انتشرت علي الفيس بوك مؤخرا عدد من اللوحات ذات الألوان البراقة, يحمل منتصف كل منها كلمة عربية مشكلة مكتوبة بخط أنيق, علي وزن واحد مثل ماتكرهنيش, ماتعذبنيش, ماتسكنتيش, ما ترفضنيش, ما تلغيتيش, ما تتجاهلنيش ولا يجمع تلك اللوحات وحدة التصميم فقد وإن أختلف اللون ولكن ما يجمعها يوحدها بالأساس هو شيء أكبر وهو أنها كلها تدور في إطار نبذ العنف والكراهية والتعصب. صاحب هذه الفكرة هو باسم يسري فنان تشكيلي مصري تخرج عام2003 من كلية الفنون الجميلة جامعة القاهرة ودرس بالولايات المتحدةالامريكية مدة خمس سنوات قبل أن يعود قبل قيام الثورة بأشهر قليلة, ويقول عن هذه المجموعة من الصور انها تشكل مبادرة هدفها نشر الوعي لمحاربة الطائفية والعنف والفساد بشكل بسيط. بدأت فكرة الحملة بعد تفجير كنيسة القديسين في ليلة رأس السنة, يومها أحسست وزملائي بضرورة القيام بشيء ما فنحن كشباب من الفنانين مهمومون بتقدم المجتمع وأفكار حقوق الإنسان والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع ككل, وجاء التفجير بمثابة الصدمة لنا وكان لابد لنا من ان نفعل شيئا حيالها هكذا يشرح باسم بداية الفكرة التي اراد بها أن يصنع شيئا مختلفا يساهم به في نشر الوعي وإنهاء حالة التوتر واستخدام وتطويع الفن لخدمة المجتمع وارساء قيم الحب والاستيعاب وتفهم الاختلاف بين افراد المجتمع. يؤمن باسم بالأهمية الاجتماعية للفن فالفن يمكنه ان يكون لاعبا رئيسيا في حل مشكلات وأزمات المجتمع فالتوعية عن طريق الفن هي من انجح الطرق واسرعها وأكثرها فعالية في كثير من الأحيان, ويري باسم أن احدي أكبر مشكلات الفن المصري في الفترة الماضية هي انفصاله عن المجتمع ومعاناته, فهو لم يكن فنا موجها لتطوير عقول الناس. يقول باسم انه فكر في البداية ان يقف امام الكنائس هو وزملاؤه لحمايتها أو أن يصنع فيديوهات للتوعية, ولكن هذا كان موجودا بالفعل لذلك جاءته فكرة اللوحات وبدأ يفكر في الكلمات والشكل وبالفعل وجد باسم التصميم المناسب الذي حرص فيه علي استخدام كلمات عربية وليست كلمات إنجليزية او كلمات عربية مكتوبة بحروف لاتينية فحروفنا علي حد قوله شيك ايضا وليست اللاتينية فقط. ربما كان من أهم انجازات حملة باسم يسري انها اعادت اكتشاف الحروب العربية بوضعها في سياق جديد يكشف عن جمالياتها وقوة المعاني التي تشكلها, فعل الرغم من ان باسم ربما لم يخترع خطوطا ولا كلمات جديدة الا أن وضع الكلمة في وسيط لوني يتسم بالقوة ويجذب العين اعطي للكلمات تأثيرا مختلفا فكثير منا يتداول هذه الكلمات دون وعي بمضمونها, ولكن ربما ان هذه هي وظيفة الفن ان يظهر المألوف بشكل مختلف داخله بأن ينقيه من شوائب الحياة العادية. بعد فترة وجيزة قامت الثورة وخفتت الحملة أمام الوهج الثوري الذي اطاح حينها بكل تعصب اوطائفية ووضع المصريين كلهم أمام تناقض رئيسي لا يختلفون عليه وهو اسقاط النظام, ولكن باسم الذي اكتشف ان التعصب مازالت آثاره موجودة بعد الحوادث الطائفية التي وقعت بعد الثورة عاد ليكتشف أهمية الحملة وأنها قادرة علي الفعل في هذا الجو خاصة ومع الامكانية الهائلة للحملة في الانتشار مع استعمال الحملة للأداة التي يبدو أنها الأكثر فعالية في هذا العصر وهوالفيس بوك. والجديد في الحملة كما يقدمها باسم هو أنها حملة تفاعلية فيمكن لأي شخص ان يرسل كلمة تحمل نفس التيمات التي تضاد العنف والكراهية والإقصاء ويقوم باسم بتصميمها وتوفيرها للناس.