قال تعالي( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور, ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) لقد بين الله فضل من يذكر الله بتلاوة كتابه العزيز في هذه الآية, بل جعل تلاوة القرآن هي أفضل الذكر لاحتوائه علي أدوية القلب كما قال سبحانه( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقد قال الحسن البصري( تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء, في الصلاة وفي الذكر وفي قراءة القرآن, فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق) إذ لو لم تستشعر حلاوة القرآن وأنت تقرأه فأنت في صدرك مرض لأن الله سبحانه قال( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) والقرآن له خاصية عجيبة فهو يجعل بعض الناس في منزلة عالية وآخرون في الأسفل كما قال النبي صلي الله عليه وسلم( إن الله يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين) وهذا معناه أن هناك من يقرأ القرآن ولا يتجاوز حنجرته, وهناك من يقرؤه بكل جوارحه, وهؤلاء من قال عنهم الرحمن( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) لأنهم تمسكوا بما في كتاب الله من اتباع أوامره واجتناب نواهيه, عملوا بأحكامه وشرائعه فمس جوارحهم, لقد كان خلق الرسول صلي الله عليه وسلم القرآن, وهذا فيه إشارة لنا بأننا إذا أردنا أن ننطلق بأخلاق النبي فعلينا أن نتخلق بالقرآن, وقد أوصانا الحبيب المصطفي بقراءة القرآن فقال( اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه) ولهذا من أراد التقرب إلي الله فليتقرب إليه سبحانه بكلامه ولقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم) ومن كان يحب أن يعلم أنه يحب الله, فليعرض نفسه علي القرآن فإن أحب القرآن فهو يحب الله وقد علمنا المصطفي صلي الله عليه وسلم فقال( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء) وإليكم الجائزة الكبري! إن أهل القرآن من هم؟ عن أنس عن الرسول صلي الله عليه وسلم قال( إن لله أهلين من الناس, قالوا من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته). يا عبد الله إذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن بعمق, بخشوع, بحزن حتي تقترب من الله فتعرفه, فتعبده حق عبادته, لقد علمنا سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم فقال( إن هذا القرآن ينزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا, لأن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشي الله, عباد الله لا تجعلوا بيوتكم كالمقابر بعدم قراءة القرآن فيها, فالبيت الذي يقرأ فيه القرآن تحفه الملائكة, والبيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة تفر منه الشياطين, يقول النبي صلي الله عليه وسلم( ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل فيه فيقومون حتي يقال لهم قوموا قد غفر الله لكم وبدلت سيئاتكم حسنات) وإذا بدلت سيئاتنا حسنات مع التوبة النصوحة أليس هذا بعلاج فعال للذنوب, أليس هذا من طرق الوصول إلي الله, من يقرأ بتدبر فهو جليس الله, في معية الله ولن يستطيع الشيطان الاقتراب من عبد يذكر الله, وفي حضرة الله سبحانه. إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا بعده أبدا, وإذا قطعتم حبل الوصول بأيديكم فمن سيكون لكم بعد الله غير الشياطين- فطريق الخير وطريق الفلاح وطريق النجاح والوصول في يدك أيها العبد, فلا تكن في غفلة عن ذكر الله ولا كلام الله, فقد قال سبحانه( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون). بوزارة الأوقاف