يبدو أنه في خضم كل ما يحدث من حراك سياسي, واعتصامات واحتجاجات, ومحاكمات ومساءلات, مازالت القضايا الخاصة بالفروق أو أوجه التشابه بين الرجل والمرأة تلقي الجانب الأكبر, أو فلنقل الجانب ذا الاستمرارية الأطول في اهتمامات الناس فقد يحلم الناس بالتغيير. وقد يتحقق وقد لا يتحقق وقد تمني الكثيرون المزيد من الترجمة الحقيقية للديموقراطية علي أرض الواقع, وقد يحدث هذا وقد لا يحدث وقد يساند البعض الدكتور محمد البرادعي في محاولته تحريك المياه الراكدة, وقد تتحرك وقد لا تتحرك, لكن المؤكد في كل ذلك هو بقاء قضية الرجل والمرأة وما يتعلق بهما من قضايا اختلاف واتفاق حاضرة في الأذهان قد تخبو أحيانا لتحل محلها قضايا آنية ومهمة, لكنها سرعان ما تقفز إلي سابق موقعها في أول فرصة وقد بدا هذا واضحا الأسبوع الماضي, وذلك من خلال عدد من الرسائل التي وصلتني من عدد من القراء من الجنسين, بين مؤيد لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في الثرثرة, أو شاجب لمجرد الزج باسم الرجل في قضية نسوية تافهة مثل الثرثرة, وبين مؤكد لنظرية ميل الرجل للثرثرة أكثر من المرأة القارئ العزيز محمد سعد منصور( ليسانس آداب دفعة2005) يعترض علي التعميم في مسالة مثل الثرثرة, والتي يسميها الكل أمام الكل وهو يقول أن الجزء في الأصل جزء من الكل, وبالتالي لا يصح أن نتخذ كل الرجال نقطة الانطلاق لقاعدة عامة ويضرب مثالا علي لك بقوله انه في حال تعرضه للنشل في محافظة ما, فإنه يكون من غير الجائز أن يطلق حكما قوامه أن كل أهل هذه المحافظة هم اللصوص لمجرد أن أحدهم لص وبالتالي وما زال الكلام للقارئ العزيز محمد فإن هناك من الرجال من يحمل سمة الثرثرة, كما أن هناك من النساء من يحملن السمة ذاتها وأنا أتفق معك يا صديقي تماما في انه لا يجوز التعميم في إصدار الاحكام, مثل المثل الذي ضربته عن النشل والسرقة, لكننا في الوقت نفسه لا يمكن أن ننكر وجودنظريات تبني علي أساس ميل مجموعة بعينها من الناس تشترك في سمات ما, فمثلا تؤكد دراسة بريطانية أن النساء أكثر عرضه للكوابيس من الرجال لأنهن يواجهن صعوبة في تجاهل مشاعرهن في نهاية اليوم, وقبل أن يخلدن إلي النوم, علي عكس الرجال الذين وجدتهم الدراسة أكثر ميلا إلي ترك مشاعرهم جانبا قبل النوم هذه نتائج دراسة علمية, ورغم ذلك, فهناك بالطبع رجال لا يستطيعون القيام بعملية الفصل تلك, وبالتالي يكونون أكثر عرضة للكوابيس إذن هناك اتجاهات عامة, وهناك دراسات, ونظريات تشير إلي ميل فئة أو نوعية أو نوع من الناس إلي التصرف بطريقة معينة, أو المعاناة من مشكلة بعينها, لكن هذا لا ينفي وجود أشخاص من فئة اخري ولكنهم يتصرفون بالطريقة ذاتها, أو يعانون مشاكل متطابقة. رسالة اخري من قارئة اكتفت بتعريف نفسها بأنها ياسمينة الوادي( تسمية جديدة فعلا) تقول أن لديها زملاء رجال في العمل يميلون إلي الثرثرة بشكل صارخ تقول: والله الدنيا كلها ظلمانا! يقوون أن النساء أكثر ثرثرة وحبا للرغي من الرجال, وأن مخهن فاضي, وبالتالي لا يجدن ما يملأنه به سوي الكلام ورغم ذلك, فإن التجارب من حولي تؤكد العكس فعدد كبير من الزملاء من الرجال في العمل يمضون جزءا كبيرا من ساعات العمل في الثرثرة والقيل والقال في المقابل فإن النساء والشابات من زملائهم يمضين يومهن في عمل متواصل وتضيف القارئة الياسمينة بأن ذلك ربما يعود إلي كونهن نساء مسئولات عن بيوت وأطفال, ولديهم رغبة عارمة في إنجاز أعمالهن دون إهدار الوقت الثمين علي أمل أن ينتهين من العمل في وقت الانصراف ليهرعن إلي بيوتهن ويكملن يوم أعمالهن المنزلية والتربوية أما الرجال فلا شغلة ولا مشغلة والكلام ما زال لياسمينه الوادي إذ يتعمدون التأخر في العودة إلي البيت, حتي لا يطلب منهم إنجاز أي أعمال البيت فيمعنون في التأخر والتلكع, ويعودون إلي البيت بعد انتهاء الزوجات من تجهيز الطعام, وبعدها منهم من يخلد للنوم حتي يستعد للسهر علي القهوة, أو من يستسلم للتليفزيون لحين انتهاء اليوم وعموما هذه قضية أخري, نصيب كل من الرجل والمرأة في أعمال البيت وهل قيام الرجل بجانب من أعمال البيت فيها إهدار أو جرح لرجولته؟ وهل تركه زوجته تعمل موظفة صباحا, وسندريلا بعد الظهر, ومربية أطفال ليلا عدل؟ الله أعلم! [email protected]