيع الرد عليها جيدا لكنها أصابتني بقرف من زوجتي ووجدتني أعزف عنها, والأخطر من ذلك أنني أصبحت أنجذب لفتيات وسيدات بسيطات يقل مستواهن المادي عني وأشعر نحوهن بالمسئولية وأتمني لو تزوجت إحداهن, وأصبح الزواج الثاني رغبة تسيطر علي تفكيري حتي أترك لزوجتي الجمل بما حمل وأقضي بقية عمري في بساطة مع امرأة تقبل بما أقدمه لها, فهل أنا رجل طبيعي؟ وهل هناك أمل في إصلاح مشاعري نحو زوجتي؟ أم أن الزواج الثاني هو الحل؟ عزيزي صاحب البنطال الواسع عليه أشكرك علي متابعتك, وقد لمستني كلماتك وتمثلت معايرات زوجتك لك التي بالتأكيد أشعرتك بالإهانة والدونية حتي كدت لا أتبين ما يدفعها إلي مثل هذه التصرفات التي تتكبد هي قبل أي مخلوق آخر نتائجها, فأعدت قراءة قصتك المثيرة; حيث أوضحت أنها لم تتمنع عنك أو تبخل بشيء في سبيل إرضائك واكتسابك إلي جانبها, بداية من تذليلها لعقبة الفرق الاجتماعي والمادي منذ بداية العلاقة; حيث رحب بك والدها في العائلة وبادر بمساندتكما بالجهد والمال بينما تري أنت أنه اشترط عليك بيع شقتك وكأنك كنت راغبا في شقتك أينما كانت وتنازلت عن أشيائك بل أجبرت علي التضحية بها!! ثم تروي أن زوجتك ظلت سنوات تطلب منك احتياجاتها ثم تتصرف بمالها أو تستعين بوالدها حينما لا تستطيع أن توفي أنت المطلوب لها ولأولادكما. عزيزي المحب لأشيائه, لقد لفتتك قصة البنطال وقميص النوم التي نشرت الأسبوع الماضي ودفعتك للتواصل معي, وأتفهم أين وجدت فيها صدي لإحساسك بسقوط البنطال عن عورتك ومن ثم إحساسك بالإهانة وجرح رجولتك, لكن مهلا.. من نزع بنطال رجولتك عنك؟ زوجتك ووالدها بدعمهما المشروط بكونك زوجا وحبيبا وأبا تبادلهم عطاء بعطاء, أم انكماشك حول نفسك وحرصك علي أن تمنح فقط ما تراه مناسبا لك ولإمكاناتك, يتراءي لي من كلماتك أن بداية الشقاق بينك وبين زوجتك في أنك ترغب في قولبتها اجتماعيا وماديا في الإطار الذي تراه أنت مناسبا ولا يمثل عبئا عليك; حتي اتهمتك أنك لا تريد لها السعادة والراحة, ألا تري معي يا سيدي أن هناك تضادا بين موقفك من زوجتك وعدم قبولك لها كما هي, وبين موقفها الكريم هي وأهلها من استقبالك واحتضانك كفرد من أفراد الأسرة بلا شرط أو قيد إلا ما شرع الله و هو حسن المعاشرة بقبولهم مصاهرتك؟. إن الخطر بعد في اختلاف المستوي المادي والاجتماعي بين الزوجين هو الفجوة الثقافية التي يمكن أن يسببها هذا الاختلاف وأراها جلية في موقفك العنيد بأن تتمسك بما هو مناسب لك ورفضك التأقلم علي ما يناسبكما معا في الحي الجديد الذي لم يجبرك أحد علي أن تنتقل له, وقد وصل رفضك إلي أنك صرت تمتنع عن زوجتك حسيا وعاطفيا لأنك لم تعد تحس برجولتك معها ومن ثم لا أشك في أن الشقاق بينكما في تزايد مع جفاء نبع الحب. عزيزي الباحث عن الرجولة, لقد استهللت كلماتك بأنك في منتصف الأربعينيات; حيث بدأت تلمع فكرة إلقاء كرسي في الكلوب لزوجة عمرك وأم أبنائك لتنعم ببداية جديدة مع من هي أقل منك في كل شيء حتي تضمن أن تخدمك وتخلع عنك حذاءك بلا ندية أو منازلات وصراعات, أنت بالتأكيد الآن في موقف لا تحسد عليه, فإما أن تصلب طولك وتبدأ صفحة جديدة مع زوجتك لا تنكمش فيها لحماية ممتلكاتك وأفكارك وكرامتك المجروحة بيديك قبل يدها, وإما أن تتبني موقفا ميكيافيليا مدفوعا بالرغبة في بداية جديدة مع غيرها فتركب موجة منتصف العمر وهذا ما لا أنصحك به في هذه المرحلة, وأنت وحدك صاحب القرار.