أنا رجل في الأربعينيات مررت في بدايات حياتي بزيجة فاشلة انتهت بالطلاق بعد أقل من عامين لعدم قدرتي علي التوافق مع عصبية زوجتي وعنادها الشديد في أبسط الأمور, وللأسف الشديد أثمرت تلك الزيجة عن طفلة صغيرة أخذتها أمها لتربيتها وأنا حريص علي دفع نفقاتها حتي بعد أن حرمتني من رؤيتها. بعد مرور سنوات قليلة تعرفت علي زوجتي الحالية في مجال عملي ونمت بيننا مشاعر حب قوية استطاعت بها التصدي لرفض أهلها لي بسبب زيجتي الأولي لأن ابنتهم لم يسبق لها الزواج, وانتصر الحب وتزوجنا وأنجبنا طفلين وسارت حياتنا هادئة لا يعكر صفوها سوي غيرة زوجتي الزائدة عن الحد والتي بدأت في التعبير عنها في بدايات زواجنا حيث كانت كثيرة السؤال عن علاقتي بطليقتي كيف كانت رغم أنها تعلم أنني لم أعد أراها أساسا! في البداية لم تضايقني غيرتها كثيرا بل كنت ألتمس لها العذر, لكن بمرور السنوات ازدادت غيرة زوجتي لدرجة أنها كانت تفاجئني في مكان عملي الذي تركته هي لرعاية الأطفال, وذلك لتتحقق بنفسها من علاقاتي بزميلاتي القدامي ولتستكشف الزميلات الجديدات, ثم تبدأ في أسئلة يومية حول من التي تحدثت معها وعما كان الحديث وغير ذلك من تفاصيل, وكنت في البداية استسلم لرغبتها في معرفة كل الدقائق حرصا علي مشاعرها واحتراما لغيرتها, لكن شيئا فشيئا أصبحت أضيق بهذه التفاصيل الفارغة وأشعر بالاختناق كلما عدت للمنزل وتفتح زوجتي التحقيق اليومي الذي ينتهي غالبا بخناقة مما اضطرني لعدم الاستجابة لها أو لإخفاء ما قد يثير غيرتها تجنبا للمشاكل, فتتهمني بالكذب حتي ساءت الأمور لدرجة أن زوجتي تفتش ملابسي وتحاول تفتيش هاتفي المحمول وأصبحت حياتي معها سلسلة من التحقيقات, ولم يشفع لي أنها لم تجد حتي الآن دليلا واحدا علي خيانتي لها.. فهل زوجتي مريضة ؟ وهل هناك أمل في شفائها؟ وكيف أتعامل مع شكوكها المتخيلة؟ إنني أعلم أن زوجتي تحبني بجنون لكنني أقف الآن علي حافة الطلاق.. فهل يكون هو الحل الوحيد؟ عزيزي المتزوج للمرة الثانية من كلماتك وأسئلتك الأخيرة يتراءي لي أنك تبينت أن ثمة مشكلة تعاني منها زوجتك وتؤثر علي حياتكما وعلاقتكما بالسلب, وقد حصرت أسبابها في طباع زوجتك وإحساسها الدائم بعدم الأمان وتصرفاتها غير المقبولة وشكوكها غير المبررة في شكل غيرة وتحقيق مفتوح ونكد دائم, مما أوصل بك الأمور لإخفاء تفاصيل عادية في حواركما اليومي تجنبا للمشاكل, تسألني هل زوجتك مريضة؟ هذا احتمال وارد بشدة, فما تصفه أنت من تصرفات يشي بأنها تكاد تكون علي يقين من خيانتك أو بشكل أدق من فكرة أنك تخونها وكأنه وهم يتملك منها ولا تستطيع التخلص منه علي الرغم من كل التأكيدات التي تنفي ذلك في الواقع! وهي لم تكتف بمواجهاتها معك بل غدت تتصرف بشكل يمكن أن يدمر العلاقة بدليل أنك بدأت تطرح احتمالية الطلاق علما بأنني لا أشجعك علي هذا التوجه بأي حال من الأحوال علي الأقل في هذا التوقيت وذلك لمصلحتكما معا, وبدلا من ذلك هل فكرت أن تعرض زوجتك علي طبيب نفسي؟ هل تقبل هي هذه الفكرة؟ أظن أن في حالتكما يكون هذا هو مربط الفرس, فإذا كانت حالتها النفسية مضطربة لدرجة فقدان البصيرة بأن هناك تهديدا حقيقيا لحياتها معك وعدم وعيها بتبعات تصرفاتها تحت تأثير واستحواذ فكرة خيانتك لها المستمرة, فوارد جدا أن تجد مقاومة منها بل ومن أهلها لعرضها علي طبيب متخصص, خاصة أن فكرة الخيانة فكرة مقبولة مجتمعيا ويمكن إغفال هذا العرض الذي يمكن أن يكون بداية اضطراب نفسي علي مستويات أخري في القدرات النفسية والمعرفية إذا لم يتم علاجه مبكرا, فأحيانا تظهر أعراض المرض النفسي حين تختلف نوعية الحياة( توقف زوجتك عن العمل), أو حين تزداد نوعية الضغوط( أثناء الحمل وما بعد الولادة), أو حين ركود الأنشطة الذهنية وقلة الحركة. أما عن الجزء الذي يخصك في هذه العلاقة الزوجية التي أصبحت مضطربة, فقد مررت بزيجة عصيبة لم تتحملها في بادئ حياتك انتهت بخلاف مع طليقتك أسفر عن حرمانك من ابنتك الكبري رغم التزامك بتوفير حقوقها المادية, فهل ترغب أن تعيد الكرة مع أطفالك الآخرين؟ وهل لك دور في ما تعانيه من اختياراتك لشريكات حياتك؟ هل لك دور في إثارة عصبية زوجتك الأولي التي أصبحت طليقتك؟ هل لك من الطباع ما يمكن أن يضغط علي شريكة حياتك لدرجة المرض دون أن تدري؟عليك باستكشاف الإجابات الحقيقية من أجلك وأجلها ومن أجل أطفالكما حتي لا يتكرر سيناريو الطلاق إلي ما لا نهاية, ثم أنصحك أن تبدأ باستشارة الطبيب النفسي لنفسك أولا, ثم إشراكها بعد ذلك في الكشف والعلاج النفسي بمساعدته.-