عند عودتي من الخارج( أغسطس1966), كان من حظي ان أنضم إلي مجموعة محدودة من أعضاء وزارة الخارجية للإعداد لتأسيس, معهد الدراسات الدبلوماسية بهدف تدريب الملحقين الدبلوماسيين الجدد وإعدادهم للعمل الدبلوماسي. وقد عكفت هذه المجموعة علي مدي ثلاثة أشهر, لإعداد برامج المعهد, وكانت الدورة لمدة عامين, وشارك في إعداد هذا البرنامج عدد كبير من أساتذة الجامعات. وفي أكتوبر عام1966 بدأ المعهد عمله, وباعتبار أنه لم يكن له مقر بعد, وفرت أكاديمية ناصر العسكرية العليا مقرا له في داخلها وقدمت له كل التسهيلات لمباشرة عمله. وقد تركت المعهد عام1970, بعد أن كان المعهد قد استقبل دفعتين من الملحقين الجدد, والذين أصبحوا فيما بعد مساعدين لوزير الخارجية بل وزراء وشخصيات عامة. وقد عدت إلي المعهد نائبا للمدير عام1986 وحتي عام1988, خلال هذين العامين, أسهمت مع السفراء أحمد عزت عبداللطيف, وعزيز سيف النصر, في تطوير برامج المعهد وأنشطته لكي يتعدي مجرد تدريب الملحقين الجدد, فيشمل. عقد دورات تدريبية لرؤساء البعثات الجدد وفقا للمناطق المنقولين إليها لاطلاعهم علي أوضاع وعلاقات دول هذه المناطق, فضلا عن الاهتمامات المصرية.. دورات تدريبية للمستشارين التجاريين المنقولين إلي الخارج.. ودورات للملحقين العسكريين. وللدبلوماسيين الأفارقة لمجموعتي الانجلوفون والفرانكوفون.. وتنظيم زيارات للدراسين في المعهد من الملحقين للعواصم الاجنبية الرئيسية لاطلاعهم علي عمل وزارت خارجية هذه الدول, وكذا مؤسساتها التشريعية ومراكزها البحثية. وقد تمنيت في هذه الفترة, ومازلت اتمني ان تتضمنA برامج المعهد, وما تأخذ به اجهزة دبلوماسية في عدد من الدول. منmidtermprograme يستهدف شريحة الدبلوماسيين من سكرتير أول ومستشار بهدف تجديد وتعميق وعيهم بالتطورات والتحولات الإقليمية والعالمية. غير أن من العلامات المهمة في عمل المعهد التي حدثت عندما استثمره وزير الخارجية آنذاك, الدكتور عصمت عبد المجيد لتنظيم ندوة كبري عن دبلوماسية التنمية ودعا اليها كل الوزراء المتصلين بالتنمية, ولكي يؤكد دور الدبلوماسية المصرية في عملية التنمية ومتطلباتها. أما الدكتور بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية أنذآك والذي كان المعهد الدبلوماسي يقع تحت اشرافه, فقد استثمر المعهد في تنظيم الحوار الاستراتيجي مع قوي دولية: الصين, والاتحاد السوفيتي آنذاك, وكذلك الحوار الإفريقي اللاتيني. ونظم في هذا الإطار دوارت حوار متبادلة مع معاهد بحثية صينية وسوفيتية, كان لها دور مهم في تطوير العلاقات مع هاتين القوتين. بحكم هذه الخلفية أتابع أنشطة المعهد وألاحظ بارتياح مواصلته لهذه البرامج, وان كنت آمل, من اجل المزيد من كفاءة الأداء والمؤسسية, ان يعاد إحياء وتفعيل المجلس الاستشاري الذي كان قد شكله الوزير أحمد أبو الغيط للمساهمة في صياغة برامج المعهد وأنشطته. وفي عام1996 وكنت آنذاك مدير التخطيط السياسي بالوزارة, كان المعهد قد مر علي إنشائه أربعون عاما, كتب إلي وزير الخارجية آنذاك يقترح ان ينظم المعهد ندوة يدعو إليها شخصيات دبلوماسية مهنية واكاديمية, حول الدبلوماسية وما جد عليها من تطورات بفعل ثورة تكنولوجيا المعلومات والتحول الذي حدث لطبيعة الدبلوماسية ونقلها من الدبلوماسية التقليدية أو ما سماه مؤرخو الدبلوماسيةhighpolitics إليlowpolitics والتي أصبحت لا تنشغل فقط بالعلاقات السياسية وإنما, امتدت إلي مجالات: التجارة, والاستثمار, الطاقة, والبيئة, والهجرة بل والفرق الرياضية والفنية. غير انه للأسف تدخلت اعتبارات شخصية حالت دون تحقيق مثل هذه الندوة. اليوم وبعد مرور خمسين عاما علي تأسيس المعهد( أكتوبر1966) أجدد الدعوة إلي مثل هذه الندوة, والتي أعتقد انها أصحبت أكثر ضرورة مع تعقد الدبلوماسية العالمية وتعاظم مهام الدبلوماسية المصرية وما هو متوقع منها. سفير سابق