كانت تسريبات الثانوية العامة في العام الماضي, كارثة بكل ما تعنيها هذه الكلمة من معان بحيث أفقدت وزارة التربية والتعليم توازنها, بل وفي الحكومة بأكملها مما دفعها للبحث عن بديل يعوق عمليات التسريب ومفاجآت شاومينج, والتي أشعلت النيران في ثيابها المهلهلة. وكذلك جعلت المواطن يعيش حالة قلقا مستمرا علي مستقبل أولاده, فكانت فكرة دمج ورقتي الأسئلة والإجابة في ورقة واحدة مع زيادة عدد الأسئلة بعد توزيع نقاط كل سؤال بالنظام السابق حتي لا يسمح بتصوير ورقة الأسئلة. ولكن للأسف الشديد, تعاملت الوزارة مع هذا المشروع إعلاميا بجهل وغباء أدي إلي إثارة البلبلة, التي دفعت عددا من الطلاب في التفكير من عدم دخول الامتحان بسبب ضباب هذا الفنكوش. وكنت أتمني أن يتم التعامل مع الموضوع بوضعه في حجمه الطبيعي دون إثارة أو بلبلة فارغة, مثل توضيح الأسباب الفعلية التي أدت إلي التعديل في شكل الورقة, وليس في نظام الامتحان ووضع الأسئلة, لأن معني تعديل نظام الامتحان تعديل في المنهج وهو ما لم يحدث, مما فاقم حالة الارتباك الذي تعيشه الأسرة والطالب معا. فهناك أخطاء فنية في الشكل الجديد لا يمكن التغاضي عنها, ومنها علي سبيل المثال: عدم تجانس جزئيات الامتحان, فهناك جزئيات قدرت بدرجة مثل الاختيار المتعدد, وهناك جزئيات أخري قدرت أيضا بدرجة رغم أنها تحتاج إلي أكثر من ذلك, وذلك لطبيعة السؤال مثل أسئلة المقارنة والتعليل والتفسير التي تحتاج إلي إجابة طويلة, رغم أن تصريحاتهم حول الفنكوش بأن أسئلة المقال تكون ذات إجابات قصيرة, بينما ما تم طرحه علي موقع الوزارة من نماذج تجريبية كانت في معظمها أسئلة مقاليه تحتاج إلي إجابات طويلة. وهناك مشكلات أخري تتعلق بالمواد في تطبيق الفنكوش عليها مثل الرياضيات التي تعتمد اعتمادا كليا علي المسائل, والتي تكون الإجابة والدرجة موزعة علي الخطوات وصولا إلي النتيجة والحل ولا يصلح فيها نظام الاختيار المتعدد. كما أن هناك مشكلات أخري تتعلق بعمليات التصحيح وتوزيع الإجابات علي المعلمين, وهذا يطرح سؤالا كيف سيتم توزيع(60) الستين جزئية علي المعلمين المشاركين في تقدير الدرجات وهل كل مجموعة من المعلمين ستكون مسئولة عن تصحيح النماذج الامتحانية الأربعة علي اعتبار أنها تشتمل علي نفس الأسئلة وتختلف في طريقة توزيعها أم سيتولي كل مجموعة من المعلمين تقدير نموذج واحد, وهذا يتطلب إعادة تصنيف أوراق الإجابة, ليس حسب الرقم السري بل سيكون حسب نموذج الامتحان, ولحل تلك المشكلة وتقليل نتائجها السالبة لتطبيق هذا النمط يمكن الاكتفاء بنموذجين فقط بدلا من أربعة والتي سيعاني منها الملاحظ إثناء توزيع الكراسات وجمعها بعد انتهاء مدة الامتحان والكنترول أثناء تسلم الكراسات. وكنت أتمني أن يتم وضع دراسات دقيقة لكافة مشكلات البوكليت قبل التنفيذ حتي لا تحدث مشكلات أكبر من التسريبات والتي قد تؤدي إلي ظلم الطالب مثل تدريب الطالب من خلال التطبيق علي امتحانات الصف الأول الثانوي بفصليها الدراسيين, وأيضا الصف الثاني الثانوي وصولا إلي الثانوية العامة مما يؤدي إلي تجنب المشكلات التي تظهر أثناء التنفيذ بالامتحانات الأربعة خلال عامي النقل من المرحلة. واقع الحال إن هذا نتاج طبيعي للقرارات العشوائية والمتخبطة التي عاشتها وزارة التربية والتعليم خلال الفترة الأخيرة, والتي أفقدت المواطن ثقته في التعليم المصري, لذلك أتوقع أن تتوالي هذا العام العديد من المشكلات الفنية والإدارية والتي سوف تؤثر بدورها علي نتائج الامتحانات أكثر من قضية التسريبات تلك.