ان عودة موسكو الي المشهد العالمي ليس فقط باعتبارها مناوئة للغرب, بل باعتبارها تهدف الي التأثير في التطورات الداخلية للدول الغربية, خلقت تحديا ثقافيا وبعدا جيوبوليتكيا جديدا.ولا شك ان المزاعم القائلة بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ترجح هشاشة الغرب في مواجهة القوة الروسية. ومحاولة من النخبة التقليدية الأمريكية لزرع الألغام في طريق إفشال ترامب; حيث كان وصول ترامب الي سدة الرئاسة الأمريكية أشبه بالإقدام علي ساحة حرب مليئة بالألغام المزروعة من قبل العديد من أعدائه, ومن اخطر تلك المحاولات هي نزع الشرعية عنه من خلال ما يعرف ما يعرف بملف ترامب روسيا, التي أخذت منذ البداية أكثر من اتجاه: الاتهامات غير المدعومة بالأدلة الكافية حول تأثير القراصنة الإليكترونيين التابعين لحكومة موسكو علي انتخابات الرئاسة الأمريكية. واتبعها تقرير لجنة يرأسها الجمهوري جون ماكين بمجلس الشيوخ الامريكي مفادها ان ماكين تلقي تقريرا قدمه الي مكتب التحقيقات الفيدرالي مفاده ان ترامب يتم ابتزازه من موسكو, بسبب مغامراته النسائية اثناء زيارة قديمة لموسكو وتم النفي القاطع من ترامب ومن الكرملين. وقالت وكالات مخابرات أمريكية في يناير إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر باختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي ورئيس حملة المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون للتأثير علي نتيجة الانتخابات لصالح ترامب. ونفت روسيا ذلك. وبدأت ثلاث وكالات أمريكية هي المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الاتحادي وكذلك وزارة العدل تحقيقات في الأمر في ظل وجود الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في البيت الأبيض. وإضافة إلي الوكالات الثلاث تحقق لجان بالكونجرس أيضا في الأمر. ويخطط مكتب التحقيقات الفيدرالي لإنشاء قسم خاص في مقاره في واشنطن لتنسيق تحقيقاته في الممارسات الروسية, التي كان من شأنها التأثير علي انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام2016, ويهدف هذا الإجراء, إلي إطلاع جيمس كومي, مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل منتظم علي التحقيقات. وسوف يقيم المحققون احتمال توجيه اتهام للحكومة الروسية. بيد أن بعض المحققين متشائمون بشأن احتمال الحصول علي دليل إدانة لروسيا; نظرا لصعوبة الحصول علي هذا الدليل من روسيا. ربما تضخيم هذا الموضوع يعود ليس الي عوامل ترامبية فقط بل بسبب كره عديد من النخبة الأمريكية للرئيس بوتين; فقد حاولوا إسقاطه في ديسمبر عام2011 عبر تمويل وتشجيع مظاهرات عاصفة ضده تتهمه بتزوير الانتخابات ولعب السفير الامريكي دورا مشبوها في تلك الاحتجاجات ثم الدور الأمريكي في أوكرانيا والإطاحة بالرئيس الحليف لموسكو, مما جعل روسيا تفقد تلك الدولة الاستراتيجية المهمة لها والآن يقول الأمريكيون ان بوتين ينتقم منهم عبر تدخلاته في الانتخابات الأمريكية. في تقديري ان تلك المحاولات الأمريكية ستذهب أدراج الرياح, فالرئيس ترامب يعول عليه الشعب الامريكي ودوائر صنع القرار الأمريكي الآمال في طي صفحة أوباما التي أضعفت القوة العظمي الأمريكية, وهي التي جعلت من بوتين بطلا للاحداث السياسية سيما في الشرق الأوسط, وتعول علي ترامب لإعادة إطلاق استراتيجية جيوسياسية امريكية شاملة. وربما كان ضرب مطار الشعيرات السوري بصواريخ التوماهوك جوهرة السلاح الامريكي العابرة للقارات وتدمير تسع طائرات والمدارج والمحروقات بذريعة استخدام أسلحة كيماوية وهو اتهام تحيط به شبهات كثيرة, هو محاولة من إدارة ترامب لنفي ارتباطاتها ببوتين وإنها قادرة علي الفعل وهي بمثابة مبادرة صلح ترامبي مع الدولة العميقة. خبير في الشئون السياسية والإستراتيجية