إذا كان حلمك أن تحصل علي وظيفة ما أو فرصة عمل في احدي الجهات أو المؤسسات الحكومية, أو إن كان حلمك أن تقدم لأحد أبنائك في إحدي كليات الشرطة أو الحربية, وإن كان حلمك أن تحصل علي تعليم جيد لأبنائك.. أو تعيش في مناخ صحي أنت وأسرتك, وإن كان حلمك أن تعالج مرضك أو مرض أحد أفراد عائلتك تحت رعاية طبية آدمية أو مستشفيات جيدة ونظيفة.. أو تحصل علي معيشة كريمة وعادلة.. فما عليك سوي أن ترسل كلمة حلم أوdream لبعض السادة الوزراء والمسئولون ولكن أولا عليك أن تتفق معهم في تعميم قاعدةشخلل عشان تعدي. قواعد الروتين المعتادة في كيفية التعامل مع المسئولين في الهيئات الرسمية معروفة بالنسبة للمواطن المصري, ربما غالبا ما يستشعرها في مواقف تؤزمه في حياته اليومية أو المواقف السالف ذكرها التي تتعلق بمستقبل أسرته, ومواقف أخري ارتبطت باستخراج الملفات أو الأوراق الشخصية وسلسلة استكمال- الإجراءات المتعلقة بمراحلها المختلفة, بداية من مرحلة التعقيد والكلكعة المتجسدة في سيناريوهات تصحيح الأسماء والأخطاء الكتابية أو وابل التمغات والمستخرجات المتكررة التي لا يعلم فائدتها إلا الله- مرورا بمرحلة فوت علينا بكرة يا سيد.. والتي تسبق مرحلة الاستنزاف أو الشاي بالياسمين التي تعد أساس وصول المواطن لمبتغاه. لم تكتف الحكومة المصرية بفرض سياسة التقشف أو التخبط في قرارات متوالية لا يتحمل نتيجة فشلها سوي المواطن وحده, الذي تراه بمثابة فأر التجارب.. فمن قرارات رفع الدعم إلي القيمة المضاعفة والضرائب إلي تعويم الجنيه أو غلاء الأسعار الجنوني في كافة المجالات بداية من المأكل والمشرب حتي الدواء, بل يسعي السادة الوزراء والمسئولين لتحميل المواطن أعباء إضافية يفيض لها الكيل وينفد عنها الصبر, فإن كان السادة وزراء أهم الملفات في تقدم ونهضة أي أمة كالتعليم والصحة يهاجمان مجانية الصحة والتعليم واحدا تلو الآخر وبدلا من الاهتمام بتعديل المنظومة الصحية والتعليمية بما يتناسب مع تقدم المواطن واحتياجاته ,أصبح كل منهما يعلق فشل وزارته علي قرار عبدالناصر في تطبيق المجانية, ووفقا للسادة الوزراء, من بحاجه للتعليم أو العلاج عليه أن يدفع بالمقابل! ويرجع للرئيس الراحل جمال عبدالناصر, الفضل في مجانية التعليم,وأنه حق طبيعي من حقوق الإنسان, يحصل عليه دون مقابل, حيث أيقن أن بناء دولة قوية حديثة تعتمد علي أبنائها في ملاحقة التقدم والتطور لا بد أن يرتكز علي تعليم قوي متطور يواكب التغيرات العلمية والبحثية التي حدثت في العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية,لذا بدأ عبد الناصر حكمه بوضع سياسة تعليمية أوكل تنفيذها إلي واحد من رجال الثورة هو كمال الدين حسين الضابط الشاب ذي الرؤية المتبصرة لواقع التعليم المتدني والذي عبر عن رؤيته بقوله:إن مصر دولة تعاني الجهل والتخلف, وهما معولا الاستعمار الذي يقوض به كل مظاهر التقدم;الأمر الذي ترتب عليه صدور قرارات المجانية للتعليم الثانوي1952 والعالي1962, ومنح الفرصة لتعليم البنات, بعد أن كان التعليم مقتصرا علي الذكور فقط. واقتصر التعليم قبل ثورة يوليو علي الأغنياء,لأن مصروفاته كانت مرتفعة, باستثناء بعض المؤسسات كالأزهر الشريف وكتاتيب التحفيظ, وكان تعليم الأبناء في ذلك الوقت مخاطرة من الآباء, حيث كان يضطر من يريد أن يعلم أبناءه إلي بيع أرضه الزراعية, أو الاستدانة, وكذلك الصحة والحق في العلاج. أما السادة الوزراء الآن تشغلهم المجانية أكثر من انشغالهم بمهام الوزارة, ولكن كل هذه الأقاويل أهواء والدستور وحده المرجع, في حال ماتت الإنسانية والضمير والمسئولية, وفرضت علينا سياسة الطبقية من جديد واللامبالاة, ولعل من يعارضون مجانية التعليم والصحة, نسوا ما تنص عليه المواد الدستورية التي تلزم الدولة بتوفير الخدمات التعليمية والرعاية الصحية الشاملة لجميع المصريين.