ثورة ثورة حتي النصر..شعار جميل نردده كثيرا ونحفظه عن ظهر قلب, معتقدين أننا جميعا علي حق وعلي صواب وننادي به عند التظاهر ضد الظلم والقهر والفساد وأعوانه.. فإذا قامت ثورة في أي مكان وأي زمان نجد أهم بنودها الأساسية هو القضاء علي النظام وأعوانه..نجد ذلك في الثورة المصرية والروسية والفرنسية والتركية والسورية وغيرها..والسؤال:هل النظام هو الممثل في شخص الرئيس أو الرئاسة فقط كما يعتقد البعض, أم أننا نحن جميعا جزء من هذا النظام؟..الحقيقة أننا أنا وأنت جزء من هذا النظام..العامل في مصنعه والمدرس في مدرسته, والقاضي في محكمته, والموظف في شركته, والطبيب, والمهندس, والفلاح.. وهكذا, وكلمة ثورة كلمة سهلة النطق ولا ننادي بها إلا بعد انتشار الظلم والفوضي والفساد الذي يضر بالصالح العام وبالقومية الوطنية ويقضي علي جهاز المناعة وعلي الانتماء, فيشعر كل واحد منا بأنه وحيد لا يسمعه أحد وإذا سمعه لا يعيره أي اهتمام, عندها نعتقد أن المخرج هو الثورة, والغريب أننا عندما ننفرد ببعضنا في جلسات خاصة سواء في العمل أو في النادي أو المقاهي أو في المواصلات أو بعد الصلاة أو أمام البيوت وعلي النواصي ونتحدث في أمور الحياة تجد الكل يتحدث في كل شيء ويبني حديثه علي السمع, وتجد الكل أصحاب نقاء وصفاء ويبدو الكل مظلوما ومقهورا والكل الناصح الأمين, فمن إذن المذنبون؟ أليسوا بعضا منا؟ وعندما تبدأ إرهاصات الثورة وتجد من ينفعل انفعالات يستسلب بها عاطفتك وجوارحك معه وتشعر وكأنه خلق للوقوف ضد الظلم والفساد وبأنه سيسترد الحقوق الضائعة ويعتقد الكل بأن أمثال هؤلاء أصحاب مبدأ وعقيدة وأمان سواء ممن نجلس معهم أو ممن نقرأ لهم علي صفحات الجرائد أو نشاهدهم علي شاشات التلفزة ونتوعد فيهم الأمل, سرعان ما يتبدل حالهم من حال إلي حال, فيركبون المركب التي تسير من أول مقابلة مع من كانوا يتوعدونه بوعيدهم متحولين إلي مادحين وشاكرين فهم الآن مع أهل المن وأهل النعم ليفوزوا بغنيمة خاصة وذاتية ناسين انفعالاتهم للإصلاح ومحاربة الفساد, وتتحول خططهم ليصبحوا فجأة من أهل الرضا السامي ومن الأشخاص المهمين, وهنا نتساءل من الظالم والمظلوم وما أكثر هؤلاء فبهم وبسببهم تسير الأمور عكس الاتجاه الصحيح فالمهم عند هؤلاء أن يتحقق لهم الجاه والثراء سريعا متناسين أن الدنيا مهما تطل فهي قصيرة, أما نحن فعلينا أن ننتبه فسرعان ما يتغير الحال أو المسئول وهنا يتبدل ويتغير هؤلاء كما تفعل الحرباء وهكذا, فهؤلاء هم هذا النظام وهم أهل ورؤوس الفساد في أي نظام من الأنظمة التي تحدثنا عنها. لقد توقفت أمام دعوة رؤساء الجامعات بأن تكون المحاضرة الأولي عن محاربة الفساد وأعوانه ولنعمل علي تحجيمه, مطلوب مني ومنك عدم الخروج في مظاهرات في الشارع بل كل منا يناقش إدارته ومؤسسته محاسبا نفسه ويكتب ويناقش دون خوف, فهو أعلم الناس بما يدور حوله ونطالب ونقدم بيانات صحيحة وخططا للإصلاح وحب المنشأة لتعود بالوطنية والانتماء بدلا من الاستماع لحناجر المتشددين التي تمتص الأكسجين من أجسادنا, وننادي المسئولين بالاستعانة بأهل الخبرة والعلم وليحمي كل مسئول نفسه من هؤلاء الذين يهدمون القيم والبلاد في العمل من أجل أجندات خاصة تقود إلي انهيار المجتمع بل تفقده القدرة علي الدفاع عن حقوقه المشروعة, هيا جميعا ننادي بالثورة من داخلنا ولنسخر كل الطاقات والمزايا والتجارب مع الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة لبلوغ الأهداف محاولين المشاركة والارتقاء بأسلوب التمرس والطموح لمستقبل واعد وغد مشرق متميز بالجدية والانضباط, فالطبيعة لا ترحم, ومن يهمل البيئة التي حوله لن يستطيع الهرب من النتائج.