التوحد اضطراب نمائي تظهر أعراضه خلال السنوات الثلاث الأولي من العمر ويؤدي إلي خلل في التفاعل والتواصل الاجتماعي مع الآخرين ويصحبه مشاكل سلوكية نتيجة خلل في الوصلات العصبية في الدماغ غير معلومة السبب. وسمات التوحد أو أعراضه عديدة منها الرغبة في الانعزال وعدم الإحساس بالخطر أو الألم, وعدم القدرة علي التعبير مع صعوبة في الكلام وخلل في اللغة, كما يميل طفل التوحد إلي إيذاء ذاته( مثل ضرب نفسه بشكل متكرر) وله طرق في اللعب والضحك غريبة ويفتقد القدرة علي مجاراة الأطفال في لعبهم, ولا يحب العناق ويكرر الأصوات أو بعض الجمل بشكل مستمر ونمطي دون ملل أو تعب, والميل إلي لف وتدويرالأشياء. وقد يكون طفل التوحد لديه نشاط زائد بلا هدف أو خمول شديد وصمت, كما يعاني من افتقار في استخدام لغة الجسد مع تأخر نمو الحواس وعدم الاستجابة للتعليمات أو الأوامر. وهناك فرق بين التوحد وسمات التوحد, فإصابة الطفل بالتوحد تعني معاناته من كافة الأعراض أو أغلبها, أما لو كان لديه سمات التوحد فهذا يعني وجود جزء من أعراض التوحد. ويعتبر خلل التواصل والتفاعل مع الآخرين بشكل جيد وطبيعي من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها التشخيص, فعلي سبيل المثال لا يستطيع طفل التوحد التواصل بصريا مع الآخرين وبالتالي يفتقد القدرة علي قراءة أفكار وإحساس الآخر وبالتالي افتقار القدرة علي فهم الإشارات والإيماءات ونبرات الصوت والنتيجة عدم القدرة علي تكوين صداقات لأن التواصل الجيد ينعدم فيه الإحساس بالآخر ومتطلباته ولذلك تعتمد برامج العلاج النفسي علي تدريبات للتواصل البصري. وأكثر من ثلث المصابين بالتوحد لديهم فقر في تطور الكلام ويميلون لاستخدام لغة الإشارة في علاقاتهم, كما يرددون بعض الكلمات أو العبارات التي لا تخدم الموقف أو الحوار فاللغة لديهم لا تتطور بشكل مناسب. كما يمتاز سلوكهم بالروتين والتكرار( مثل الإصرار علي ملابس أو ألعاب محددة) ويظهر عليهم ملامح القلق والانزعاج عند محاولة تعديل البيئة من حولهم أو تعديل نمط حياتهم اليومية. أيضا من السمات البارزة في السلوك النمطية مثل الدوران حول الجسم ولف الأشياء بشكل دائري, ولمس الأشياء ورفرفة اليدين. كما يميل طفل التوحد لامتلاك أشياء غريبة والاحتفاظ بها كتجميع المفاتيح أو التركيز في مقاطع موسيقية أو رياضية. كما يظهر الأطفال التوحيديون اضطرابات في الانتباه والنشاط الزائد والملل السريع ونتيجة للسلوك النمطي والروتيني يفتقدون الدافعية والرغبة في تعلم ماهو جديد. كمايظهرون تدنيا في مستويات المعرفة ونسبة الذكاء. أما المزاج فهو غاضب مع بكاء وغالبا يكون السبب هو محاولة تغيير روتين حياتهم, وسرعان ما تظهر لديهم مشاعر السعادة إذا لبيت طلباتهم فورا. ورغم أن طفل التوحد قادر علي تذكر الأحداث إلا أن أغلبهم يعاني من مشكلات في الذاكرة. ونتيجة لما سبق فإن التشخيص الدقيق ليس بالأمر السهل بسبب عدم تجانس الأعراض لدي جميع الحالات, كما يصاحب اضطراب التوحد بعض الإعاقات الأخري, غير أن هناك تشابها في أعراض التوحد مع بعض الاضطرابات النمائية مثل الفصام واضطراب سبرجر. ولأن التوحد يصيب السلوك ومهارات التواصل الجيد فإن التشخيص لابد أن يعتمد علي الملاحظة السلوكية المباشرة مع الاعتماد علي توافر أكثر من عرض.