غالبا ما تضيع منا تعاملاتنا العامة والشخصية بوصلة قضايانا وسط مسيرة الحياة استعجالا للنتيجة أو انشغالا عن التفاصيل أو اهتماما بواقع معاش يلح علينا كي ننسي ونتناسي أهدافنا وفي النهاية نجد أن غالبية أعمالنا إما مبتورة أو لا تخدم الهدف الذي بدأنا له العمل أو تصب في مصلحة الطرف المقابل وهو دوما حاضر الذهن للانقضاض علي كل منجز بل ولاصطياد هفواتنا. وضوح الهدف وبالتالي وضع آليات تحقيقه بصورة واضحة محددة قابلة للقياس جد مطلوب لتحقيقه. ولا يعني ذلك ألا نحدث آليات العمل بل إن وضع آليات بديلة ومتعددة ومدروسة أمر جد مطلوب. في الغرب والشرق علي حد سواء هناك العديد من مراكز استشراف المستقبل لوضع الخطط البديلة لمختلف المواقف وهو أمر جد مطلوب لتلافي الكوارث بل والعثرات للوصول بأي قطاع لهدفه المرصود! والعجيب أن هذا الفكر يكاد أن يغيب عن واقعنا رغم أن حضارتنا أضافت هذا الفكر للعالم وصاغته في أطر محددة فكان عندنا الأرأيتيون الذين كانوا يضعون الفروض التي كانت تبدو غريبة بل ومستحيلة أحيانا في تعاملاتهم مع مختلف القضايا حتي ليخيل إليك أنه لا يوجد موقف لم يتم التعامل معه وبالتالي تقلص حجم المفاجآت في تعاملاتهم. كان هذا هو نهجنا تركناه واكتسبه غيرنا وبتنا نتعامل مع مفاجآت في أغلب الأحوال! بمتابعة آلية القضاء علي تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات العامة تفتق ذهن تربويين عن نظام البوكليت ليؤسس لتطوير مرتقب للقضاء علي تلك الظاهرة خاصة في مادة اللغة العربية. وبمحاولة فهم ماهية النظام وجدت توضيحا له من أساتذة للغة العربية بكليات للتربية فتعجبت من اطلاق هذا اللفظ والذي هو ترجمة حرفية إنجليزية لكلمة كتيب, كونه يروج لإعطاء انطباع خادع للعامة عن اختراع جديد سيحقق ما لا خطر علي بال أحد, وتساءلت أهو أمر تسمي من عقدة نقص تجاه لغتنا العربية فاستقدمنا لفظا إنجليزيا للتدليس علي العامة لإيهامهم بإتياننا بما لم تجد به قرائح الأولين متناسين أن البطولة الحقيقية في الإقدام بشفافية وبمطابقة الفكر للواقع وبخطط للمستقبل لا بتضييع الهدف والإيهام بسراب, أم أنه كان ضمن مجموعة من البحوث استجلبت من علي الرفوف بلا إضافة حقيقية أثرت علي مسيرة التعليم؟ ورغم ما يردده الإعلام حول هذا الاختراع الجهبذ فلا يمكننا الطعن في أستاذية مخترعيه لأنهم حققوا المنهج العلمي في بحوثهم بلا شك, ولكن القضية أننا لم نحقق الهدف من التعليم ولم يتصد أغلب من تعج بهم الساحة لحل القضية بل التزموا الصمت أو شاركوا في صنع اللاقرار ليظل التعليم هو الرابح( عفوا الخاسر) الوحيد متناسين جودة التعليم! حين يستعمل مسئول اللغة العربية لفظا أجنبيا في غير موضعه فلنتساءل عن فكره وعن ناتج أعماله! ولعلي أكون مخطئا أن المشهد يوضح تناسي البعض اللغة والتعليم والمسئولية مكتفين بالتحدث عن السراب بلا هدف سوي الظهور تدليسا علي من يعرف ومن لا يعرف ترجمة كلمة بوكليت! ولنتذكر مشاركة كليات التربية والعديد من أساتذتها تدعيا لمنظومة التعليم العام بغير العربية حتي في المدارس الحكومية, ليرسلوا أبناءهم في النهاية لمدارس تعلم العلوم بغير العربية لأسباب عدة منها أنهم لم يأسسوا لمنظومة تحل مشاكل تعليم شعبنا. فهل نظام البوكليت نتيجة طبيعية لذلك؟ أم أنه خطوة في سبيل تعليم العربية بالإنجليزية؟ ويبقي تساؤل: ألنا هدف حتي نضع أعيننا عليه؟ لعلنا نتساءل عن الهدف ثم نتساءل هل لكل فرد منا ولمجموعنا هدف له أولويات واضحة قابلة للقياس نلتف حوله؟.