شاء القدر أن يكون لي شأن مع عدد من وزراء التعليم ففي أواخر عهد مبارك كانت لي قصة مع د.يسري الجمل عندما أتيت بسؤال عن مضاد كلمة امباركب الواردة علي لسان عمرو بن العاص, فكاد الكائدون ومكروا بي ليحرموني من وضع الامتحان وينقلوني من المرحلة الثانوية إلي الإعدادية, وأيضا خصم10 أيام, ولما اهتمت جريدة الأهرام المسائي والأستاذ علاء ثابت بالموضوع وشاركني في حوار مع الإعلامية مني الشاذلي أصدر الوزير قرارا بإلغاء هذا الإجحاف ورد لي الاعتبار إلا أنه لم يمكث في الوزارة إلا يومين وتم عزله, ثم حدث أن نشرت مقالا بعنوان( أسئلة تلميذتي المحيرة) عن سوء الوضع والمنظومة التعليمية فإذا بمدير مكتب الوزير إبراهيم غنيم يراسلني لمقابلة الوزير ومناقشته في هذه المنظومة, وهذه أول مرة يتفاعل وزير مع مقال يقرأه ولكن تغيرت الوزارة ولم تتم المقابلة. وأخيرا كان لي مع الهلالي الشربيني صولات وجولات حول مهزلة الثانوية العامة وقراراته المتخبطة فنشرت لي الأهرام المسائي عددا من المقالات حول هذا الموضوع, ثم جاء د.طارق شوقي وإذا بي أجده ضيفا مع مني الشاذلي ولأول مرة أتابع حوارا لوزير التعليم بهذا الشغف والانبهار, فالرجل بسيط في حديثه وله شأن في عالم المعرفة وأعتقد أنها المرة الأولي التي يأتي لوزارة التربية والتعليم رجل لا نعتبره موظفا روتينيا بل صاحب فكر منظم ظهر في حواره الهادئ وأفكاره التي عرضها ببساطة ومنطقية, والجميل أنه مقتنع ببساطة الحلول المنطقية وأنها ستنفذ. هذا شيء حسن إلا أني لا أتوقع أن يتم ذلك بهذه السهولة ليس من باب التشاؤم لا سمح الله ولكن لمعرفتي أن في هذه الوزارة جمعية منتفعين تلتف حول أي قرار ضد مصالحها, يعني مثلا هو ذكر موضوع المليارات التي تنفق علي الكتاب المدرسي دون منفعة تذكر فهو يري أن تنفق هذه المليارات علي المعلم الذي يعتبر الركيزة الأساسية للتعليم. هل يظن معالي الوزير أن الذين يتكسبون من هذه المليارات سيرحبون بهذا القرار الذي يحرمهم من هذه السبوبة؟ لابد أنهم سيضعون العوائق والحواجز أمامه, ولعلها المرة الأولي التي نجد فيها وزيرا يعترف بدور المعلم في إتمام العملية التعليمية ويعد بتحسين أوضاعه السيئة جدا وقد ذكر لنا عددا من الدول كيف تجعل المعلم في الصدارة بدلا من جعله في ذيل القائمة, فهل سيوفق الوزير الهمام في رد شيء من حقوق المعلم؟؟ لا أعتقد..سيقابل بالرفض من جهات عديدة وتبريرات معتادة علي شاكلة لا توجد ميزانيات, وحتي لو تم توفيرها سيقابلون بالرفض لأن ذلك قد يؤلب فئات أخري تطالب بحقها, ثم تحدث عن نظام البوكلت وواضح أنه ليس علي اقتناع كامل به إلا أنه سيطبقه هذا العام, ثم تحدث عن رغبته في إنهاء منظومة الثانوية العامة وإلغاء امتحانها, ولا أعتقد سهولة تنفيذ هذه الطموحات. أنا لا أحبط آمال الوزير وطموحاته المشرقة ولكنني رجل أفني عمره في هذه المهنة وكم مر علينا من مقترحات ووعود لم ينفذ منها شيء, ولكن هذه المرة أشعر بنبرة الصدق والرغبة في التنفيذ في ثنايا كلماته, ولكن الواقع المرير يقول أن هذا شيء صعب تنفيذه, وكنت أتمني أن يكون صاحب قرار شجاع بإلغاء نظام البوكلت المعيب هذا أو علي الأقل تأجيله إلي أن يدرس دراسة علمية من أصحاب الشأن ونري السلبيات والإيجابيات ثم يتخذ القرار بتنفيذه أو إلغائه, علي كل حال لقد أثلجت كلمات الوزير جموع المعلمين وفي انتظار أن تكتمل فرحتهم بالتنفيذ وندعو الجميع..ان أعينوا الوزير في بداية نهضة تحتاجها بلادنا.