في الوقت الذي كانت تتصاعد خلاله حدة التوتر في منطقة الخليج, علي خلفية الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين, وتلك المستمرة في اليمن حتي الآن, وما تبعها من تصعيد بين إيران ودول التعاون الخليجي وصل الي مخاطبة مجلس الأمن. لوضع حد للتدخل الإيراني في الشأن الخليجي.. جاء انعقاد المؤتمر السنوي لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي ليركز علي قضية أساسية تتعلق باستشراف مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ضوء المتغيرات والمعطيات الراهنة اقليميا ودوليا. وعلي مدي ثلاثة أيام, ومن خلال خمس جلسات, وست عشرة ورقة بحثية, نوقشت من جانب خبراء عرب ودوليين من بينهم الأمير تركي الفيصل رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وكولين باول وزير الخارجية الأمريكي الاسبق وياب دي هوب شيفر الأمين العام السابق لحلف الناتو وسلطان بن ناصر السويدي محافظ بنك الإمارات المركزي تم استعراض خريطة طريق لمستقبل التعاون الخليجي من خلال طرح أفكار غير تقليدية من بينها إنشاء جيش خليجي موحد, وامتلاك قوة نووية. وتضمنت خريطة الطريق التأكيد علي أن المشاركة السياسية الفاعلة أصبحت مطلبا لتحقيق التنمية وإرساء الاستقرار.. وفي نفس الوقت طالبت بأن تقوم الرؤية الاستراتيجية الخليجية علي متطلبات أساسية من أهمها: تعزيز المرونة المحلية, وزيادة الحوار الدبلوماسي مع الشرق والغرب وتعزيز منظومة الأمن الإقليمي, والتركيز علي الدبلوماسية الرسمية والتقليل من الاعتماد علي الدبلوماسية الشخصية وصياغة الرؤية الاستراتيجية والعالمية الضرورية للمشاركة علي الساحة الدولية. وأكدت مناقشات المؤتمر أن مجلس التعاون الخليجي يواجه انكشافا أمنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وبالتالي فإن مستقبل العمل الخليجي المشترك لابد أن يأخذ في الاعتبار العمل علي التحول الي اتحاد علي غرار الاتحاد الأوروبي, وانشاء جيش خليجي موحد, وامتلاك قوة نووية تواجه القوة الإيرانية, في حالة فشل الجهود الدولية من منع إيران من امتلاك سلاح نووي, كما يلزم بناء القوة الداخلية, ومراجعة السياسات التي سمحت بأن تصبح دول المجلس سوقا لعمالة العالم, وأن يتم تعزيز مفهوم المواطنة, ودعم المواطنة الخليجية. وفي اشارة الي أهمية عامل الوقت لمواكبة المتغيرات المتسارعة تم توجيه انتقاد للمسيرة البطيئة في التعاون والتكامل الخليجي, مع الدعوة الي الإسراع في اتخاذ خطوات وحدوية كونفيدرالية, تضمن تحقيق تطلعات شعوب الخليج, والعمل علي إنشاء محكمة عدل خليجية تحل المنازعات, وتزيل العوائق الإدارية والبيروقراطية التي تحول دون التكامل بين مواطني الخليج. وارتباطا بوحدة المصير الخليجي تضمنت خطة الطريق الدعوة الي مراجعة مفهوم السيادة الوطنية الذي قد يقف عائقا أمام نجاح أي عمل جماعي, وفي هذا الاطار يمكن الاستفادة بتجارب استجابات دول المجلس للتحديات التي واجهت بعض أعضائه, كسلطنة عمان ومملكة البحرين, ومن قبل التصدي لغزو العراق للكويت. وأكدت مناقشات المؤتمر أهمية تكريس مفهوم المواطنة في دول مجلس التعاون, والارتقاء بمنظومة التخطيط الاستراتيجي, ومنح المواطنين أولوية في سوق العمل, وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار.. مع الاخذ في الاعتبار أن دول التعاون الخليجي لديها ديمقراطية خاصة بها متأصلة من الجذور ومتعمقة في تقاليد الأوطان وليست وليدة اليوم, وهذا لا يمنع من أنها تتطور يوما بعد يوم بما يتوافق مع التقدم في التنمية, وتعتبر دولة الإمارات نموذجا واقعيا لهذه الديمقراطية.