نوه ونبه الإسلام علي أهمية وفضل العمل الجاد النافع المثمر, وقدر العمال في مختلف الحرف النافعة بفصوص وقواعد شرعية محكمة, قال الله- عز وج ل- فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور- الآية من سورة الملك- فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله- الآية من سورة الجمعة-, وقال رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ماأكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده- صحيح البخاري كتاب البيوع باب كسب الرجل وعمله بيده-, وقال الساعي علي الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله- صحيح البخاري كتاب الأدب. وقد ندب الإسلام الإنسان أن يختار حرفة لكسب رزقة, قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إني لأري الرجل فيعجبني, فأقول: له حرفة؟ فإن قالوا: لا, سقط من عيني- كنز العمال-, ومن المقرر شرعا أنه يجب- علي الكفاية- أن يتوفر في البلاد أصول الحرف جميعها احتيج إليها أو لا, وهذه الأعمال التي هي فرض علي الكفاية أصلا متي لم يقم لها الإنسان بعينه صارت فرض عين عليه إن كان غيره عاجزا عنها, فإن كان الناس محتاجين إلي فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجبا وجوبا عينيا عليهم وجعل الإسلام الكسب المترتب عن العمل- تجارة أو زراعة أو صناعة أو غير ذلك- من أطيب أنواع الكسب, فقد سئل النبي- صلي الله عليه وسلم- عن أي الكسب أطيب؟ فقال:- عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور- أخرجه أحمد-. وقد عمل الأنبياء والرسل- عليهم السلام- بمختلف المهن النافعة كالنجارة والحدادة وصنع وحياكة الثياب ورعي الغنم والفلاحة علي ماهو موضح في قصصهم في كتاب الله- تعالي- وسنة رسوله- صلي الله عليه وسلم-, وهذا يؤصل معاني الاقتداء الصحيح بمن جعل الله- تعالي- قصصهم عبرة لأولي الألباب. تحية وسلاما للسواعد الفتية, والهمم العالية, تحية لأيادي الخير ولحبات العرق, تحية وإجلالا للباذلين جهدهم لإعفاف أنفسهم ومن يعولون, تحية وسلاما لمن يشاركون في نفع البلاد والعباد بكل عمل مثمر, وسلام علي الصادقين. أستاذ الشريعة الإسلامية- جامعة الأزهر