تم الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة لهيكلة قطاع الأمن الوطني بديل مباحث أمن الدولة حيث تم تشكيل لجنة قانونية وعلمية لإعداد مشروع قانون لوضع جميع الضوابط لعمل الجهاز الجديد تمهيدا لعرضه علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بما يضمن عودة جهاز أمن الدولة في ثوبه الجديد واسمه الجديد ولكن مع حصر مهامه في الحفاظ علي الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب بالإضافة إلي وضع مدونتي الأخلاق والسلوك للعاملين بالقطاع من خلال تحديد معايير ثابتة لاختيار ضباط جدد للعمل. ولكن رغم المحاولات التي يبذلها العاملون بالقطاع لمد جسور الثقة مع المواطنين مرة آخري حيث تعهدوا بالالتزام والتعلم من دروس الماضي وعدم تكرار الأخطاء التي شابت عمل الأجهزة السابقة فإن التساؤلات والشكوك مازالت تفرض نفسها علي الساحة وذلك لما هو معروف عن تاريخ جهاز مباحث أمن الدولة. وقد تباينت آراء خبراء القانون حول أهمية وجود قطاع الأمن الوطني وخطة عمله وما أعلن في مدونة السلوك والأخلاق مؤكدين أهمية الالتزام بكل ما جاء فيها حتي تتحول من مجرد شعارات إلي حقيقة يشملها نطاق التنفيذ حرصا علي فتح صفحة جديدة بين الجهاز والمواطنين. في البداية يؤكد اللواء عبد المنعم كاطو ضرورة وجود قطاع الأمن الوطني جهاز أمن الدولة سابقا وذلك لضبط الأمن الداخلي بمراقبة شديدة لان الفراغ الأمني وعمليات البلطجة التي تحدث في البلاد الآن سببها عدم فاعلية هذا النظام ولكن عليه عند العودة أن يقوم بمهامه بشفافية والالتزام بجميع القواعد الموضوعة في مدونتي السلوك والأخلاق حيث انها نوع من الضمانات لأسلوب عمل الجهاز الجديد مستقبلا لذا لا مفر من عودة الجهاز خاصة لانه يستطيع مراقبة ومتابعة جميع التيارات خوفا من سيطرة تيار ما علي الحياة السياسية علي أن تقتصر مهمته فقط علي المراقبة والتجريم حيث انتهي عصر الاعتقال دون سبب. أما عن استمرار وجود بعض العناصر في القطاع الجديد والتي كانت تعمل سابقا في جهاز امن الدولة يقول كاطو انهم لا يشكلون مصدرا للقلق أبدا حيث تم اختيار القطاع المتميز والذي يبتعد تماما عن صفات واعمال بعض الموجودين بالجهاز السابق الخارجين عن القانون. ويعلق كاطو علي أحد بنود مدونة السلوك حيث يحظر علي العاملين بالقطاع القيام بأي عمل من شأنه التأثير علي المناخ الديمقراطي او الانحياز السياسي لأي جهة أو طرف حيث يري أن هذا البند يقطع الطريق علي الرشاوي او الميل تجاه احد التيارات لانه يحظر مطلقا انحياز العاملين فيه لأي حزب او حركة سياسية لضمان الشفافية في عمله. ويحدد د. شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة سبل الحفاظ علي هيكل القطاع الجديد من خلال الالتزام والانضباط وذلك من خلال الالتزام بالمبادئ والسلوك ومراقبة ومتابعة جميع العاملين بالقطاع سواء من العاملين الجدد او السابقين لان الطبيعة البشرية في حاجة دائمة للمتابعة والرقابة والملاحظة الي جانب التأكد من وجود نوع من الالتزام الداخلي لديهم حفاظا علي القطاع الجديد من الفساد الذي لاحق جهاز مباحث أمن الدولة بالتالي ووضع مدونة للسلوك وأخري للأخلاق لا يعني الالتزام بهما لذلك لابد من وجود نظام يدفع علي الالتزام بهذه الضوابط عن قناعة ووضع آلية تضمن المساءلة والحساب في حال الخطأ او البعد عن الرسالة والهدف الرئيسي لوجود القطاع. ويري أن اتخاذ كل الاجراءات الاحتياطية والوقائية لضمان عدم تعريض الآخرين لأي أخطاء أثناء او بسبب العمل والبعد عن التعالي في التعامل مع الآخرين.. كلها بنود تكفل للمواطن حسن المعاملة مع العاملين بالقطاع وبث الطمأنينة في نفوسهم ويمحو آثار المعاملة السيئة غير الآدمية التي عرف بها العاملون بالجهاز السابق وتسلطهم أحيانا بدون سند قانوني. ويقول السيد إن العاملين بقطاع الامن الوطني في أمس الحاجة للالتزام بالمدونة السلوكية الآن أكثر من أي وقت مضي لفتح صفحة جديدة مع المواطنين وتعزيز الثقة فيما بينهم وان تكون موضع تنفيذ ولا تتحول لمجرد شعارات. ويشدد اللواء محمد عبدالمنعم علي ضرورة تفعيل الدور الرقابي لمجلس الشعب وتفعيل السلطة القضائية لضمان التزام قطاع الأمن بما تم الإعلان عنه في مدونتي السلوك والأخلاق حتي لا تتكرر خطايا الجهاز السابق حتي مع استمرار وجود بعض الضباط الذين سبق وجودهم بالجهاز السابق فلابد من أن يتم الحكم عليهم من خلال مواقعهم السابقة داخل الجهاز وإذا ثبت تورط أحدهم يتم استبعاده فورا. ويقترح وجود عضو أو اثنين من منظمات حقوق الإنسان داخل الجهاز لضمان الالتزام بمعايير حقوق الإنسان أثناء التعامل مع المشتبه بهم لان هذه المرحلة هي التي كانت تشهد جميع المخالفات. ويرفض الفقيه الدستوري د. إبراهيم درويش وضع هذه المدونات سواء للسلوك أو الاخلاق بل ويستنكر وجود الجهاز نفسه لانه وريث مباحث امن الدولة ولكن تحت مسمي آخر كما انه مثل المرض السرطاني لا يمكن السيطرة عليه أو اعادة تأهيله لذلك يمكن لجهاز المخابرات العامة القيام بمهامه.