بعد أن بدأت الحياة تبتسم لحوالي300 أسرة من المستأجرين للمحال بالسوق التجارية بالمنطقة الثالثة بالتجمع الخامس. فاجأت هيئة المجتمعات العمرانية المستأجرين برفضها استلام ايجار الوحدات والتهديد بالطرد. لعزمها طرحها من جديد بالمزاد العلني لمن يدفع أكثر وسط استغاثات هذه الأسر المطالبة بتطبيق مبدأ مد حق الانتفاع عليهم بعد مرور ثلاث سنوات, ولعدم اخبارهم من البداية أن التأجير لمدة محددة. ويتحدث صابر سيد يوسف34 عاما, حلاق رجالي, حصلت علي محل تزكية من وزير التضامن السابق من خلال قرية(S.O.S) للأطفال الأيتام نهاية2007, من خلال عقد لمدة3 سنوات بحق انتفاع علي ان يجدد العقد مرة أخري بقيمة361 جنيها شهريا, في منطقة الحي الثالث بالتجمع الخامس, والمفترض انتهاء العقد2011/1/31 قصة نجاح.. وينخفض صوته وهو يقول, تقدمت بطلب لوزير الإسكان لتجديد المدة, وفوجئت بردهم أن هذه المحال ستطرح مرة أخري في مزايدة علنية, ويستكمل بكلمات يملأها الشجن قائلا, دفعت حوالي5 آلاف جنيه قيمة الحجز, ثم ترخيص مزاولة نشاط3100 جنيه للضرائب والسجل التجاري والأمن الصناعي, كما أدفع ايجارا شهريا يزيد كل عام10% وأول قسط كان270 جنيها ووصل آخر شهر361 جنيها ويختنق صوته وهو يقول تربيت يتيم الأب والأم في الجمعية, وعندما بلغت الثالثة عشرة انتقلت لبيت الشباب بالدراسة وتركت التعليم في المرحلة الابتدائية لعدم رغبتي الدراسة نتيجة المضايقات داخل المدرسة لعلمهم أني وافد من قرية الأطفال الأيتام كما لم أجد من يهتم بشئوني أو دراستي, وللعلم من يعيشون هذه الحياة أطفال كثر في مصر. طعم الصبر ويرفع رأسه مستحضرا معاناته قائلا, منذ الثالثة عشرة عملت تعلمت مهنة صبي حلاق ورباني صاحب المحل بشكل أبوي وأديت الخدمة العسكرية3 سنوات واعتمدت علي نفسي لأفتح محلا بمساعدة أحد المحسنين ثم انتقلت لوزارة التضامن وقدمت الأوراق السالفة الذكر للحصول علي المحل, ويعد المحل مصدر رزقي وأبنائي لذا لست مستعدا للمجازفة بتركه بعد ما تم صرفه من تجهيرات باهظة بلغت15 ألف جنيه وبمساعدة الجمعية أيضا ورفعت قضية حاليا بمجلس الدولة وتم التأجيل لجلسة هذا الشهر بمعرفة الجمعية, طلب ورجاء.. ويملأ صوته الرجاء وهو يقول أناشد وزير الاسكان ورئيس مجلس الوزراء تمليكي المكان بأثر رجعي بحق الانتفاع بأن يحسب فترة الإيجار المدفوع كمقدم الحجز ثم نكمل باقي الأقساط ونحرج من قصة المزاد فلا قبل لنا به ويرفع صوته قائلا, لو أني أعلم أن هذه المحلات ستؤول للمزاد من البداية, لم أكن لأحجز بها لا أنا ولا غيري ممن بنفس الظروف, ولا يجب أن يكون هدف وزارة الاسكان هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة هو جني المال واعطاء الوحدة لمن يدفع أكثر ولا ينظرون للجانب الاجتماعي والإنساني في الأمر, إطلع بره وبحزن شديد يقول صابر, ذهبت لدفع الإيجار فتم رفض الاستلام, وعند الاستفسار عن السبب كان الرد لا يحق الحصول علي أي ايصالات إيجار لانتهاء الفترة الايجارية ولم نفد بأي رد لحالتك لتجديد الايجار أو تمليك الوحدة, وأفادوني بالذهاب للواء سمير فؤاد مدير أمن الجهاز الذي كان رده مطالبتي بترك المكان وتسليمهم المحل, فاعترضت مذكرا بأني رفعت دعوي استشكال بمجلس الدولة لتمليكي المكان, فصرخ بوجهي بشكل غير لائق وهددني بالخروج بالقوة الجبرية فتقدمنا بطلب للمجلس القومي لحقوق الإنسان نستنجد بهم وقف قرار الطرد حفظا لأكل عيش أبنائنا مع العلم أننا لسنا الوحيدين الذين تتعنت معهم الهيئة بل يوجد حوالي133 محلا في القاهرةالجديدة كما توجد حالات مماثلة في مدينة بدر ودمياط الجديدة والعبور وظروف المعيشة بصوت يملأه التحدي لكل من تسول له نفسه محاولة إخراجه من محل أكل عيشه يقول أيمن ابراهيم العدل 42 سنة اخصائي تغذية وصاحب محل ألبان كل بلاطة ولمبة وجزء من هذا المحل قمت بتركيبها بنفسي لتوفير أجرة الكهربائي والمبلط والتمكن من تشطيب المحل, فظروف المعيشة الصعبة دفعتني لترك سكني بالايجار في المقطم منذ12 سنة لأسكن في التجمع باسكان الشباب في سكن أرخص وأخيرا حصلت علي هذا المحل واستدنت لأتمكن من تشطيبه وفتحه كمصدر دخل لأسرتي. علي مدخل محل الألبان رأينا أسرة منتجة فالأب اخصائي تغذية خريج كلية الاقتصاد المنزلي, كذلك الزوجة التي تعمل معه أما الإبن الأكبر طالب في الثانوية العامة تعود منذ صغره مساعدة والديه وتعلم المهنة, حتي الطفل الصغير وعمره3 سنوات يجلس بجوارهم يعبث بعدة أكواب بلاستيك لتعبئة الألبان وكأنه يهم بمساعدة باقي أفراد أسرته علي المعيشة. فوت علينا بكره يستكمل أيمن قصة هذا المحل قائلا: في شهر أغسطس2008 حصلت علي المحل طبقا لكراسة الشروط ومحضر تسليم وعندما سألنا عن العقود أفادتنا هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز القاهرةالجديدة أنها لم تستكمل بتوقيعات بعض المسئولين ومرت أكثر من سنتين ولم نتسلم العقود أكثر من25 مرة يذهب أيمن إلي جهاز القاهرةالجديدة للسؤال عن العقود ولم يجد ردا, فالإيجار يتم دفعه شهريا مقابل ايصالات من الجهاز تؤكد التزامه بدفعها, فلم يجد سوي مكتب الوزير الحالي الدكتور محمد فتحي البرادعي ليطلب مقابلته لالتماس تحويل عقود ايجار المحلات إلي تمليك أو حق انتفاع لمدة أطول وإذا بالموظفين يؤكدون له أن المقابلة لن تتم إلا بطلب رسمي فقدم الطلب تحت رقم وارد ط. ف1376 في2011/4/11 ومازال في انتظار المقابلة. اللجوء لوزير الاسكان كان الملاذ الأخير لأصحاب المحلات بعد أن سئموا وعود مسئولي جهاز مدينة القاهرةالجديدة, فضلا عن اهمالهم استكمال اشتراطات الدفاع المدني بمبني السوق وأهمها وجود أكثر من سلم علي امتداد الأدوار العلوية للسوق والتي لم تستكمل سوي منذ شهرين فقط. الطرد إلي الشارع يبدو الخوف من الطرد إلي الشارع هو وأسرته ومأساة عدم تمكنه من سداد ديونه والانفاق علي علاج والده علي صوت عبد الحليم علي 48 سنة ترزي, فهو في الاصل مصمم أزياء متخصص في تفصيل البنطلون, أصيب بانزلاق غضروفي فركز كل تفكيره ومجهوده في البحث عن محل عمل قريب من سكنه حتي لا تتدهور حالته الصحية. يقول حصلت علي هذا المحل بالسوق وتداينت بمبلغ45 ألف جنيه لأتمكن من تشطيبه وفق الاشتراطات المطلوبة من جهاز المدينة وتجهيزه بالماكينات والأدوات اللازمة, فهو بالكاد يأتيني بما يكفي قوتي ورزق ابنائي ومصاريف علاج والدي, ولا يفيض مانستطيع به سداد ديوننا. كل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها أنسته حالته الصحية واحتياجه لإجراء عملية جراحية في الغضروف, وأصبح همه اليومي التفكير في ماذا بعد الطرد من المحل, ولو طلبوا منه الدخول في مزايدة علنية لبيع المحل من أين يأتي بالمال. هدم الحلم حلم كبير عاشته صابرين محمد صاحبة محل منظفات صناعية, وقصة كفاح مع زوجها لتتمكن من توفير مصروفات المواصلات من سكنها بإسكان الشباب بالتجمع الخامس إلي محل عملها بمصر الجديدة فحصلت علي هذا المحل وتداينت من أجل تجهيزه وملئه بالبضاعة لتفاجأ بمن يسعي لهدم حلمها غير عابيء بظروفها ومصير أولادها, تقول كنت أنا وزوجي نعمل في مكان واحد بمصر الجديدة راتبي كان300 جنيه وحتي نستطيع تحمل تكاليف الحياة كنا نطبق ورديتين بالعمل لنحصل علي دخل أكبر حتي حصلنا علي شقة بمشروع اسكان الشباب بعد3 سنوات من الادخار, لكن بعد السكن عن مكان عملي وقلة راتبي اضطررت لترك العمل وإلا سأنفق راتبي علي المواصلات, فور علمها بإعلان جهاز المدينة عن تأجير محلات بالسوق عمت الفرحة بيتها وبدأت تبني أحلامها بتملك محل وفرصة عمل جديدة قريبة من بيتها, اقترضت من الأقارب والأصدقاء بدءا من مبلغ100 جنيه وحتي ألف جنيه حتي دفعت مقدم حجز المحل لتبدأ استكمال اجراءات التراخيص اللازمة. تقول صابرين كنا نحلم بتملك المحل إلا أن مسئولي جهاز المدينة أكدوا لنا أن العقود ايجارية تجدد تلقائيا كل3 سنوات. وكان شرط الحصول علي محل بالسوق ألا يكون المستأجر عاملا وليس له مصدر دخل آخر وهو ما انطبق علي من استأجروا المحلات, فكيف لمسئولي الجهاز يهددوننا اليوم بالطرد أو الدخول علي محلاتنا في مزايدة أمام آخرين بعد أن دفعنا شقي عمرنا في تجهيزها وتشطيبها, كيف لهم يقطعون أرزاقنا اليوم؟!. كما تقول صابرين فإنها تجري وراء المسئولين في كل حدب وصوب لإنقاذ حلمها من الضياع, وتشريد أسرتها, وتهديدهم بقطع أرزاقهم والسجن ان لم تتمكن من سداد القرض الذي حصلوا عليه بضمان سكنهم. حرث في البحر الوصف الدقيق للحالة التي يعيشها علاء الدين ابراهيم, 38 سنة حاصل علي دبلوم وصاحب محل زجاج, انه كمن حرث في البحر, فقد حصل علي هذا المحل في منطقة نائية تعداد سكانها قليلون وبالتالي الدخل أقل, عاش علي أمل امتداد العمران إلي هذه المناطق ليزداد العمل ويعوض ما فاته من الرزق, وبعدها انتعشت الحياة وبدأ الزبائن في طلبه للعمل وتركيب الزجاج لأبواب ونوافذ شققهم, إذا بجهاز المدينة يهددهم بالطرد, ولسان حالة يقول وكأنك ياأبو زيد ماغزيت. يحكي علاء الدين قصته قائلا: جئت من أسيوط إلي القاهرة في سن صغيرة, وعملت بمهنة تركيب الزجاج, وتفتح أملي علي تملك محل خاص إلي أن اطلعت علي اعلان جهاز المدينة فدفعت المقدم وجئت إلي هنا طالبا باب رزق أوسع, نقلت سكني وأسرتي إلي هذا المكان, أدفع600 جنيه إيجار الشقة و400 جنيه إيجار المحل, وأسدد ما تبقي علي من ديون متسائلا: ألا تكفي كل هذه الظروف التي ألمت بي, وأعباء الحياة التي أواجهها دون كلل أو ملل, ألا يرفق بنا المسئولون؟! حق قانوني حملنا تلك الشكاوي إلي المستشار رأفت شكيب المحامي بالنقض فأكد أن تأخر إعطاء الموافقات والتراخيص اللازمة لتشغيل المحلات خاصة موافقة الدفاع المدني نظرا لوجود عيوب فنية بالمبني يقع علي عاتق الجهة المتعاقدة مع المنتفعين, وبالتالي هنا لم يتوافر حق الانتفاع لأصحاب المحلات وهو مايلزم جهاز المدينة بتعويضهم عن الفترة التي تأخرت فيها موافقة الدفاع المدني. ويشير شكيب إلي أن عدم إعطاء اصحاب المحلات عقود حق انتفاع والاكتفاء بمحضر تسليم وكراسة الشروط يعد اخلالا بالتعاقد وسوء نية من جانب الجهاز يؤكد نيته التربح من المستأجر أو المنتفع. كما أن رجوعه لطرح المحلات بالمزايدة العلنية يذكرنا بمساوئ هذا النظام في عهد الوزير السابق أحمد المغربي. ويضيف شكيب: من حق المنتفع أن تكون له الأولوية في التملك أو مد فترة حق الانتفاع, وليس معقولا أن يتم اخلاء المحلات وطرحها لأشخاص أخرين وقطع أرزاق الأسر التي تقتات من ورائها. احترام التعاقد المهندس أمين عبد المنعم رئيس جهاز مدينة القاهرةالجديدة له رأي آخر, وهو الطرف الثاني لهذه المشكلة, يقول إن المواطنين دخلوا في مزايدة علنية علي هذه المحلات وحصلوا علي التخصيص بنظام حق الانتفاع وهم يعلمون أن المدة المقررة لهم3 سنوات فقط, رغم اننا لدينا أنظمة أخري للتقاعد لم يختاروها منها حق الانتفاع لمدة10 سنوات وهناك نظام التملك. متسائلا لماذا يتذمرون الآن؟ ولماذا لا يفهم المستأجرون ثقافة التعاقد. فهناك حقوق وواجبات علي أي متعاقد. وأضاف عبد المنعم: إن اتجاه سياسة الدولة الآن إرضاء المواطنين وحل مشكلاتهم, ونحن بواجبنا في جهاز المدينة قدمنا طلبهم بتجديد التعاقد لوزارة الاسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية, ونأمل أن تتم الاستجابة لمطلبهم كما تمت الاستجابة لمطلب مستأجري محلات السويقة بالتجمع الثالث حيث تم تجديد التعاقد لهم لمدة عشر سنوات أخري حتي عام2014.