لا يعاني التحكيم الكروي المصري من الأزمات المالية فحسب.. بل تعتصره المشكلات الادارية ويخنقه إهمال المسئولين بالجبلاية.. وتشل حركته قيادات لا تقوي علي إدارة شئونه ولا المطالبة بحقوقه أو الدفاع عن وجوده. ومع كل قرار يصدره مجلس إدارة اتحاد الكرة باستبعاد رئيس للجنة الحكام الرئيسية والقدوم بآخر لا تشعر بأي تغيير.. بل ربما يكون الخلف أقل من السلف.. وقد يكون القادم أسوأ في ظل وجود قيادات لا هم لها إلا المصالح الخاصة وإرضاء الكبار أسوة بما كان يجري في عصر النظام السابق. وكل الأحداث والتصرفات والقرارات تؤكد أن مكاسب ثورة25 يناير لم تصل إلي عالم التحكيم في ظل وجود عصام صيام رئيسا للجنة الحكام الرئيسية. وبالرغم من حصول الرجل علي منصبه بعد نجاح الثورة الشعبية في إسقاط نظام فاسد فإنه لم يستوعب المطالب الشرعية لثورة الشعب ضد كل ما هو باطل وغير عادل.. ويوما بعد يوم يثبت أنه غير مؤهل لكي يكون كبير قضاة الملاعب واختيار رجل غير مناسب لطموحات شعب بداية عهد عصام صيام في رئاسة لجنة الحكام لم تشبع رغبات ثوار25 يناير بعد أن تجاهل أهم مطالب الثورة وهي: محاربة الفساد.. والواقعة التي لدينا هنا بطلها عصام عبدالفتاح الحكم الدولي السابق, وأخر حكم مصري شارك في إدارة مباريات كأس العالم والذي كان مفترضا وجوده عضوا في لجنة الحكام بتشكيلها الجديد تحت رئاسة صيام وتم ابلاغه بالقرار من قبل رئيس اللجنة نفسه.. وقتها حدد عصام عبدالفتاح في تصريحات شهيرة له بعد خروجه من اللجنة شروطه للعمل وهي: محاربة الفساد في التحكيم المصري وفرض العدالة في المستقبل وخلال إدارة أهم لجان الجبلاية.. وكان الرد من قبل عصام صيام علي حكمه الدولي السابق: وافقنا علي قبول اعتذارك عن العمل في اللجنة.. ومرت الواقعة مرور الكرام رغم خطورتها.. فالحكم السابق لم يعترض علي العمل في اللجنة ورحب بكل العقبات التي وضعت أمامه بعد أن كان تعيينه مطلبا جماهيريا وإعلاميا وإبرزها عدم عمله كمحلل تحكيمي في القنوات الفضائية رغم الدخل الشهري الكبير الذي يناله, بالإضافة إلي تحديد ألف جنيه راتبا شهريا له من عضوية اللجنة وهو رقم زهيد وغير لائق.. ورحب عبدالفتاح بالشرطين وأبلغ عصام صيام شرطه الوحيد وهو محاربة ومكافحة الفساد ليتلقي صدمة قبول اعتذاره الوهمي في عضوية لجنة الحكام. وكانت تلك هي بداية السقوط السريع للجنة عصام صيام في إدارة التحكيم المصري.وفي أقل من شهرين علي تسلمه مهام منصبه شاهد الجميع عددا كبيرا من الخطايا.. فلم يشاهد مواطن مصري عصام صيام يتقدم باستقالته من منصبه بعد سقوط حكمه حمدي شعبان في اختبارات كوبر بالاتحاد الإفريقي كاف واستبعاده من إدارة مباريات كأس الأمم الإفريقية تحت20 عاما المقامة حاليا في جنوب إفريقيا.. رغم فداحة القرار في ظل تهديد مستقبل ظهور التحكيم المصري في البطولات القارية والدولية.. لم ينظر أحد إلي صيام الذي تجاهل دوره في ضرورة تجهيز وإعداد حمدي شعبان بدنيا لتجاوز الاختبار الدولي في الكاف.. وكل ما استطاع الرجل فعله هو إعلانه التعاقد مع اخصائي أحمال بدنية يتولي تدريب حكامه في المستقبل وهو قرار متأخر للغاية وجاء عبر الإعلام وليس من خلال خارطة طريق لاصلاح التحكيم المصري.. ولم يكن رسوب حمدي شعبان هو خطيئة عصام صيام الوحيدة في رئاسة لجنة الحكام.. وفي عهده أصبحت اللجنة ذات أيد مرتعشة وأضعف من الصوت العالي للحكام أنفسهم خشية من الإقالة الاجبارية تحت مظلة التظاهرات والاعتصامات.. فالمعروف أن اللجنة أعلنت عن معاقبة فهيم عمر حكم اللقاء الأهلي وإتحاد الشرطة في الاسبوع السادس عشر بعد ظهوره إعلاميا.. ولكنه ظل قرار علي ورق خوفا من الحكم ذاته الذي اتهم اللجنة بعدم الدفاع عن الحكام ضد إنتقادات الأندية ومدربيها.. وفي عهد عصام صيام لم تكن سرا أسماء حكام مباريات الدوري وتتسرب القائمة المختارة بعد نهاية الاجتماع مباشرة. ومن الآثار المترتبة علي ذلك الأقاويل غير اللائقة التي تناولت في الأوساط الكروية بعد مباراة الزمالك وحرس الحدود.. فالمعروف أن ياسر عبدالرءوف من الحكام المعترض عليهم من جانب الزمالك في مواسم ماضية ويوجد تحفظ حول إسناد مباريات له.. والمثير أن الكثيرين استخدموا هذا الاعتراض للإساءة إلي لجنة الحكام واتهامها بمحاولة إسقاط الزمالك بعدما شهدت مباراة الفريق الأبيض عدم إحتساب عبدالرءوف ركلة جزاء لصالح عمرو الصفتي وقيامه بطرد الأخير.. والمؤسف أن رئيس اللجنة لم يظهر ليدافع عن حكمه بصرف النظر عن الخطأ من عدمه. وتتواصل رحلة السقوط المدوي للتحكيم المصري في عهد صيام بصورة أسرع من الخيال بقراراته التي لم يجر تفعليها من قبل سمير زاهر وفي نفس الوقت لم تتم محاسبته عليها.. وأخطر هذه القرارات ما شهدته لجنة ترقي الحكام من الدرجة الثانية إلي الدرجة الأولي وهنا تنص اللوائح علي اعتبار الحكم الحاصل علي مجموع85% علي أدني تقدير ناجحا وتجري ترقيته من الدرجة الثانية إلي الأولي. وشهدت كواليس اللجنة قيام عصام صيام بتخفيض النسبة عبر الرأفة لتصبح75% وعلي أثره حاول الدفع بخمسة حكام بل وأبلغ حكمين منهما وهما أشرف فؤاد ومحمد الحسيني من منطقة الإسكندرية, بالتصعيد.. وتسربت الأنباء إلي سمير زاهر الذي بدوره رفض السيناريو في ظل تبنيه سياسات إصلاحية يحاول من خلالها إلغاء انعقاد جمعية عمومية غير عادية تهدف إلي سحب الثقة منه.. وأجبر زاهر عصام صيام علي العودة للوائح ومرت الواقعة مرور الكرام دون حساب لرئيس اللجنة. والمثير أن مسلسل خطايا عصام صيام تضخم بشدة وأصبح يهدد شرعية مسابقة الدوري الممتاز وتحديدا بعد انطلاق منافسات الدوري الثاني بعد إعادته سمير محمود عثمان حكم ساحة وناصر صادق مساعدا وحامل راية لادارة المباريات رغم رسوب كل منهما في اختبارات كوبر سواء بالكاف أو الاتحاد الدولي.. وعدم خضوع أي منهما لاختبار الكوبر المحلي الذي أقيم في نوفمبر العام الماضي قبل قدومه بالطبع لرئاسة لجنة التحكيم. وكان معهما أحمد أبوالعلا لكن الأخير خضع للاختبارات المحلية في التاريخ المشار إليه.. وبالتالي ليس لعصام صيام الحق في إسناد مباريات لهما.. وهنا يفرض واقع جديد وآخر لابد من إلقاء الضوء عليه حول سر هذه المجاملة الصارخة.. فعصام صيام يعتني حاليا بسمير محمود عثمان لصداقته الوطيدة بوالده محمود عثمان والذي يدير لجنة الحكام من الباطن حاليا, وأعاد الرجل سيطرة ونفوذ حازم الهواري عضو المجلس والذي كان والده عزت الهواري أحد الرعاة الرسميين لظهور عصام صيام في عالم التحكيم المصري بالماضي.. ووجود نفوذ لحازم الهواري في لجنة الحكام الآن بات حقيقة واضحة تستفز الأندية الرافضة لتدخل أعضاء المجلس في اللجان, بالإضافة إلي العداء المعروف لناد كبير بقيمة الزمالك مع أي ممارسات آل الهواري في عالم التحكيم بسبب الانتماء المعلن والصريح للعائلة للنادي الأهلي كرويا منذ عدة أعوام.. فيما يعد ناصر صادق أحد الحكام الذين سهلوا من حصول عصام صيام علي رئاسة اللجنة بعد الانقلاب علي رئيسها السابق محمد حسام الدين واجباره علي الاستقالة في يناير الماضي.. وهو ما كان سببا في قدوم صيام الذي يحاول رد الجميل الآن للحكم المساعد مخالفة للوائح. وتعتبر ممارسات عصام صيام سواء في الحاضر أو الماضي من السلبيات التي تحاول ثورة25 يناير القضاء عليها بحثا عن وطن أفضل ومن أهم هذه السلبيات القضاء علي المجاملة والوساطة في جميع الأماكن. ومن ينظر إلي عصام صيام في الماضي قبل ثورة25 يناير أو الحاضر يجد أنه أحد رجالات تطبيق المجاملات والوساطة في إدارة عالم التحكيم المصري ففي الماضي وتحديدا عام2004 له واقعة شهيرة للغاية لم يعاقب عليها رغم خطورتها.. فهو في ذلك الوقت كان يشغل منصب سكرتير لجنة الحكام التي كان يترأسها محمد حافظ والتي تعرف بالأسوأ علي الاطلاق في تاريخ لجان الحكام لما شهدته من أحداث ساخنة جمعت الأندية بعناصر اللجنة من أعضاء أو حكام ووصلت إلي حد الاعتداء الجسدي.. المهم هنا أنه في ذلك العام كان يفترض أن يشرف عصام صيام بعدالة علي اختبارات كوبر لاختيار القائمة الدولية.. ووقتها كان المرشح الأول لتصدر القائمة محمد فاروق أفضل حكم مصري في موسم2004/2003 المثير أن عصام صيام استبعد محمد فاروق من القائمة الدولية بداعي الاتزان وهو مبرر طبي جري إستخدامه للإطاحة بفاروق وتصعيد سمير محمود عثمان صاحب الترتيب المتأخر بدلا منه.. وطالب فاروق سكرتير اللجنة باعادة الاختبار لكنه فوجئ بتجاهل مثير ولم تفلح محاولاته في اللجوء إلي محمد حافظ رئيس اللجنة وجري تصعيد سمير محمود عثمان بدلا منه.. وفتح محمد فاروق النار علي اللجنة وقتها في تصريحات إعلامية أكد فيها أنه ضحية المجاملات والوساطة.. ووقتها تعاطفت معه أندية الصعيد حيث القطاع الذي ينتمي له فاروق بحكم انتمائه لمحافظة بني سويف.. وعصام صيام الحاضر يؤكد أنه يسير علي نفس النهج بعيدا عما تحاول ثورة25 يناير إرساءه في المجتمع المصري.. ولكن هناك تطورا محلوظا في سلوكيات الرجل فهو في عز مجاملته لسمير محمود عثمان وتركه صلاحياته لحازم الهواري في الغرف المغلقة بدأ يعد لقائمة حكام يدينون له بالولاء والانتماء ليقدمهم للملاعب في المقابل تحت مظلة مشروع تطوير التحكيم. ويبقي السؤال: هل يصلح عصام صيام لمنصب رئيس لجنة الحكام؟ وهو سؤال لم يطرحه من اختاروه لهذا المنصب قبل إتخاذ القرار الصادر بعد نجاح ثورة25 يناير في التخلص من رموز نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. فمنصب رئيس لجنة الحكام يحتاج إلي حكم سابق له كاريزما ورحلة تحكيمية عريقة الانجازات وهو عنصر يفتقده عصام صيام الذي لم ينجح علي مدار12 عاما في الفترة بين عامي1986 و1994 في إيجاد مكان له في إدارة مباريات كأس العالم وهي واحدة من أسوأ فترات التحكيم المصري علي الاطلاق وأسقطها التاريخ من ذاكرته بعد ظهور جمال الغندور وعصام عبدالفتاح اللذين صنعا فترة أخري ذهبية بين عامي1998 و2006 ظهر خلالها العلم المصري في3 بطولات كأس عالم متتالية. ومنصب رئيس لجنة الحكام يحتاج إلي شخصية تحكيمية لها هيبتها وحظيت بالتقدير من جانب عناصر اللعبة.. وهي صفة لا ترتبط بعصام صيام الذي يعد بطلا لأسوأ واقعة شغاب عرفتها الملاعب المصرية في حقبة التسعينيات عندما كان يدير حكم ساحة مباراة للإسماعيلي والترسانة في إطار مباريات الدوري الممتاز لموسم1992/1991.. وقتها احتسب قرارا اعترض عليه حمزة الجمل مدافع الإسماعيلي الذي فقد أعصابه في مشادته مع الحكم عصام صيام وقام بالاعتداء عليه بالضرب بالشلوت والصفع علي القفا في حادث لم تشهد لها الملاعب المصرية مثيلا له.. ودب الشغب في المدرجات وأضطرت قوات الجيش للتدخل للسيطرة علي الأمن والحفاظ علي الحكم السابق. ومنصب رئيس لجنة الحكام يحتاج إلي خبرات هائلة في معرفة أحوال اللعبة وكل ما يطرأ عليها من تعديلات وتغييرات.. وذلك في صوت خبير تحكيمي.. وهي عناصر مفقودة لدي عصام صيام الذي ركز اهتمامه في الأعوام الستة الماضية علي العمل في الأندية فمنحه الفريق زاهر عبدالرحمن رئيس نادي الزهور منصب مدير عام النادي لفترة ثم منحه اللواء نبيل ثروت رئيس نادي الشمس وهو أحد فرق القسم الثاني نفس المنصب لفترة أخري.. ولم يكن عصام صيام خبيرا تحكيميا يشار إليه بالبنان حتي بعد ظهور موضة المحلل التحكيمي في القنوات الفضائية التي نالت حقوق بث مباريات الدوري.. كذلك فشل الاستمرار بمهنة المعلق وجري أبعاده من قبل قيادات ماسبيرو لعدة أعوام عن التعليق علي المباريات لسوء مستواه وضعف معلوماته.. وما يؤكد سلامة هذا القرار هو اختفاء صوته من الظهور في القنوات الفضائية.