تعمد سعف الشعانين بالدم. طابور الشهداء ممتد. دقلديانوس لم يمت بعد. كالحرباء يتخذ في كل عصر اسما مختلفا. ضحاياه مسيحيون ومسلمون علي حد سواء. تحول أسبوع الآلام من مناسبة دينية في تقويم الكنيسة المصرية ينتهي بعيد القيامة الي أسبوع آلام للمصريين كافة. سالت الدماء في كنيستي مار جرجس في طنطا ومار مرقس في الاسكندرية. الدماء مصرية. هذا الأسبوع تأكد هذا المعني. اختلط دم المسيحي ودم المسلم في رسالة لم يفهمها ولن يفهمها دقلديانوس العصر. عسي أن يفهم المصريون أن مصيرهم واحد وأن عدوهم واحد والخطر يواجه الجميع وأن التخفي وراء أسماء لا يغير من جوهر دقلديانوس شيئا. الدم الذي سال في الكنيستين هو ذات الدم الذي سال عند مسجد الهرم وهو الدم الذي سال ويسيل كل يوم في سيناء. حرب دقلديانوس العصر( الدواعش) ليست ضد المسيحيين. دعونا لا نخطئ تحديد اتجاه البوصلة. حربه مع المصريين. أن نقع في التفرقة جريمة وفخ منصوب. خطأ أن يتصور أحد أن الدواعش يستهدفون المسيحيين فقط. الدواعش يخوضون حربهم ضد المسلمين في المقام الأول. كل المصريين إلا من هم منهم- كفار ومرتدون واجب قتالهم. الأزهر والكنيسة يستويان عندهما فهما في خانة الأعداء. اتخذت الكنيسة المصرية من العام284 الميلادي وهو العام الذي تولي فيه دقلديانوس عرش روما بداية لتقويمها الذي نقول عنه التقويم القبطي لأن اضطهاد المسيحيين المصريين بلغ ذروته في عهد هذا الامبراطور وأطلقت الكنيسة المصرية علي هذه الحقبة اسم عصر الشهداء. لم تعرف مصر قبل هذا العصر اضطهادا علي أساس ديني ولم تعرفه بعده. مصر تفردت طول تاريخها بأنها لم تكن يوما لدين واحد. يشرح الدكتور سليم حسن في موسوعة مصر القديمة كيف أنه كانت هناك مجاميع كاملة من الآلهة تتكون في أغلب الأحيان من تسعة آلهة. ولم يسع عباد إله معين أو مجموعة آلهة لفرض عبادتهم علي غيرهم بل تعايش الجميع كل يعبد إلهه أو مجموعة آلهته. المرة الوحيدة لجمع مصرعلي دين واحد كانت علي يدي اخناتون فشلت وانتهت بموته. ولم تنجح حتي محاولة جمع أتباع كل دين علي مذهب واحد. عاش في مصر يهود قراءون وربانيون. يعيش في مصر مسيحيون أرثوذوكس وكاثوليك وبروتستانت. مسلمو مصر أحناف وشوافع ومالكية وحنابلة. فرادة مصر وتميزها في تنوعها الديني. الدواعش لا يستهدفون المسيحيين في مصر دينيا. الدواعش يلعبون سياسة وآخر ما يعنيهم هو الدين. هم يعتبرون المسيحيين الحلقة الأضعف ويريدون أن يضربوا حيث يمكن للضربة أن توجع وأن يكون لها صدي بحيث يمكن في توهمهم أن تمزق النسيج المصري وأن تفتح الباب إما لفتنة طائفية وإما لتدخل أجنبي. بروز البعد الديني في الهجوم علي المسيحيين في مناسباتهم الدينية المقدسة يحقق لهم فيما يخططون بعض ما يسعون إليه. الحرب ضد الدواعش لن تكسب ببيانات شجب وإدانة من قبل المسلمين ولا بإحساس متعاظم بالظلم والغبن من جانب المسيحيين وإنما من إدراك أنها حرب تستهدف الجميع ولا تستثني أحدا. عدة كسب هذه الحرب هي ترسيخ مفهوم أن التعددية دينيا وسياسيا هي الأصل وغيرها هو الاسثناء والخطأ وهو مفهوم يجب أن يتشربه المصري منذ طفولته. عدة كسب الحرب هي ترسيخ مبدأ المواطنة فعلا لا قولا وألا يكون أحد فوق القانون. عدة كسب الحرب هي العدالة الاجتماعية وإتاحة الفرص المتساوية أمام الجميع. المطعون هو قلب مصر ولساننا جميعا يردد اسلمي يا مصر.