في حوار حديث مع أحد أعضاء مجلس الشوري حول دور المجلس حاليا نتيجة غياب مجلس النواب بدي لمحدثي أن أقصي سلطات مجلس الشوري هي سلطة التشريع التي خولها لها الدستور كاملة طبقا للمادة230 اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور حتي انعقاد مجلس النواب الجديد, ولكنني استكملت الفقرة السابقة بقراءة المادة201 من الدستور ذاته والتي تنص علي أن تقدم تقارير الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية إلي كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الشوري, خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدورها وهو ما يعني أن سلطة مجلس الشوري في الوضع الراهن كما في الحالات العادية تتضمن رقابة علي أداء الحكومة وإلا فلا معني لتقديم تلك التقارير إن لم يستتبعها فعل! وللأسف فإن النظرة التي تحاول أن تدرأ عن نفسها أي أعباء يمكن أن يقوم بها المجلس لمجابهة الوضع السياسي الحالي تشكل نظرة محدثي عضو مجلس الشوري درءا لأية شبهات حول التدخل في عمل الجهات الأخري رغم أن الوطن يستصرخ أي جهد مخلص ليس فقط لتجنيبه منحدر العنف ولكن بالأساس لانتشاله من حالة التوهان السياسي الحالية وضبط وضعه علي الطريق الصحيح! ولعلنا نتأكد من صدق تحليلي حين نجد مجلس الشوري ينأي بنفسه عن بسط منظومة العدل بإصلاح القوانين الذي يشع الظلم من جنبات جلها وكأن الأمر كله لا يعني المجلس النيابي المفترض فيه سن القوانين كما قال محدثي فأين تلك القوانين الجسام التي تعلي من قيمة العدل الضائع والتائه بين جنبات الظلم في المجتمع؟! في غمار الأحداث السياسية الحالية يجب أن نرصد صدق التوجه وإيجابياته لمن يتصدر المشهد السياسي حيث نجد العديد من الشخصيات العامة لا تنظر إلا تحت أقدامها في محاولة رخيصة لاسترضاء العامة وليس لتنميتهم متناسين أن الجماهير يمكنها أن تتحرك في أقصي الطرق وعورة في اتجاه التنمية إن وجدت الريادة والقدوة الحقة والصدق في القبول والفعل تحت راية العدل! خابرت هذا الموقف المؤسف في أكثر من مناسبة مع أحد أقطاب الحكم ومع بعض رموز المعارضة حيث ضاعت البوصلة منهم, رغم ما يلوكونه في الإعلام من كلمات براقة لكنها بلا فعل موجب تتطلبه اللحظة الراهنة. وعلي الجانب الآخر حينما تتعامل مع بعض الشخصيات التي للأسف لا تتصدر المشهد السياسي رغم وجودها في المنظومة الداعمة للحكم الحالي وتجد أن قضايا الهوية تشكل محددا أساسيا في توجهها العلمي بل والهندسي تأسف حين تجد أن اللافتة الأساسية للمؤتمر الوطني للحفاظ علي حقوق مصر في مياه نهر النيل والتي أتت بحجم كبير خلف الرئيس بها خطأ لغوي ثم تأسف لضياع بعض الفرص التي يقدمها العامة من خلال هتافاتهم لوضع لبنة في مسيرة انضباط المجتمع لغويا كما نص عليه الدستور. تذكرت وأنا أستمع إلي هتاف الحضور في المؤتمر: ثوار ثوار هنكمل المشوار حين ردد الرئيس نفس العبارة بعاميتها كما هي رغم أنه كان بمقدوره أن يصححها لتصبح: ثوار ثوار سنكمل المشوار, وهو ما شكل في نظري فرصة ضائعة لتطبيق الدستور! تذكرت في لحظتها كيف كان الرئيس الفرنسي شارل ديجول يعمد علي إدخال كلمة أو كلمتين فرنسيتين من الكلمات الفرنسية المغمورة في كل خطاب ليزيد ثراء اللغة الفرنسية, كما تذكرت كيف تحصي شعوب العالم المتقدم أخطاء رؤسائها اللغوية علي قلتها وهو ما يجبر هؤلاء الرؤساء علي الانضباط لغويا وهو أمر قد يكون مستغربا عندنا رغم وجود ارتباط نفسي بين انضباط اللغة وحالتي الفرد والمجتمع. يدرس علم الاجتماع اللغوي العلاقة بين اللغة والمجتمع بهدف ضبط إيقاع المجتمع ليقعد علاقة واضحة بين انضباط ونقاء لغة المجتمع وتقدمه, كما يدرس علم النفس السواء والاتزان النفسي في حالة استخدام الألفاظ الأجنبية والعامية في الحديث ليثبت أن من يتشدقون بألفاظ أجنبية في حديثهم يعانون من مشكلات نفسية كما أن استخدام العاميات في الحديث العام تدل علي عدم تمكن من الموقف الفكري للمتحدث وعلي تشويشه النفسي. إن الريادة تتطلب أن ينضبط أداء من يتصدر الحياة العامة وهو ما جاء علي سبيل المثال في إحدي توصيات ندوة تعريب التعليم الهندسي: ضرورة علمية, التي أقامتها نقابة المهندسين المصرية بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة الأزهر والجمعية المصرية لتعريب العلوم في شهر مارس2013 م حيث نصت التوصية علي: يطالب المجتمعون القيادات السياسية بدءا من رئيس الجمهورية باستخدام اللغة العربية الصحيحة في الخطاب الرسمي داخل وخارج البلاد ودون استخدام ألفاظ أو مصطلحات أجنبية أو عامية. لم يكن أمر اللغة عابرا في مخيلتي حين وجدت السيارات الجديدة للشرطة عليها كلمة الشرطة بالإنجليزية فقط مع إسقاط الكلمة العربية وهو أمر مخالف للقانون وللحالة الوطنية, وحين تساءلت عن هذا الوضع كانت الاجابة أن تلك السيارات مستوردة ولكنني صدمت حين رأيت ذات الكلمة الأجنبية دون العربية بحروف كبيرة علي العربات القديمة لحمل جنود الشرطة! ذكرني ذلك بوثيقة تطبع بالمئات إن لم تكن بالآلاف يوميا من إحدي الجهات السيادية عبارة عن صفحة واحدة بها إثنان وثلاثون خطأ لغويا! وحتي لا أنسي وضعنا البئيس تمثل لافتة إحدي المدارس الحكومية القريبة من منزلي في احدي ضواحي القاهرة تذكرة يومية بالموقف حيث جاء اسم المدرسة علي بابها خطأ لغويا! وحتي لا نتجني علي أحد نتذكر أن الحالة اللغوية في مصر طيلة عقود طويلة كانت تتدهور ضاربة بأحد مقومات المجتمع عرض الحائط سواء في القانون وتطبيقه أم في الخطابات العامة أم في حديث الرؤساء بدرجات متفاوتة وكأن اللغة ليست محددا من محددات المجتمع الأساسية إلا علي بعض الأوراق والتي للأسف غدا بعضها الرسمي يضرب باللغة عرض الحائط! رابط دائم :